وجدي غنيم رئيسا لمصر!
1
سؤال أطرحه على نفسي كلما رأيت وجدي غنيم الملقب بالداعية الإسلامي ينفث عن أفكار أشد سوادًا وتلوثًا من عوادم السيارات في الفضائيات وعلى مواقع التواصل.. يفتي هنا وهناك.. ويسب هذا وذاك.. هل يمكن أن يحكم مصر مثل هذا الرجل يومًا ما ؟!
المعضلة هنا ليست في طرح السؤال ولا من توقع الإجابة عنه.. ولكنها الدهشة إزاء حجم تأييد أراء وخرافات الرجل على مواقع التواصل الاجتماعي من جمهور الإخوان والسلفيين المؤيدين لهم.
ففي حين تتلاعب قيادات الجماعة بالرجل وتستخدمه بجانب كثيرون كدمية تهتف باسمها وتتبنى شعاراتها دون أن تمنحه تفويضًا بذلك أو تعطيه صفة رسمية للتحدث باسمها.. تحتفظ بحق "تسليمه" إذا ما حدثت انفراجه لوضعها السياسي والقانوني.. ولن يفرق معها وقتها رميه على قارعة الطريق حتى لا يؤخذ عليها أفكاره الرجعية الطائفية العنصرية.. خاصة أن لهم سابقة في ـ تجريسه والتبرؤ منه ـ عندما خرج محمود غزلان القيادي والمتحدث الإعلامي الأسبق للإخوان ليباغت غنيم بهجوم شديد وينكر علاقته بالجماعة.. حينما أبدى بعض الآراء المتطرفة الهجومية ردًا على استضافة محمد مرسي رئيس مصر الأسبق لوفد الفنانين وقتها!
ليس جديدًا في فلسفة الإخوان أن تحكم شعار سياستها لغة المصالح.. لتجعل من طريد الأمس ثوريًا إسلاميًا من طراز رفيع.. يقتحم الشاشات ليبقي على النار مشتعلة في الصدور بآرائه الغريبة الشاذة تجاه تفسيره ورؤيته.. للدين والحياة !
ويبقي السؤال أكثر اشتعالا.. لماذا ينتفض الإخوان حتى اليوم في الشوارع ولماذا تزداد الأمور سخونة وتتعقد وتتضاعف شروطهم السياسية مع ارتفاع عدد ضحاياهم من جراء المواجهة مع الدولة التي يُحشد لها يوميا من مطاريد الخارج؟.. ومَن هذا الذي يرونه قادرًا على التعامل مع المؤسسات السيادية التي يناصبونها العداء في حال عودتهم المستحيلة للحكم مرة أخرى.. وماذا نفهم من تأييدهم لعنتريات وجدي ووقوفهم ضد كل من يحاول تحييد أفكاره الطائفية وأخرها تهكمه على مذيعات الجزيرة.. ومناصرتهم له في معركته مع عصام تليمة الذي حاول تحجيمه ووضعه في حجمه الطبيعي أمام "علم الفتوى".. فأخذ الرجل ولا يزال نصيبه من الإهانة والشتائم.. وتركوه ليذهبوا إلى حليفهم "الليبرالي" وائل قنديل كما يطلقون عليه.. ليهاجموه هو الآخر بعدما انتقد عنصريته ضد النساء باعتبار أن ما يهرتله هذا الوغد الغنيمي.. ضرورة شرعية !
جماهير الإخوان وتابعوهم أصبحوا لا ينتظرون لحظة في لإفصاح عن رغبتهم الحقيقية فيمن يليق بتمثيلهم.. فليس بأقل من شخص يحمل نفس آراء ومعتقدات فقيههم المتسلط.. التي يرونها تصلح للضرب بيد من حديد لفرض مشروعهم المزعوم بالقوة الجبرية على جميع مكونات المجتمع.. وهو ما يمثله بحرفية وإتقان "وجدي غنيم " !
2
ثمة حقيقة تشكلت في وجدان الغالبية مهما حاول الإخوان التشكيك فيها.. الجماعة والتيارات الدينية أثبتوا أنهم من أكثر الناس مرضًا بالسلطة.. والكرسي مهما زينوا مقاصد السعي إليه بـ " تجميلات شرعية ".. مُقدم عندهم على الأرواح والدماء والوطن.. ولو كانوا يمتلكون أسباب القوة أيام وجود مرسي في السلطة ما كانوا انتظروا لحظة واحدة لتحويل مصر بأكملها لمدن أشباح.
وما تحريضهم لشبابهم حتى الآن من جحورهم في الخارج إلا رغبة خسيسة في إزهاق المزيد من الأرواح.. لتبقى القيادات والرموز بعيدًا عن المحاسبة السياسية على ما اقترفوه من جرائم منذ بداية ثورة يناير وحتى الآن.. وهو ما جعل عموم المصريين وربما العالم العربي يشكلون قناعات فكرية وسياسية ترفض عودة التيارات الإسلامية بسبب غبائها وتخلفها السياسي.. وأي بديل غيرهم أصبح في عيون الغالبية مهما كان تسلطه وجبروته أرحم منهم بمصائر البلاد والعباد !
3
في ذكرى رابعة والنهضة.. حتى هذه اللحظة لا تزال الأسباب المنطقية لملابسات فض الاعتصام بالعنف المفرط غائبة.. ولا نعرف هل كان يمكن تجاوز ذلك مهنيًا.. أم أن الظرف على الأرض كان أقوى من الجميع.. خاصة أن حالة الشحن طوال فترة الاعتصام كانت سيدة الميدان.. والتهديدات بتحويل مصر لـ "جهنم" حال الإصرار على تنحية مرسي فضلا عن التهديدات بتصفية الجيش والشرطة عن طريق التلويح بآلاف المجاهدين الذين سيخرجونهم من 9 مناطق بالقاهرة كان له أثر كارثي على اعتبار المواجهة حياة أو موت في نفوس قوات الأمن.. ومع ذلك على الجهات التي اتخذت القرار وقتها تحمل المسئولية أمام الله والتاريخ وتتحدث وتقدم مبرراتها الأمنية بـ "الأدلة " على الضرورة وقتها لانتهاج كل هذا العنف الذي خلف دماء.. لا يقدر على تحمل وزرها بشر !