مصر تخسر سياحيًا!!
اتصلت بي وزيرة عربية "سابقة" للسياحة، كانت بلادها تمر بفترة عصيبة عندما تولت هذا المنصب، تطلب مني نقل رسالة للوزير الأول - حسب قولها - (رئيس الوزراء)، أكدت لها أني لا أعرف سيادته شخصيا، وأضفت لها هناك وسائل لتوصيل رسالتك عبر طرق عديدة قد تكون أجدى مني؛ لأنني مثل كل المصريين البسطاء أسمع عن تحركاته ولا أعرفه، وأقرأ عن أخباره وأشاهد صوره في محطات التلفاز والصحف ووسائل الإعلام الأخرى، حتى أنني لا أعرف الكثير عن اتجاهاته أو توجهاته، سوى أنه كان رئيسا لإحدى كبرى شركات المقاولات، ووزيرًا للإسكان.
قاطعتني وتحدثت "قائلة": أحزن على حال السياحة في مصر وما آلت إليه أحوالها، وهناك عدة نقاط لا بد من مناقشاتها وإيجاد حلول جذرية، إن أرادت مصر الحفاظ على مكاناتها في الأسواق الدولية المصدرة للسياحة؛ حيث لاحظت مؤخرا أن منظمي الرحلات غير متحمسين للمقصد المصري، بل عندما سألت أحدهم، أكد لي أن مصر تباع "رخيص"؛ بسبب المنافسة الشرسة في الأسواق المصدرة للسياحة، ولأسباب أخرى متعلقة بجودة المنتج السياحي المصري، وتحذيرات بعض الدول من زيارة مصر، لاحظت أيضا أن العاملين في مكاتب مصر السياحية في الخارج غير مؤهلين لعمليات الاتصال التسويقي المباشر، وأن الرسالة الاتصالية لا تصل إلى مستهدفيها بشكل واضح، ومصر تعتمد على شركات العلاقات العامة في الترويج كأسلوب اتصال.
قلت لها إن هذا يعتمد على طبيعة السوق وحجمها، وأن تصريحات وزير السياحة خالد رامي، تؤكد عكس ذلك، فقد نشرت الصحف مؤخرا، أن مصر حققت طفرة في الأرقام؛ حيث سيصل عدد الأجانب الذين زاروا مصر نحو 11 مليون سائح بنهاية العام.
ردت بدهشة.. سيدي أنت تعلم أن هذه الأرقام قد تتغير وتتبدل طبقا لظروف ومعطيات السوق، ولا أشكك في كلام أحد بل أؤكد لك أن مصر أصبحت في حاجة إلى أساليب ترويجية تختلف عما في السابق، وهذا سبب الاتصال بك؛ لأنني قرأت لك مقالا تتحدث فيه عن ضرورة وجود سياسات تسويقية غير تقليدية.
واستطردت: مصر تمتلك كل المقومات السياحية التي تؤهلها لأن تكون الأفضل دائما، وإن توافرت لها كوادر بشرية مدربة بعيدا عن سماسرة السوق، الذين يضغطون على الفنادق والشركات المصرية لبيعها بأبخس الأسعار، تجيد عمليات البيع والاتصال المباشر في الأسواق الخارجية من خلال مكاتب مصر السياحية، ستكون النتائج مبهرة، بالإضافة إلى أن القطاع الخاص المصري غير مؤثر في تلك الأسواق، ولا يملك أي وسائل ضغط لتغيير اتجاهات السوق أو سياساته.
وأضافت: حان الوقت أن يتكاتف رجال السياحة في مصر؛ لتأسيس شركات تسويق في الخارج، تساهم في جذب السياحة إلى مصر، بالإضافة إلى شركات علاقات عامة شأن ما فعله الأتراك في أوربا.
وقبل أن تنهي مكالمتها، تأكدت أننا نسير في الطريق الخطأ، وأننا نخسر بسبب القرارات العشوائية مثل غلق 6 مكاتب بالخارج، بعد أن كان لدينا 17 مكتبا يعملون في 33 سوقا، أصبح لدينا 11 مكتبا بدعوى تقليل النفقات وترشيدها، وكنت أتصور أن الإصلاح يكمن في استقلال مكاتب السياحة عن السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج، ليصبح "المكتب الوطني للسياحة"؛ حتى يستطيع أن يقوم بواجباته المهنية - وهذا حسب رأي الخبراء - سيقلل النفقات والمصروفات، وأن يتحكم في مستوى موظفي المكاتب وكيفية إدارتها دون تكليف الدولة أعباء؛ نتيجة فسخ تعاقدات موظفين "فشلة"، وعبء على السياحة كصناعة، بالإضافة إلى مراجعة برامج الطيران الشارتر الذي يكلف الدولة الكرسي "الخالي" في رحلة تستغرق من 4 إلى 5 ساعات، 200 دولار.
بالفعل أصبحت لديَّ رغبة شديدة في نقل الرسالة إلى رئيس وزراء مصر؛ لعله يراجع تلك الملفات الشائكة التي بسببها تخسر مصر سياحيًا.
بالفعل أصبحت لديَّ رغبة شديدة في نقل الرسالة إلى رئيس وزراء مصر؛ لعله يراجع تلك الملفات الشائكة التي بسببها تخسر مصر سياحيًا.
s.aldemerdash@gmail.com