بدء الحوار الإستراتيجي بين القاهرة وواشنطن.. شكري: تأسيس مرحلة جديدة بين مصر وأمريكا.. التعاون العسكري يحقق الأمن للبلدين.. كيري يحدد 5 خطوات.. ويركز على دعم الإصلاحات السياسية والحوكمة الجيدة
بدأت منذ قليل، جلسات الحوار الإستراتيجي المصري - الأمريكي برئاسة سامح شكري وزير الخارجية، ونظيره الأمريكي جون كيري، بحضور ممثلين رفيعي المستوى لكل الوزارات والإدارات المعنية بالعلاقات المصرية الأمريكية بكل جوانبها.
ويشارك في الحوار ممثلون لوزارات التعاون الدولي والصناعة والاستثمار والتجارة والدفاع والتعليم، وكل من هو معنيٌّ بالعلاقات بين البلدين.
مرحلة جديدة
وأكد سامح شكري، وزير الخارجية، أن عقد الحوار الإستراتيجي بين القاهرة وواشنطن يؤسس لمرحة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلادين تسمح للجانبين بتحقيق مصالحهما المشتركة، ومواجهة مختلف التحديات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، خاصة تنامي ظاهرة الإرهاب التي يتسع نطاقها يومًا بعد يوم بشكل بات يهدد الأمن والاستقرار الدوليين.
وأضاف أن مصر والولايات المتحدة ارتبطتا لأكثر من أربعة عقود، بعلاقات إستراتيجية وثيقة مكنت البلدين من مواجهة العديد من القضايا الدولية والإقليمية.
وأشار إلى أن انعقاد الحوار الإستراتيجي اليوم، فرصة جادة للطرفين لمراجعة الجوانب المختلفة للعلاقات المصرية الأمريكية سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وتقييم هذه العلاقة في مجمل مناحيها، ومراجعة ما حققناه من أهداف تخدم مصلحة البلدين، والاستفادة من التقييم المشترك لما أنجزناه من نجاحات سواء على صعيد إدارة العلاقات الثنائية أو تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.
وأضاف أن الحوار يأتي أيضًا لبحث مجالات التباين في موقفنا وفقا للمتغيرات السياسية الراهنة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، بما يسمح ببلورة رؤية مشتركة تحدد مسار هذه العلاقة خلال السنوات القادمة، الأمر الذي يقتضي منا العمل بفكر جديد يستهدف تضييق مساحات عدم التطابق، والبناء على القواسم المشتركة التي تجمع بين مصر والولايات المتحدة.
العلاقات الثنائية
واستطرد: شهدت مصر على مدى الأعوام الأربعة الماضية، تغييرات سياسية متلاحقة عكست تطلع الشعب المصري للحرية والعدالة الاجتماعية، واليوم تبدأ مصر مرحلة جديدة ترسخ لأعمال مفاهيم الديمقراطية والحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتمكين المواطن المصري من المشاركة السياسية وتشجيع دور المجتمع المدني من منطلق الاستجابة والتفاعل مع الإرادة الحرة كشعب واعٍ يمتلك زمام أمره دون سواه.
وأضاف: نتطلع اليوم لأن يتناول الحوار الإستراتيجي بين البلدين العلاقات الثنائية؛ حيث يمثل محور العلاقات الثنائية بين البلدين الركيزة الأساسية للعلاقات بينهما.
وأعرب عن أمله في أن يساهم هذا الحوار في تعميق أوجه التعاون الثنائي المختلفة، وترسيخ المفهوم الإستراتيجي للعلاقات، وتحقيق الدعم السياسي المتبادل عندما تتوازى مصالح البلدين، وخاصة لتعزيز قدرة الحكومة المصرية على الوفاء بمتطلبات أفراد الشعب في إرساء مبادئ الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية باعتبارها وحدة غير قابلة للتجزئة، واستمرار التعاون الوثيق فيما بيننا في مجال حيوي، يعد إحدى الركائز الرئيسية للعلاقات وهو التعاون العسكري، بما يسهم بشكل فعال في تحقيق أمن البلدين، وتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.
كما أعرب عن آماله في أن يساهم الحوار في حث الجانب الأمريكي على الاستفادة من الفرص الاقتصادية الواعدة في مصر، على رأسها قانون الاستثمار الجديد ونظام الشباك الواحد وقانون تنمية منطقة قناة السويس ومشروعات تنمية قناة السويس وبرنامج دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير مستوى التعاون الثنائي لزيادة إنتاج الطاقة في مصر.
العلاقات الاقتصادية
وأوضح أن الأسلوب الأمثل لدعم العلاقات الاقتصادية بين البلادين، يتطلب إدارة العلاقات الاقتصادية بفكر جديد يستند إلى مفاهيم الشراكة الحقيقية القائمة على تحقيق المصالح المشتركة، والابتعاد عن أسلوب فرض المشروطيات وصولا إلى شراكة عميقة ومتوازنة بين البلدين، وتعبر عن إدراك حقيقي لطبيعة المرحلة المفصلية التي تجتازها مصر لتحقيق انطلاقة نحو المستقبل، وتعبر بصدق عن مدى الصداقة التي تربط بين البلدين والشعبين.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، قال شكري إن مصر تدرك دور الولايات المتحدة كقوة دولية مؤثرة، ونثق أن الإدارة الأمريكية تدرك أيضًا دور مصر كقوة إقليمية ذات تأثير واسع في محيطها الإقليمي والعربي والأفريقي والإسلامي، وعضويتها في حركة عدم الانحياز، ودورها البارز ضمن مجموعة دول الـ77 والصين.
وتابع «تثبت الأوضاع السياسية والراهنة في الشرق الأوسط، أن مصر تظل محور الارتكاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سبيل لاستبدال هذا الدور بأي قوة إقليمية أخرى، الأمر الذي يتطلب التنسيق الوثيق بين البلدين على أساس الاحترام المتبادل وتحقيق المنفعة المشتركة».
وأعرب شكري عن تطلعه في أن يتناول الحوار تبادل الرؤى حول الأزمات الراهنة في المنطقة وكيفية الخروج منها، وركز شكري على التزام مصر بالعلاقات الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والتطلع إلى مواصلة هذا الحوار مستقبلا في إطار آلية تنسيق مشترك يتم الاتفاق عليه.
5 خطوات
ومن جانبه، وضع جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، في بدء الحوار الإستراتيجي، خمس خطوات يمكن للبلدين التعاون في إطارها؛ حيث أعرب عن رغبة بلاده في العمل مع مصر لجذب رءوس الأموال لمزيد من الاستثمارات، مؤكدا على أهمية وجود مجال اقتصادي مفتوح، لافتا إلى أن هناك فريقا اقتصاديا أمريكيا على استعداد للعمل مع الفريق المصري؛ لإحداث تطور في هذا الشأن.
وقال "كيري": إن ثاني خطوة هي العمل المشترك من أجل حماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية وبراءات الاختراع، ليدرك الجميع أن كل ما يقومون به من أعمال تتم حمايتها، وأعرب عن استعداد بلاده لتعاون مصر لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ لخلق فرص عمل والتوسع في المنتجات التي يتم إنتاجها بالمناطق الحرة.
وأكد الوزير الأمريكي، استعداد بلاده للعمل مع القاهرة على وضع إستراتيجية محكمة ومتكاملة للطاقة، لافتا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، نجح في تحدي نقص الطاقة في هذا الصيف، معربا عن سعادته بالتقدم الذي حدث في هذا المجال.
وركز كيري خلال كلمته، على أهمية أن تعمل مصر والولايات المتحدة سويا من أجل دعم الإصلاحات السياسية والحوكمة الجيدة، لافتا إلى أنها المنصة الصحيحة للحكم.
تاريخ عظيم
وقال إن مصر لديها تاريخ عظيم في مجال القيادة، وكانت مركز العالم العربي، ونحن ملتزمون بعلاقاتنا مع مصر مع الحفاظ على حرية الصحافة والتعبير وتمكين المرأة، وأنه لا يوجد دولة عظيمة تقبل بأقل من هذا، مشددًا على أن الصداقة بين مصر والولايات المتحدة ليست قائمة على اتفاقات مثالية أو التهديد، ولكنها قائمة على الوعي بالمصالح المشتركة ومكافحة الإرهاب.
وتقدم كيري بالتهنئة إلى الحكومة والشعب المصري على الاحتفالات التي ستتم لافتتاح قناة السويس، ووصفه بأنه المشروع الذي سيكون له عظيم الأثر على الاقتصاد المصري والعالمي، مؤكدًا أن هذا إنجاز حققته مصر.
وأشار إلى عزم بلاده على مواصلة تقديم الدعم لمصر اللوجيستي والتدريبي؛ لتحقيق التقدم للقوات العسكرية في مصر، في إطار الدعم الأمني لها ودعمها في مكافحة التطرف، لافتا إلى أن واشنطن سلمت لمصر طائرات «إف 16» وأباتشي وعربات مصفحة وغيرها ومازال هناك المزيد.
وأكد أن العلاقات الإستراتيجية بين مصر وأمريكا قائمة على الفرص وليس التهديدات، وكلما زادت قوة مصر أصبح التعاون أفضل، مرحبا بكل الخطوات التي اتخذها الرئيس السيسي، لافتا إلى أنه ما زال هناك الكثير أمامه، مؤكدا على أن هذا ليس من باب الانتقاد ولكن ليكون هناك مناقشات بشكل أفضل، كما أكد على أن أمريكا تدعم الاقتصاد المصري ليكون أقوى، وهو بإمكانه أن يعود وتعويض أي انخفاضات وعلى مصر التوصل للخيارات الصحيحة.