رئيس التحرير
عصام كامل

«حماس» باعت القضية.. وإحنا مالنا


يجمع الكذب و"التقية" الدول الاستعمارية وراغبي التمدد على حساب دول أخرى، وأذنابهم من منفذي خطط التآمر، وعند النظر إلى إيران وتركيا وقطر ومعهم "حزب الله" و"حماس"، نجد أن قياداتها شخصيات "حنجورية" تبرر جميع المؤامرات والاتفاقات والتدخلات في شئون الغير، بأنها طريق إلى تحرير "القدس"، وتلجأ في ذلك إلى خطابات حماسية تؤثر بها على البسطاء، ممن لا يتوقفون أمام الأكاذيب ويتفاعلون مع الكلمات، علها تصدق وتكون خطوة لتحرير فلسطين.


إيران الصفوية تنعت أمريكا بالشيطان الأكبر، وإسرائيل بالعدو اللدود المغتصب، وأنها لن تهدأ إلا بتحرير القدس، لكن الحقيقة أنها تنفق المليارات للهيمنة على الدول العربية الواحدة تلو الأخرى، وتدعم الفوضى في باقي الدول عن طريق المليشيات والخلايا النائمة، وقد تزامن سقوط إحدى خلاياها في الكويت قبل أيام، مع الكشف عن وصية مرشد الثورة الخميني، التي نشرتها مجلة "الدستور" اللبنانية في 1 أغسطس 1983، وفيها يقول: "إيران الجديدة سوف تفتح أبوابَ العالم، لكننا نحتاج إلى الحرب لتطهير مجتمعنا، وحتى لو انتهت الحرب مع العراق، علينا أن نبدأ حربًا أخرى في مكان آخر".

ويتابع: "أحلم أن يعطيني الله عمرًا كافيًا؛ لكي أشاهد علَم إيران يرفرف على بغداد وعمان، وأنقرة والرياض، ودمشق والقاهرة، والكويت ومسقط... حتى كابول وكراتشي".

الوصية إذن تتلخص في إعادة إمبراطورية فارس، التي تستخدم إيران من أجل تحقيقها "حزب الله" و"حماس" و"الحوثي" وبقية العملاء، والأمر نفسه ينطبق على الإخواني أردوغان، الذي يسعى لاستعادة السلطنة العثمانية الغابرة، وكل منهما يبرر الخطط الاستعمارية، بأنها السبيل لتحرير القدس.

كلنا نعرف أن وجود "حماس" أكبر ضمانة لأمن واستقرار إسرائيل، باعتبارها خنجرا في خاصرة الفلسطينيين، وسبب الانقسام والتغريد بعيدا عن السلطة الشرعية.. "حماس" الناكرة للجميل المصري، تتجاهل تضحيات أم الدنيا وخوضها الحروب دفاعًا عن فلسطين، وأصبح همها الوحيد ضرب مصر عن طريق أنفاق الخيانة والغدر والسرقة، ولما سعت مصر إلى حفظ الأمن القومي بإغلاق بوابة جهنم، بدأ السعار "الحمساوي" بتصريحات كاذبة وتهديدات فارغة.

"حماس" التي تحالفت مع المتآمرين علينا، وعاونت الإرهابيين واقتحمت السجون، وأشعلت الحرائق وقتلت الجنود، خسرت شرفاء العرب حين أقحمت نفسها في صراعات أكبر منها، وأرادت لعب دور الدولة فأضاعت قضيتها الأساسية، ولم تجد أمامها إلا المتآمرين في قطر وتركيا، ثم سعت مجددا إلى إيران؛ علها تنال شيئا من الرضا بعد الاتفاق النووي الإيراني - الأمريكي.

"حماس" أنكرت مرارا الاتفاق مع الإخوان وإسرائيل على بيع القضية الفلسطينية، مقابل إعلان إمارة "غزة الإخوانية" على أرض القطاع وجزء من سيناء، فاعترف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأن المعزول مرسي عرض عليه الأمر، لكنه رفض التفريط في حل الدولتين، ما جعل إسماعيل هنية يصرح بأن "حماس لن تقبل بدولة في غزة على 2 في المائة من أرض فلسطين، ولن نتخلى عن دورنا في تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي".

التصريح الحنجوري المعتاد، قابله آخر عنتري أضحكني من شر البلية، أدلى به "الحمساوي" محمود الزهار، القريب من إيران؛ حيث أكد على أن "حماس لديها جيش حقيقي قادر على تحرير فلسطين، وأن هذا الجيش هزم إسرائيل العام الماضي وأذاقها الويل"!!

"حماس" وأمثالها يعيشون الأوهام؛ لأن ما يعرفه العالم أن إسرائيل دمرت نصف غزة وقتلت الآلاف، ولم تفقد من جيشها إلا العشرات، ووقتها كانت "حماس" تصرخ مستنجدة بمصر لإنقاذها من القصف الإسرائيلي.
 
قبل أيام، أكملت "حماس" بيع القضية وانقلبت على الشرعية ممثلة في الرئيس عباس؛ حيث أبرمت اتفاقا مع حكومة نتنياهو برعاية توني بلير، يتضمن "موافقة إسرائيل على إنشاء منفذ بحري تحت مراقبتها؛ لتسهيل حركة سكان القطاع، ورفع الحصار عن غزة، والسماح للعمال بالتنقل بينها وبين إسرائيل، مقابل توقف حماس عن حفر الأنفاق وإطلاق الصواريخ، والتوقيع على هدنة 8 سنوات على الأقل".
 
بهذا الاتفاق، تحكم "حماس" سيطرتها على القطاع بالعمل بعيدا عن السلطة الشرعية، وتمنح إسرائيل فرصة ذهبية لعدم قبول حل الدولتين على حدود 1967 في ظل الانقسام الفلسطيني.. لكن ما يعنينا هنا كمصريين، أن ننأى بأنفسنا عن كل هذا، ونستمر في تأمين حدودنا، ونسف الأنفاق وعدم فتح معبر رفح؛ لأن لديهم منافذ أخرى مع إسرائيل، وإذا هم باعوا بلدهم عن "طيب خاطر"، فإحنا مالنا.. "يصطفلوا بالقضية"!!
الجريدة الرسمية