رئيس التحرير
عصام كامل

نور الشريف.. مسيرة فنان «بروفايل»

المبدع نور الشريف
المبدع نور الشريف

غابت منذ قليل شمس الفنان والمبدع نور الشريف، وفارق الحياة عن عمر يناهز الـ69 عامًا، بعد صراع مع المرض، ليشيع الجثمان غدًا الأربعاء من مسجد الشرطة بمدينة السادس من أكتوبر.


ولد الفنان القدير في 28 أبريل 1946، في حى السيدة زينب بالقاهرة، واسمه الحقيقى محمد جابر محمد عبد الله، حصل على دبلوم المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1967، بتقدير امتياز، وكان الأول على دفعته.

ظهرت موهبة نور الشريف منذ أن كان طالبًا في المرحلة الثانوية، والتي انضم فيها لفريق التمثيل بالمدرسة، لكن في منتصف الطريق جذبته رياضة كرة القدم، وأصبح بالفعل لاعبًا في أشبال نادي الزمالك، باسمه الحقيقى محمد جابر، ولكن نزعة الفن وروح الفنان كانتا أقوى، فقرر «نور» قطع مشواره الرياضى، ليبث كل طاقاته وجهده في الفن والإبداع.

لم يكن طريق نور الشريف مفروشا بالورود، لكنه كان مسلحا بموهبة حقيقية ورغبة أكيدة في اختراق عالم التمثيل، ذلك العالم المثير الذي خطفه منذ سنوات نشأته الأولى في حى السيدة زينب، إذ كانت أفيشات الأفلام على دارى سينما إيزيس والشرق تأخذه من كل ما عداها، فيدفع القروش القليلة من مصروفه ليعيش في عالمها الساحر الذي ينقله لأجواء مغايرة، ويحيله إلى حياة أخرى، فيبكى ويضحك ويندمج مع أبطاله ويتوحد معهم.

وخلال سنوات استطاع أن يكون نور الشريف واحدا من أهم نجوم السينما العربية بأدواره المهمة، وأفلامه المتميزة التي أجمع عليها الجمهور العربى من المحيط إلى الخليج، ليكون صاحب مدرسة في الأداء التمثيلي قادرة على الوصول إلى قلب المشاهد لأنها تعتمد على صدق الأداء والإحساس، مما أهله لأن يتربع على عرش النجومية وشباك الإيرادات لأكثر من ثلاثة عقود، استطاع خلالها التعبير عن المواطن البسيط وقضايا الوطن والمنطقة العربية بحرفية شديدة للغاية لم تكن وليدة الصدفة.

برع نور الشريف في مختلف الأدوار ونوعيات الشخصيات التي قدمها على مدى مشواره الفنى، سواء في السينما أو التليفزيون أو المسرح، ويعتبر أداؤه لدور الحاج عبد الغفور البرعى، في مسلسل «لن أعيش في جلباب أبى» الذي أبدع قصته الأديب الكبير إحسان عبد القدوس، بصمة حقيقية في حياة نور الشريف، بالإضافة إلى أدواره في الدراما الدينية والتاريخية في مسلسلات: عمر بن عبد العزيز، وهارون الرشيد، وعمرو بن العاص»، وفى المسرح، مثل مسرحيات: «يا مسافر وحدك، ويا غولة عينك حمرا، وكنت فين يا على».

قدم نور عددًا كبيرًا من الأعمال الفنية المميزة، مثل فيلم «آخر الرجال المحترمين» مع زوجته السابقة «بوسى»، وفيلم «عمارة يعقوبيان» مع النجم عادل إمام، وفيلم «دم الغزال» مع يسرا ومنى زكى، وصولًا إلى فيلمه الأخير «بتوقيت القاهرة»، وفى مجال الدراما التليفزيونية تأتى مسلسلات: «خلف الله»، و«الرجل الآخر»، و«حضرة المتهم أبى».

ولكن بعض أعمال نور الشريف أثارت جدلًا وضجة إعلامية كبيرين، أبرزها فيلم «ليلة البيبى دول» الذي تناول مشاهد عُرِضت لأول مرة في السينما العربية، والتي تشاهد فيها مواقف البطل «نور الشريف» الذي كان سجينًا في سجن «أبو غريب» العراقى، وذلك بعد اعتقاله أثناء أداء عمله مراسلًا صحفيًّا، واستطاع تصوير إحدى المجازر التي ارتكبتها القوات الأمريكية ضد المدنيين العراقيين، وأدى نور الشريف دوره فيه عاريًا تحت التعذيب.

أيضًا شهد مشوار نور الشريف جدلًا آخر، فقد أثار مسلسل «عائلة الحاج متولى» صخبًا اجتماعيًّا وإعلاميا قبل أكثر من 10 سنوات، بعرضه لنموذج الرجل المزواج الذي يعشق النساء ويجمع بين أكثر من زوجة في بيت واحد، وثار بسبب هذا المسلسل جدل كبير حول مدى تقبل الفتيات لهذا النموذج من الزواج.

لم يكتف نور الشريف بالتمثيل فقط، ولكنه اتجه أيضًا إلى مجال الإخراج، ونجح فيه إلى حدّ كبير، وذلك عندما قدّم فيلم «العاشقان» الذي حصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير، كما حصل خلال مشواره الفنى الطويل على عشرات الجوائز المهمة، من بينها جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «ليلة ساخنة» مع الفنانة لبلبة، وعلى جائزة مهرجان نيودلهى عن فيلم «سواق الأتوبيس» مع الفنانة ميرفت أمين، والفيلمان يحملان توقيع المخرج الراحل عاطف الطيب.

قليلون هم من يحجزون مقاعدهم في الصفوف الأولى منذ الخطوة الأولى، وقد كان نور الشريف من هؤلاء، وبقدر ما كانت لحظة الانطلاق موهجة، بقدر ما كانت المسيرة أكثر توهجا وتألقا، ليثبت على مدى 47 عامًا قضاها في مجال الفن، ممثلا ومنتجا ومخرجا، أنه يستحق هذه المكانة التي حظى بها.
الجريدة الرسمية