باحث بجامعة المنوفية يتوصل إلى علاج مذهل لمرضى السرطان.. مشتق من دواء معروف.. انتشار أبحاثه على المستوى العالمي.. نسبة الشفاء تقترب من 98%.. والرئيس يرسل تهنئة بنجاح التجربة
السرطان «cancer» مصطلح طبي يشمل مجموعة واسعة من الأمراض التي تتميز بنمو غير طبيعي للخلايا التي تنقسم دون رقابة ولديها القدرة على اختراق أنسجة الجسم وتدميرها.
ويتميز السرطان بقدرته على الانتشار في جميع أنحاء الجسم، كما يعد أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم الغربي، إلا أن احتمالات الشفاء منه في تحسن مستمر، بفضل التقدم في أساليب الكشف المبكر عن السرطان وخيارات علاج المرض.
ويقول الدكتور: «حسين سعيد حسين عجوة»، باحث بقسم الكيمياء كلية العلوم جامعة المنوفية، أنه اشتق مادة من دواء لعلاج مرض السرطان.
وأضاف «عجوة» فى تصريحات خاصة لـ«فيتـو» أنه نظرًا لأهمية وشمولية دواء «الثاليدوميد» باعتباره متعدد الاستخدامات، فإنه تجرى عليه بحوث مكثفة منشورة بالمجلات العلمية ودراسات طبية متعددة لعلاج العديد من الأمراض السرطانية منها «سرطان الدم والقولون والبروستاتا» وأمراض سرطانية أخرى، وكذلك مجموعة متنوعة من الأمراض الالتهابية وأمراض المناعة الذاتية.
وتابع: «بدأنا العمل فى قسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة المنوفية عام 2005، لتطوير عقار الثاليدوميد المعروف طبيًا بأنه عقار مضاد للأورام، حتى نجحنا فى الوصول إلى مشتقات كيميائية جديدة من «الثاليدوميد»، وقمنا بإثبات التراكيب البنائية لهذه المركبات وإعداد الدراسات البيولوجية من خلال التجارب على الخلايا السرطانية للفئران، بالإضافة إلى إثبات العديد من ميكانيكيات تأثير هذه المركبات فى تلك الخلايا، وكانت النتائج مذهلة وواعدة وصلت للقضاء على الورم السرطاني بنسب تتراوح بين 95% و98%».
وأشار إلى أن بعض المشتقات التى تم الحصول عليها من الدواء عالجت المرض، ما أدى إلى اختفاء الورم السرطانى، مضيفًا: «قمنا بنشر هذه النتائج فى دوريات علمية عالمية عام 2008 و2010، وحصلنا على تمويل لمشروعنا البحثى من خلال صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية عام 2011 بمليون جنيه مدة ثلاث سنوات».
تدمير خلايا سرطان الثدي والكبد
وتابع: «الأبحاث أجريت من خلال تجربة ما تم تحضيره من مشتقات كيميائية جديدة على خلايا الإنسان السرطانية، ووجدنا أن هذه المشتقات فى بعض التجارب لها تأثير مباشر ولحظى فى تدمير خلايا سرطان الثدى والكبد».
وأوضح: «المشتقات الأخرى كان لها تأثير فى الخلايا السرطانية على المدى البعيد، من خلال التجارب على ميكانيكية تأثيرها فى تلك الخلايا، وتم نشر هذه النتائج فى دوريات علمية عالمية مختلفة فى 2014 و 2015».
وأشار إلى أن المشتقات المستخرجة من الدواء لها القدرة علي وقف نمو الأوعية الدموية المغذية للأورام، ووقف انتشار الورم السرطانى، بالإضافة إلى أن بعض هذه المشتقات قادرة على أن تعمل كمضادات للالتهابات المصاحبة للورم السرطانى، وكذلك وجد لبعضها تأثير فى الخلايا المناعية المختلفة التى تستخدم فى أمراض المناعة.
ونوه إلى أن الفريق العلمى المشارك فى فعالية هذه النتائج، جمع تخصصات مختلفة من أماكن متعددة، وأن الأبحاث المنشورة فى الدوريات العلمية العالمية المختلفة أصبحت مرجعية للفرق العلمية التى تعمل فى مجال تطوير عقار الثاليدوميد».
وقال الباحث بقسم الكيمياء كلية العلوم جامعة المنوفية: «خلال مناقشة رسالة الدكتوراه والتى كانت تحت عنوان «تصميم وتخليق وتقييم متشابهات الثاليدوميد ونواتج أيضًا كمضادات للأورام»، والتى عقدت بكلية العلوم جامعة المنوفية الأربعاء بتاريخ 29/ 7/ 2015، وبحضور جميع أعضاء الفريق البحثى، وبحضور الدكتور نادية إسكندر زخارى، أستاذ الكيمياء الحيوية بالمعهد القومى للأورام بجامعة القاهرة ووزيرة البحث العلمى الأسبق كمحكم للرسالة، والتى أشادت بقوة العمل وحجم الجهد المبذول والنتائج الواعدة والمبشرة، حيث تم استعراض ما توصلنا إليه من نتائج مبشرة بفضل الله عز وجل وتوفيقه خلال الفترة الماضية من 2008، وحتى الآن فى مجال تطوير عقار الثاليدوميد، وذلك من خلال مجهوداتنا فى تصميم وتحضير مشتقات كيميائية جديدة منه أكثر فاعلية فى علاج الأورام السرطانية».
ولفت إلى أنه تم إرسال دعوة للرئيس عبد الفتاح السيسى، واستعراض ما تم التوصل إليه من نتائج أبحاثنا، وبعد المناقشة تلقى اتصالًا هاتفيًا من رئاسة الجمهورية، وتم إبلاغه بتهنئة الرئيس وتمنياته بالنجاح والتوفيق.
كارثة للحوامل
وأوضح أنه تم التوصل إلى هذا الدواء فى الفترة من 1957 وحتى 1961، وكان يعتقد أنه الدواء الآمن للسيدات الحوامل الذين يتعاطونه لتخفيف حلات التوتر والاضطراب العصبى الناتج عن الحمل، وتمت ملاحظة أن جميع السيدات الذين تعاطوا هذا الدواء أنجبوا أطفالًا مشوهين ووصل عددهم إلى 10 آلاف طفل فى جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أنه تم اكتشاف هذا الدواء مرة أخرى عام 1998، وحصل على موافقة منظمة الغذاء والدواء لعلاج الجزام أو مرض تآكل الأطراف، وتم إعادة اكتشافه مرة أخرى، وأجريت عليه العديد من الأبحاث العلمية وتجربة تأثيره لعلاج الأورام السرطانية وحصل على موافقة منظمة الغذاء والدواء عام 2006 لعلاج سرطان الدم.
وأوضح أن الأبحاث مازالت في المراحل الأولى للعلاج، ولابد من إجراء تجارب أكثر تطورا للوصول إلى مرحلة الدواء النهائية، مؤكدا أن هذا يحتاج إلى وقت أكبر وتمويل مضاعف.
وأشار إلى أن ماتم إنجازه حتى الآن هو تحضير مشتقات كيميائية جديدة من الدواء الأصلى وتم إجراء التجارب البيولوجية اللازمة على هذه المشتقات من أجل إثبات أن لهذه المشتقات فعالية أكثر من الدواء الأصلى، مؤكدا أن هذه الدراسات البيولوجية هي دراسات أولية وهناك دراسات بيولوجية ومراحل متتالية متعارف عليها عالميا لابد من إجرائها وذلك لمنح ترخيص استخدام أي دواء.