رئيس التحرير
عصام كامل

يا سيسي.. حكومة محلب معادية لك ولشعب مصر؟!


حكومة محلب من تكون؟ ومن أوجدها؟ وعن مصالح من تعبر؟ وعن من تدافع؟ وما هي انحيازاتها الحقيقية؟ وما هو المشروع الذي تتبناه وتعتمد عليه في وضع السياسات الرئيسية التي تدار بها الدولة؟. 


هذا السؤال المركب نطرحه أمام الرأى العام المصرى، ونحاول الإجابة عنه بطريقة علمية موضوعية، من خلال الأدلة والبراهين حتى لا نتهم بالتحيز ضد أحد أو بالتجنى على أحد وحتى نضع كل مسئول أمام مسئوليته، ونكون بذلك قد مارسنا حقنا الدستورى في النقد البناء والتوجيه السليم للقيادة السياسية.

وفى محاولة الإجابة عن السؤال المركب الذي طرحناه يمكننا التأكيد بما لا يدع مجال للشك أن حكومة محلب هي امتداد طبيعى لحكومات الحزب الوطنى ونظام مبارك الذي خرج عليه الشعب المصرى في 25 يناير 2011 مطالبين برحيله بعد أن فشل على مدى ثلاثة عقود كاملة في إحداث أي تغيير أو إصلاح سياسي أو اقتصادى أو اجتماعى أو ثقافى، وهو ما أدى إلى تدهور أحوال الغالبية العظمى من المصريين وسقوط الملايين منهم من فوق السلم الاجتماعى واستقرارهم في قاع المجتمع وتحت خط الفقر، وبالتالى كانت الثورة عليهم وعلى سياساتهم الفاشلة.

فالحكومة الحالية قوامها الرئيسي من رجالات مبارك من الصفوف الخلفية ومحلب ذاته عضو لجنة سياسات الحزب الوطنى التابعة للفتى جمال مبارك الذي حلم هو وأمه وأبوه بالتوريث وإمكانية الصعود لمقعد الفرعون على حكم مصر لكن المصريين أجهضوا هذا الحلم وحولوه إلى كابوس.

هذا بالنسبة لمن تكون حكومة محلب أما بالنسبة لمن أوجدها فلا جدال أنه الرئيس عبد الفتاح السيسي فمنذ 30 يونيو 2013 وهو صانع القرار الحقيقي داخل المنظومة الحاكمة للمجتمع المصرى فهو من أتى بحكومة الببلاوى الفاشلة التي كتبنا عنها منذ اللحظة الأولى أنها حكومة انتقالية بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وجاء محلب وبعض رفاقه من رجالات مبارك ضمن تشكيلها، ثم جاء به رئيسا للحكومة وعندما تم انتخابه رئيسا كان بإمكانه تغيير هذه الحكومة التي هي من رجالات مبارك وولده لكنه أصر على بقائها وهو ما يعنى قناعته بها وبأنها قادرة على تنفيذ برنامجه الانتخابي ومشروعه المجتمعى إذا كان هناك ثمة برنامج أو مشروع.

وفيما يتعلق بالسؤال عن مصالح من تعبر هذه الحكومة فسياساتها واضحة أشد الوضوح فهى تعبر عن مصالح رجال المال الذين نهبوا وسرقوا ثروات الوطن وخربوا الاقتصاد الوطنى عبر العقود الأربعة الماضية، وتسعى الحكومة إلى تكريس سيطرتهم وهيمنتهم التي اهتزت بقوة منذ 25 يناير.

أما بالنسبة للسؤال عن من تدافع فهى بالقطع تدافع عن النظام القديم الذي تقوده شريحة طبقية محدودة تقف أعلى السلم الاجتماعى المصرى، وضد الغالبية من شعب مصر الذي خرج ثائرا على هذا النظام وطالب بإسقاطه وتغييره.

وبالطبع انحيازات هذه الحكومة لهؤلاء الذين ينتمون إليهم وأصحاب فضل عليهم وليس للفقراء والكادحين والمهمشين في هذا الوطن فضل يذكر على هذه الحكومة وبالتالى كل انحيازاتها ضد هؤلاء فالحكومة معينة وليست منتخبة وبالتالى حتى أصوات هؤلاء لا تؤثر في وجودهم.

وأخيرا يأتى المشروع الذي تتبناه هذه الحكومة وتعتمد عليه في وضع سياساتها هو المشروع الرأسمالى الغربي وفقا لآليات السوق والذي أدى اتباعه منذ الإعلان عن سياسة الانفتاح الاقتصادى إلى غياب العدالة الاجتماعية وزيادة الفجوة بين الطبقات وارتفاع نسبة الفقر وانهيار منظومة القيم.

وإذا كانت هذه هي الإجابة عن السؤال المركب الذي طرحناه في صدر هذا المقال، فيجب علينا أن نقول للرئيس السيسي إنك المسئول الأول أمام الشعب المصرى، لأن الشعب الذي اختارك ووثق بك كانت له عدة مطالب رئيسية أهمها إسقاط النظام بمعنى تغيير السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي كان ينتهجها رجال مبارك عبر العقود الثلاثة الماضية وأفقرت الغالبية العظمى من شعب مصر، وللآسف مازالت هذه السياسات مستمرة وتكرسها حكومة محلب التي هي امتداد لحكومات مبارك.

وهى السياسات التي تمنع وتعيق من تحقيق المطالب الأخرى للشعب المصرى المتمثلة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فبنظرة متفحصة لقرارات الحكومة الحالية ستجدها دائما معادية للشعب المصرى، وبالتالى تؤدى إلى فقدان الثقة من قبل الشعب في شخص الرئيس وبذلك تكون معادية أيضا للرئيس ذاته، لذلك فعلى الرئيس التحرك فورا للإطاحة بهذه الحكومة راعية الفساد بدلا من مطالبته لها بمكافحة الفساد، ولعل هذه الخطوة تكون هي بداية المواجهة الفعلية مع رموز فساد نظام مبارك، حيث إن أي تأخير وتأجيل للمواجهة ليس في صالح الرئيس وشعب مصر، فالفقراء والكادحون مستعدون لدخول المواجهة والقيام بالموجة الثالثة لثورتهم المستمرة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية