هؤلاء قتلوا نور الشريف!
قتل نور الشريف معنويا في ذبح غير شرعي مرات ومرات.. قتلوه في أعنف حملة صحفية شنت ضد فنان في تاريخ الصحافة وفي تاريخ الفن على الإطلاق..كانت الطلقات في اتجاه نور الشريف من القاهرة لكن المستفيد ـ وربما الممول ـ هناك في عواصم أخرى وفي الخليج تحديدا..كان فيلم ناجي العلي ( وناجي العلي لمن لا يعرف فنان كاريكاتير فلسطني شهير يعيش خارج الأرض العربيه كلها إلا أنه اعتاد الهجوم على الحكام العرب وتخاذلهم وخصوصا في مواجهة أمريكا وإسرائيل ) هو السبب المعلن للهجوم على نور..إلا أن المواقف السياسية له كانت في الخلفية ليس لأفلامه المهمة ومنها الثلاثية التي تحدثنا عنها أمس من " سواق الأتوبيس " و" بيت القاضي " و" كتيبة الإعدام " والذي فسر الكثيرون مشهد قتل رجل الأعمال اللص في نهايته بحادث المنصة وكذلك فيلميه " أهل القمة " و" آخر الرجال المحترمين" وغيرهما من الأعمال وحتى المسرحية مثل " سهرة مع الضحك " وظلت من الممنوعات على الشاشة ومعها ناجي العلي قبل عرضه في 2014 والذي ربما عرض لرفع الروح المعنوية للراحل الكبير !
نقول: ليس لهذه الأعمال الفنية فحسب تعرض للحملة الشرسة التي كان ظاهرها فيلم ناجي العلي حتى أن إحدى الصحف ظلت تهاجمه في عددها الأسبوعي لستة أشهر متصلة بلغت حد اتهامه بالخيانة وانتهت بمنع أعماله من عدة دول خليجية ! وانما أيضا لمواقفه المعلنة الصريحة من القضايا السياسية وخصوصا الانفتاح وكامب ديفيد وتحديدا شروط إسرائيل عن حجم قواتنا في سيناء ونزعها من الأسلحة الثقيلة.. حتى برغم مسلسله الإذاعي عن الضربه الجويه ذلك لأنه لم يكن يقيم الرؤساء ولا العهود السياسية بالجملة!
وقتلوا نور الشريف يوم نشر شائعه خبيثه، بكل أسف، استهدفته في مقتل إلا أن القضاء أنصفه وأدان من روجوها.. إلا أنها أثرت على حالته النفسية التي كانت تسوء كلما رأى أثرها في عيون ابنتيه ونفسيتيهما !
وقتلوا نور الشريف يوم دسوا أنوفهم في علاقته بزوجته بوسي وراحوا يختلقون للأمر ألف قصة وقصة وكل سطر كان يذبحه ألف مرة !
وقتلوه يوم أن زعموا أنه يجامل ابنته في أعماله وأثبتت الابنة تفوقا مدهشا !
وقتلوه يوم أن زعموا في عام أنه قام ببطولة مسلسلين خلافا لعادته في بطولة مسلسل واحد كل عام من أجل المال !!
وقتلوه يوم لم يرحموا مرضه الأخير ولاكت الألسنة شائعة وراء أخرى حتى قبل أن يتحول مرضه وتسوء حالته !
نور الشريف يتفرق دمه معنويا بين قبائل عديده..من أقصى اليمين إلى أقصى البيسار..ولم يكن يستحق ذلك..كان وطنيا عروبيا ناصريا حتى النخاع..قريبا من الفقراء له في الخير الكثير..جريئا في الحق معلنا انتماءه وآراءه بلا خوف أو خجل..همست في أذنه ذات يوم أمام مسرح الطليعة وكان يصطحب وفودا عربية في أحد مهرجانات المسرح للتخفيف من الحملات ضده فكاد من الفرحة أن ينسى ضيوفه.. ودعانا قبل سنوات إلى البروفة العامة (الجنرال) لمسرحيته " يا غولة عينك حمرا " على مسرح التليفزيون المجاور للكلية الحربية فعرفنا كيف يعامل زملاء العمل من تلاميذه معاملة الأب والأخ الكبير..حتى أن حادثا بسيطا أصاب إحدى النجمات الناشئات وقتها كاد أن يفقده صوابه وكادت الليلة تمر دون أي عروض !
انتهت مقالاتنا الثلاثة عن النجم الكبير الراحل..لكن لن تنتهي حدوتة نور الشريف..فهي بلا جدال حدوتة مصرية عربية إنسانية حفرت لنفسها مكانا مهما وبارزا في تاريخ الفن وتاريخ المصريين والعرب ورغم أنف كل قاتليه !