رُوح قناة السويس!!

العبقرية في حفر قناة السويس خلال عام، هي أن المصريين حينما يريدون يفعلون، فالعامل المصري الذي ينشئ كوبري طوله 72 مترا في ستة أعوام هو نفسه العامل الذي حفر قناة طولها 72 كيلو في عام وحقق أرقاما قياسية عالمية في أعمال الحفر والتكريك، ورفع أكثر من نصف مليار متر مكعب من الرمال سواء الجافة أو المشبعة بالمياه، عبقرية الإنجاز ليست في الحفر فقط، بل في الإدارة والرؤية، عبقرية الإنجاز في أنه مصري خالص الرؤية والقرار والتمويل والتنفيذ.

عبقرية الإنجاز في تلك الروح التي افتقدناها بعد انتصار أكتوبر 73، وعادت في حفر القناة، فأصبح لدينا الآن روح أكتوبر ورح حفر قناة السويس.. فهل نستطيع استثمارها، وأن نقضي على كل مشاكلنا بنفس روح حفر القناة؟.. هل نستطيع القضاء على الفساد والبيروقراطية في عام؟.. هل نستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء في عام؟.. هل نستطيع تحقيق العدالة الاجتماعية في عام؟.. هل نستطيع إنجاز كل مشروعاتنا المتعثرة والمتأخرة في عام؟.. هل نستطيع تحقيق الانضباط المروري والقضاء على الفوضى في الشارع خلال عام؟.. هل نستطيع الحد من حوادث الطرق وإصلاح السكة الحديد خلال عام؟

هل نستطيع إصلاح التعليم والصحة خلال عام؟.. هل نستطيع حل مشكلة المصانع المتعثرة وتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة خلال عام؟.. هل نستطيع القضاء على الغش في الامتحانات والقضاء على الدروس الخصوصية في المدارس والجامعات خلال عام؟.. هل نستطيع القضاء على الواسطة والمحسوبية خلال عام؟.. هل نستطيع القضاء على الإهمال والتلوث البيئي السمعي والبصري خلال عام؟.. هل نستطيع القضاء على مشكلة القمامة وتنظيف بلدنا خلال عام؟.. هل نستطيع إيجاد حلول جدية لمشكلة العشوائيات وسكان المقابر خلال عام؟.. هل نستطيع خلال عام توسيع الرقعة الزراعية والسكانية والخروج من الوادي الضيق الـ5% إلى الـ 95% الصحراء الجرداء؟.. هل نستطيع القضاء على النصب والغش الطبي والإهمال في المستشفيات خلال عام؟.. هل نستطيع التحول من دولة استهلاكية إلى منتجة ونتحول من مرحلة الكلام إلى العمل والإنتاج خلال عام؟

هل نستطيع ضبط منظومة الإعلام والفن الهابط حتى يكونا في خدمة المجتمع؟.. وهل نستطيع وقف استيراد الأدوية والغذاء الفاسد والسلع الاستفزازية خلال عام؟.. هل نستطيع القضاء على المخدرات؟

الإجابة نعم نستطيع، والدليل حفر قناة السويس خلال عام، وتطوير معهد القلب القومي خلال شهر، وإنجاز المشروع القومي للطرق خلال عام، ولكن كيف يتحقق ذلك؟

الإجابة سهلة جدا، وهي أن تدب روح قناة السويس في كل مؤسسات الدولة، وأن تعمل مثل القوات المسلحة، بنفس الجدية والانضباط، فليس من المنطقي أن تكتفي المؤسسات بالمشاهدة فقط (الفرجة) على الجيش، وهو يحارب الإرهاب في الداخل والخارج، وأيضا وهو يقود عملية التنمية من حفر القناة حتى بناء مدرسة أو محطة (بيارة) للصرف الصحي في أصغر نجع أو عزبة مصرية، كل المسئولين في الدولة زاروا قناة السويس؛ من أجل التصوير فيها والظهور أمام كاميرات وسائل الإعلام، كل المسئولين ذهبوا إلى القناة الجديدة يفتخرون بإنجاز القوات المسلحة ولم يشعر أحدهم بالغيرة ويفكر في عمل إنجاز حتى لو كان بسيطا يفتخر به.

يجب أن تنهض كل مؤسسات الدولة من نومها العميق، ولا تكتفي بدور المشاهد بل المعطل أحيانا، وحتى تستطيع مؤسسات الدولة القيام بدورها لا بد أن يتولى مسئوليتها الأكفاء ولا تترك للضعفاء، تجارب كل الدول المتقدمة تقول إن النجاح والفشل مرهونان بحسن أو سوء الاختيار.