سارق الوطن
المنافقون دائما يفسدون كل شيء حتى الأفراح.. والتفريعة الجديدة لقناة السويس فرحة كبيرة للمصريين الذين يترقبون أي إنجاز يضيف لحياتهم ويمنحهم الأمل.. لكن يتبارى هؤلاء في النفاق والتهليل لهذا المشروع.. تماما كما حدث في مؤتمر شرم الشيخ، لدرجة أن أحدهم أعلن عن توافر مليون فرصة عمل عقب الافتتاح مباشرة.. ما هذا العبث يا سادة؟.. اتركوا الشعب يفرح ويحتفل وارحموه من نفاقكم.. فصمتكم سيزيد الاحتفال بريقا، ويجعل سعادة الناس أكثر بهجة.. وكلامكم يسيء للمشروع ويدخل في النفوس الشكوك والظنون.
ألستم من ملأوا الدنيا صراخا وضجيجا بأن الشعب المصري سيعيش في نعيم بعد مؤتمر شرم الشيخ، وأن المليارات ستتدفق، والمشروعات ستتوالى، ومشاكلنا كلها سيتم حلها.. ولم يحدث شيء.. ولن يحدث لأن المؤتمر تحول على أيديكم إلى زفة وتطبيل وخداع البسطاء.
هؤلاء يتاجرون بأحلام الشعب؛ لأغراضهم الشخصية ومصالحهم الفردية، ولديهم استعداد دائم لذلك في كل العصور، وينتجون أجيالا جديدة من المنافقين يلبسون ثوب كل عهد، ويتسابقون في تحويل أي حاكم إلى فرعون.
من حق كل مصري أن يفرح بتفريعة القناة وبأي مشروع جديد.. لكن ليس من حق هؤلاء تحويل أي مناسبة إلى ساحة للنفاق والتطبيل!
لا يوجد شيء حقيقي في حياتنا الآن.. كل الأشياء إما شعارات وهمية أو أنصاف أشياء.. الدستور الذي علقنا عليه آمالا عريضة في تحسين أوضاعنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مجرد عبارات إنشائية لم تنعكس على الواقع.. الشباب الواعد الحالم بوطن الحرية والكرامة لا وجود له.. ثورة 25 يناير سرقها الإخوان والدولة العميقة ولوبي الفساد.. الاقتصاد المنتعش أضحى سرابا أمام عشوائية القرارات وغياب الرؤية.. الحياة السياسية السليمة القادرة على النهوض بالأمة ماتت قبل أن تولد.. حلم العدالة الاجتماعية بات وهمًا بعد أن تصدر المشهد محتكرو الثروة والسلطة.
هذه الحالة هي الأخطر على الدولة المصرية.. وتجاهل هذا الوضع أشد خطرا على الأمن القومي؛ لأن إرهاب الإخوان يتصدى له الشعب قبل الجيش والشرطة، بعقيدة راسخة وواثقة في الانتصار.. لكن لا أحد يتصدى لسارق الوطن، وهو النفاق والاستبداد!!