رئيس التحرير
عصام كامل

صدقوا على عبد الرازق تتخلصوا من الإخوان


سقطت الخلافة، وأنهى أتاتورك على كل مظهر إسلامي في تركيا، فدعا الإنجليز إلى إقامتها في مصر وأقنعوا الملك فؤاد أنه يستطيع أن يكون خليفة للمسلمين، كان ذلك عام 1925، هكذا قال الصحفي أحمد بهاء الدين في كتابه أيام لها تاريخ.


في وسط التحضير لتلك الخلافة كان هناك عالم أزهري شاب يعمل قاضي في محكمة المنصورة ألف كتابًا صغيرًا لا يتعدى المائة ورقة قال فيه ما أشعل النار في عمائم شيوخ السلطة ووزراء السراي ولكن العجيب أن الشعب المصري لم يلتفت للأمر كانت معركة نخبوية بحتة !

قال على عبد الرازق في كتابه "الإسلام وأصول الحكم" إنه لا يوجد شيء اسمه خلافة ولم يجتمع المسلون على خليفة طوال حياتهم باستثناء "أبو بكر" وعمر وعثمان، الخلافة دليل على الاستبداد الله خلق دينه لا ليرهنه بخليفة فهو قادر على حفظه.

لم يكتف عبد الرازق بما قال فأضاف محمد ليس إلا رسولًا لم يكن ملكًا لم يضع أسس الملك لم يحدد خليفة لم يؤسس دولة سياسية لم يحدد أركانها كل آيات الله له اتصفت بالنبوة لا بالملك وبالتعاليم الأخلاقية لا بالنظام التشريعي، تمادى عبد الرازق في كتابه فأكد أن "أبو بكر" ليس إلا أول ملك في الإسلام.

تلك إذا آراء رجل لاقى في سبيل رأيه ما لاقى من تجريد من شهادته العالمية ووقوف الدولة كلها ضده لكن ليس هذا المهم فيذهب الرجل وتبقى أفكاره والآن أترك لك الخيال إن نزلت إلى مواطن مصري لتقول له ليس هناك خلافة، "أبو بكر" ملك وليس خليفة ومحمدًا رسولًا وليس ملكًا هكذا الأمر بكل بساطة، بالطبع سيتهمك الرجل بأنك كافر ملحد تريد علمانية مصر ، لا أدرك ما علاقة الكفر بالإلحاد بالعلمانية لكنها "لوكشة" حفظها المصريون ، هو ذات الرجل الذي ترك المعركة في العشرينات دون أن يتدخل فيها ولكن الآن أصبح يتدخل بعد أن غرسوا في فكره خلال العقود الماضية أن الخلافة هي المنجى والأساس.

أسرد قصة على عبد الرازق تزامنًا مع ذكرى فض اعتصامي رابعة والنهضة والذي سبقه بأيام مؤتمر صحفي تجمع فيه قيادات الإخوان في الخارج إثر وفاة عصام دربالة عضو الجماعة التي تسمي نفسها إسلامية ليطالبوا الشعب المصري باستمرار النضال، لم أنتبه إلى خزعبلاتهم كثيرًا لكنني ركزت على لغة حوارهم، عصر الجاهلية ونور الإسلام، الخلافة، الربانية كلمات ذكروها دائمًا في تصوير أن ما يدور الآن هي معركة إيمان وكفر نفس الكلام نفس الإستراتيجية لكن الغريب أن نفس الناس ما زالوا يصدقون.

صحيح أن جماعة الإخوان أصبحت منبوذة شعبيًا بعد جرائمها في بعض الأوقات وغبائها في أوقات أخرى لكن الدولة لا تجرؤ أن تواجهها حتى الآن فكريا، لا تستطيع أن تقول إن كل ما يقولونه هؤلاء كذب يدركون جيدًا طبيعة الشعب المصري وما حدث له خلال العقود الماضية لكن الحل الوحيد في أن يصدق الشعب المصري ما قاله على عبد الرازق ويترك ما قاله الإخوان وما على شاكلتهم.

دعك من فض الاعتصام وهل مذبحة أو فض طبيعي، دعك من الأسماء، الوجوه، صناعة المظلومية التي تجيدها الجماعة، أكاذيبهم الموصولة وحججهم الواهية فقط قل للناس ما قال على عبد الرازق وقتها تستطيع المواجهة.
الجريدة الرسمية