رئيس التحرير
عصام كامل

أريد ولدى


أعتذر إليكى والدتي، فجسدى الضعيف لا يمنحنى القوة لأن أحمل رشاشًا، للأخذ بحق أخى الصائم، الذى نزفت دماؤه وتمزقت ثيابه، التى لم تتحمل طلقات الرصاص ، التى تلقاها وهو يرتدى البدلة العسكرية، التى ظلت شرفًا لنا نحن كمصريين، نعتبرها رمزًا للكرامة الوطنية .


لم أكن بعيدًا عندما تلقيت خبر مقتل أخى، شاهدت دموعك التى سالت على خدودك وأنت تأخذيننى بحضنك، وتخبريننى بأن أخى قد قتل .

شاهدت الصدمة على وجه أقاربى، أما أبى فكان يرتدى النظارة الشمسية لكى يخفى بها دموعه التى أحرقت قلبه على فلذة كبده، وقالت أمى لا شيء يعجبنى، لا الراديو، ولا التلفاز، لا صحف الصباح، أريد ولدى .

ألقيت نظرة خاطفة على قيادات الجيش التى حضرت لتودع أخى لمثواة الأخير، وعينى تكاد لا ترى بعد أن ملأت الدموع عدسات نظارتى .

أقبل أحدهم يقبل يد والدتى، أما أنا فنظر إلى وأخبرنى، أن شرف العسكرية المصرية لن يسمح له بالتخلى على دماء جنودنا الأبرار، مؤكدًا لى وهو يقبض بيديه القوية على كتفى الصغير، إنه بحق سيقتص لابنها .

مرت الدقائق كأنها سنوات على والدتى، وأبى الذى لم يدخل غرفة أخى لأنه كان يشم رائحته فى جدران الغرفة وملابسه المعلقة على الشماعة الخشبية خلف الباب .

أما خطيبته، فلم تنس مروره على منزلها ليأخذها ليذهبا للمسجد ليصليا صلاة الفجر، وسط الصقيع، يستمعون لابتهالات الشيخ نصر الدين طوبار، وما زالت تستمع لابتهال سبحت لله فى العش الطيور، وجسدها يرتجف من شده تعلقها بحبيبها، وتحتفظ بالهدايا التى كان يقدمها لها بجنيهات معدودة ، وتحفظ عن ظهر قلب مواعيدها ومناسبة كل منها .

واليوم ثبت اتهام حركة حماس بقتل نصفى الآخر، والذى كان يمثل " الحمل الذى اتكأ عليه فى كل أزمة ومشكلة تقابلنى " .

الحركة التى ترفع شعار المقاومة، لا مقاومة حققوا ولا سلامُا صنعوا، بل جلبوا الخزى والعار على الشعب الفلسطينى فى كل معركة خاضوها. فهل يعود حق أخى ، وتلتئم جراح أمى ، ويتوقف أبى عن ارتداء النظارة الشمسية ؟!.

الجريدة الرسمية