رئيس التحرير
عصام كامل

محلل سياسي سعودي يفتح النار على الإخوان.. سلمان الأنصاري: الجماعة تعاني الانفصام والمملكة لن تتسامح معها.. التعامل مع حماس والإصلاح «مجرد احتواء».. و«الإرهابية» تشكل تهديدًا وجوديً

الملك سلمان بن عبدالعزيز
الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود

شن الكاتب والمحلل السياسي السعودي، سلمان الأنصاري، هجومًا على جماعة الإخوان، معتبرها كيانًا متشرنقًا وغير سوي يعانى من الانفصام.

وأكد في مقال خاص لموقع «سي إن إن»، أن بلاده لن تتسامح مع تيار الإخوان، لخطورته على المملكة.


انفصام وحالة مستعصية
وقال الأنصاري في مستهل المقال: "تيار الإخوان الفكري في السعودية يعتبر حالة مستعصية وكيان متشرنق وغير سوي، فتمازج الفكر السلفي مع فكر الإخوان لدى الشخص الواحد يسبب نوعًا من الانفصام الأيديولوجي ويتحول الخطاب الدعوي بدوره إلى خطاب متوزع الأدوار على حسب متطلبات المرحلة وقوة السائد".

قات إخوانى
وأضاف أنه من المعروف أن تنظيم الإخوان يصنف في السعودية كحزب إرهابي، رغم تصاعد أصوات بعض المنتمين له بتخفيف القيود الأمنية على فكرهم الحركي والسياسي، كما لو كانوا يحاولون أن يصوروا تيارهم على أنه "القات الإخواني" الأخف ضررًا من الهيروين الداعشي أو الكوكايين القاعدي، فبرأيهم يجدون أن تيارهم المتعدد الأوجه يساعد في احتواء المتطرفين بطريقة "فداوها بالتي كانت هي الداء!"

أشد خطورة
وقال: "لا أبالغ إن قلت إن التيار الإخواني في السعودية أشد خطرًا من غيره، وذلك بسبب حال الانفصام (الإخواسلفي) فمن المعروف أن تنظيم الإخوان لديه مرونة فقهية تتشكل بحسب متطلبات المرحلة، وهي مرونة أكبر نسبيًا مما لدى السلفية التقليدية، وبالإضافة إلى أن لدى هذا التيار الإخواني رؤية سياسية وحركية وأطماعًا سلطوية لا يحيد عنها بعكس التيار السلفي المعتدل الذي يرفض التدخل في شئون الحكم، ولا يتسامح – لا من قريب ولا من بعيد - مع الأفكار الخوارجية الداعية لشق يد الطاعة عن ولاة الأمر".

جمود الفكر
وأضاف: "لذلك تجد السعودي الإخواني سلفيًا في الشئون الفقهية، ولا يقبل أي مرونة فقهية، وبالذات في شئون المرأة وأمور اجتماعية أخرى، لدرجة أن إخوان الخارج يتعجبون من جمود إخوان السعودية، ولكن لا أستبعد تفهمهم مواقف فروخهم وجيوبهم الزئبقية".

وفي الاتجاه الآخر تجده إخواني الهوى في الشأن السياسي والحركي، ويحاول إحراز النقاط والتكسب سياسيًا من خلال استخدام الدين.

وأشار إلى أن الدين كما هو ملاحظ هو المحرك الرئيسي للمجتمعات المحافظة كالسعودية، ومن خلاله يتم إقناع الجماهير بالأجندة السياسية السرية والمخفية وراء الأقنعة الدعوية السرورية.

مرحلة سيئة
وأكد أن إمساك السعودية خيوط التيارات لا يعني بالضرورة تبنيها إحداها، وذلك ما لم يستوعبه أفراد الإخوان السعوديون الذين يعيشون حاليًا أسوأ مراحلهم الحزبية بعد أن أسقطوا أقنعتهم بأنفسهم أمام الجماهير خلال فترة الربيع العربي أو ما أفضل تسميته "الجحيم العربي".

تهديد وجودي لمصر
وقال: "من الواضح أن حزب الإخوان وصل إلى أدنى درجة مرحلية في مقرهم الرئيسي في جمهورية مصر العربية، التي كانت بين قوسين أو أدنى من الدخول تحت المظلة الإيرانية الثورية، فقد كانت مصر معرضة لخطر قومي ووجودي ومهدد لهويتها العربية والعقائدية بعد أن تلاقت «مصر المرشد» مع «إيران الفقيه» في الكثير من النقاط، وبعد أن تم توقيع اتفاقيات اجتماعية وسياحية واقتصادية بين مصر وإيران، وكلنا نعلم أن التفاهمات الاجتماعية الإيرانية هي في الأصل مذهبية التوجه وثورية الهوى".

وأضاف: "هذا ما ثبت بعد أن تم إركاع مفاصل المناعة السيادية لدى مصر لأول مرة لإملاءات إيران الفقيه في فترة حكم حزب الإخوان البائد".

وتابع الأنصاري: "وأشار إلى أن إيران اعتبرت مصر المرشد أفضل حليف مرحلي لتصدير ثورتهم ومذهبهم السياسي المتمثل بعقيدة الولي الفقيه، والعمل على ذلك بهدوء كما تم مع السودان واليمن، حتى تم سحب البساط الشيرازي من تحت أقدامهم من قبل حزم الملك سلمان بن عبدالعزيز".

حكومة المرشد
وقال: "فحينما كان معظم أفراد الشعب المصري يتضور جوعًا ومحرومًا من أبسط حقوقه وبمستوى أمية قارب الـ40% نجد حكومة مصر المرشد المتوشحة بلباس الديمقراطية المنسوجة بخيوط الثيوقراطية تغير هوية الدستور وتطوع نظام القضاء لمصلحتها، وتطعّم البرلمان بمن يتماشى مع توجهاتها ولو كانوا من الأحزاب الأخرى، ثم بعد كل هذه الخروق اللاديمقراطية نجدها تمد يديها اليمنى واليسرى وقلبها وعقلها لإيران الفقيه بكل صفاقة لاستفزاز معظم دول الخليج وفرض واقع جديد في الشرق الأوسط".

جيوب مقنعة
وأكد: "وبالإضافة لكل هذا لم تمر عدة أسابيع بعد دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمصر بـ3 مليارات ريـال حتى قامت حكومة مصر المرشد بتحريك جيوبها المتقنعة بالدعوة الإسلامية خصوصًا في كل من السعودية والإمارات والأردن والكويت لتقوية عملائهم المتأخونين من الشق السياسي والعسكري والدعوي لاستخدامهم كأوراق سياسية مستقبلية".

تغريدات مسمومة
وتابع الأنصاري: "الأمثلة على ذلك متعددة وأوضح من قرص الشمس في السماء الصافية ساعة الظهيرة، فكلنا سمعنا صراخ الحركيين في المنابر وهم ينادون بالخلافة وكلنا قرأنا تغريداتهم المسمومة ومقالاتهم وبياناتهم المنادية بتبني هذا الفكر الحركي، وكلنا أيضا شهدنا كيف أنهم حاولوا تقزيم أدوار أوطانهم وبعضهم وصل به الأمر لتكفير وطنه وولاة أمرة بنعتهم بالصهينة والخيانة والعمالة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".

وقال: "بالإضافة لكل ذلك نجدهم يعيثوا ويغالوا في تعظيم أساطينهم القديمة، كسيد قطب وغيره ممن لم يتورعوا في التكفير الأعمى للأمة ورجالها وعلمائها، فقط لإبراز حزبهم الهش كالممثل الحقيقي والوحيد للإسلام".

مخططات الإخوان
وأضاف: "باختصار، من المهم ذكر أنه من الملاحظ أن الكثير من السعوديين بدءوا استيعاب مخططات الإخوان أكثر من أي وقت مضى، فالشعب السعودي واعٍ ولا يتسامح فيمن يستخدمه كوسيلة ضغط على قيادات وطنه، وهو حتمًا ليس ساذجًا لدرجة أن يختزل الدين الإسلامي العظيم في حزب سياسي كالإخوان كما يريد المنتمون لهذا الحزب تصديره بفكرة أن موقفك من الإخوان يحدد موقفك من الإسلام".

الفكر المعتدل
وقال الأنصاري: "في الفترة الراهنة يجب التعويل على حجم الاستثمارات التعليمية في المواطن السعودي الذي أصبح واعيًا بمن يستخدم الدين لأهداف حزبية ضيقة، والتعويل الآخر هو في الحراك الفكري السعودي المعتدل وفي وجود الرغبة لدى الشعب والقيادة لتحسين وتطوير الخطاب الديني والاجتماعي لتقوية لحمة وترابط هذا المجتمع الذي يأبى أن يتم اختطافه من قبل الأحزاب السياسية المتأسلمة".

الرحمة والنسيان
وأضاف: "باختصار أشد، أرى أنه مخطئ من يعتقد أن للإخوان عودة حقيقية إلى دائرة الثقة السياسية السعودية، حتى وإن ظهر ما يشبه عكس ذلك من خلال تعامل المملكة الاحتوائي مع ملفات خارجية وإقليمية كجماعة الإصلاح في اليمن أو حماس في غزة، قلب المملكة كبير ولكن رحمتها لا تعني نسيان المتسببين بالتهديدات الوجودية كيانها في أي حال من الأحوال، وعلى ذلك أراهن".
الجريدة الرسمية