رئيس التحرير
عصام كامل

دقت ساعة «المحروسة»


واكبت "مصر للطيران" احتفال "أم الدنيا" بافتتاح قناة السويس الجديدة، بأن وزعت على جميع رحلاتها قطع حلوى مغلفة بورق ذهبي مطبوع عليه شعار قناة السويس، مصحوبا بتاريخ الافتتاح وعبارة بالإنجليزية "قناة السويس الجديدة من مصر إلى العالم".


يعكس احتفاء العالم أجمع بقناة السويس الجديدة أهميتها الكبرى للتجارة العالمية، فما أن يستقل الرئيس السيسي يخت "المحروسة" إيذانا بتشغيل القناة الجديدة، حتى تنطلق صافرات سفن العالم ابتهاجا بالحدث الفريد، وهي المرة الأولى في التاريخ التي تطلق البحرية العالمية صافراتها في وقت متزامن؛ نظرا لنجاحنا في إنجاز القناة في وقت قياسي.

على صعيد الإعلام، تصدرت قناة السويس الجديدة العناوين والتقارير التي تبرز قيمة الإنجاز والإرادة المصرية، فقد عنونت صحيفة "التايمز" البريطانية "معجزة.. مصر تبني قناة السويس الثانية".. فيما اختارت صحيفة فرنسية عنوانا "المصريون يستعيدون الفخر والمجد".. واعتبرت صحيفة ألمانية، أن "القناة الجديدة فخر لمصر وهدية للعالم"، وأشار تليفزيون "يورو نيوز"، إلى أن القناة الجديدة رمز الكبرياء القومي المصري، ورأت إذاعة "بي بي سي" إن القناة ستضاعف إيرادات الخزانة المصرية.. وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز"، أن القناة الجديدة مصدر فخر قومي وأمل اقتصادي طال انتظاره.

ونوهت مجلة "تايم" الأمريكية، إلى أن مصر شيدت القناة خلال عام واحد، وأنها ستدعم اقتصادها بزيادة عدد السفن المارة من 49 سفينة حاليًا إلى 97 سفينة.

ولم تشأ وزارة المالية، أن تتخلف عن ركب الاحتفاء بالقناة؛ حيث تصدر عملة تذكارية تخلد أحد أهم الأيام في تاريخ مصر المحروسة الموافق 6 أغسطس 2015، وهو تاريخ يحمل رسالة مصرية ذات مغزى، ففي مثل هذا اليوم من عام 1945، قتلت الولايات المتحدة نحو 200 ألف ياباني بضرب هيروشيما وناجازاكي بالقنبلة الذرية، وفي التاريخ نفسه تهدي مصر العالم ممرا ملاحيا يوفر الوقت والجهد، ويضاعف حركة التجارة العالمية.

ولا تتوقف الرسائل المصرية إلى العالم، ومنها اختيار يخت "المحروسة" دون سواه في الافتتاح، ورغم اعتماده على صناعة بدائية قبل 150 عاما في إنجلترا، إلا أن الرئيس السيسي أراد أن يبرهن للعالم أن الإرادة المصرية تقهر المستحيل، وكما نجحت في حفر وإنجاز القناة في عام واحد، تستطيع أيضًا تشغيل أقدم يخت على مستوى العالم، حتى إن كانت المعدات المستخدمة في تشغيله انتهى العمل بها منذ الحرب العالمية الأولى، بمعنى إحياء وتشغيل "المحروسة" في ظل عدم وجود قطع غيار لليخت.. وهنا تكمن المعجزة المصرية لتشغيل "المحروسة"، أو القصر الملكي العائم المكون من 5 طوابق. 

ومن بين الرسائل المصرية للعالم، أن لدينا القدرة على تحقيق الهدف بأبسط وأسرع الطرق، لذا حفرنا ما يشبه التفريعة في قناة السويس، بدلا من قناة كاملة من السويس لبورسعيد، وهي التي فسرها دكتور محمد إبراهيم بطريقة بسيطة، بقوله "قافلة الجنوب تدخل السويس 6 صباحا، وتصل بورسعيد بعد 11 ساعة دون توقف.. بينما تنتظر قافلة الشمال في بحيرة التمساح 7 ساعات، أي أنها تستغرق 18 ساعة للوصول، ما يعني أن النصف الشمالي يمثل الجزء المزدوج من القناة، لكن مع شق القناة الجديدة أو التفريعة، بالإمكان إدخال القافلتين من الجهتين الساعة 6 صباحًا، وبعد 5.5 ساعات تصل قافلة الجنوب لبداية الجزء المزدوج لتكمل طريقها طبيعيا، وفي الوقت نفسه تكون قافلة الشمال وصلت نهاية الجزء المزدوج، وأصبح الجزء الجنوبي مفتوحا أمامها لتعبر فيه دون توقف.

وعليه تستغرق القافلتين 11 ساعة للمرور.. وبعدها مباشرة يمكن تسيير قافلتين أخريين تستغرقان 11 ساعة للعبور في الجهتين.. ليصبح لدينا 4 قوافل يوميا بدلًا من قافلتين.. أي أننا حققنا الهدف بمضاعفة العدد وتقليل الزمن وتعظيم الإيراد.

ولا ننسى أن تعميق المسارين يتيح مرور السفن الكبيرة ونوعية إضافية من المراكب تزيد من عوائد القناة، وتقطع الطريق على مشروع حديدي تنوي إسرائيل البدء فيه لنقل الحمولات بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر.

إذن التفريعة حققت هدف القناة الموازية، لذا نطلق عليها قناة كاملة، ومع بدء تشغيل القناة الجديدة بمرور الرئيس السيسي في يخت "المحروسة"، تدق ساعة العمل الجاد للعبور بمصر إلى التنمية الشاملة، خصوصا أن مشروعات تنمية القناة توفر مليون فرصة عمل جديدة.
الجريدة الرسمية