راكبو الموجة.. وكذابو الزفة في فرح افتتاح القناة
بعد غد الخميس تتجه أنظار العالم كله صوب مدينة الإسماعيلية؛ لمشاهدة إحدى عجائب الدنيا «الثمانية» بعد أن يضاف إليها قناة السويس الجديدة، التي يشهد افتتاحها بعد غد ممثلون عن مائة دولة من دول العالم، على رأسهم الرئيس الفرنسي هولاند.
المعجزة ليست في القناة.. وإنما في المدة الزمنية التي استغرقتها عملية حفر القناة وهي ٣٦٥ يوما فقط لا غير، وهو رقم قياسي صعب أن يتم تحطيمه قبل نصف قرن من الزمان.
في مثل هذا اليوم من سنة وبالتحديد يوم ٥ أغسطس ٢٠١٤، تلقيت دعوة من رئاسة الجمهورية لحضور حفل تدشين مشروع حفر فرع جديد لقناة السويس.
جلسنا في قاعة نادي الحديقة التابع لهيئة قناة السويس بالإسماعيلية، وكان لم يمض على تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي بضعة أشهر على انتخابه رئيسا للجمهورية، وقف يلقي كلمة في الحضور، وكنت جالسا في الصف الثالث، وتحدث عن البدء في تنفيذ مشروع قومي جديد يهم مصر.. بل يهم العالم كله وهو إنشاء قناة جديدة بالتوازي مع قناة السويس الأصلية.
سأل الرئيس السيسي اللواء كامل الوزير، رئيس أركان حرب الهيئة الهندسية، عن الفترة الزمنية التي يستغرقها تنفيذ المشروع فرد كامل الوزير بقوله: يا أفندم سوف نبذل أقصى جهود، وإن شاء الله خلال خمس سنوات نستطيع أن ننجز هذا المشروع العملاق.
رد السيسي مستغربا.. كم سنة؟.. قلت كام سنة، قال كامل الوزير: خمس سنوات يا أفندم
فاجأ السيسي الجميع بقوله: سنة واحدة!!
ضحك كامل الوزير ومهاب مميش وقالا: طيب يا أفندم.. إن شاء الله خلال ثلاث سنوات يكون المشروع جاهز لمرور السفن، عاد السيسي يرد: أنا قلت سنة واحدة!!.. يعني المشروع هيتنفذ في سنة واحدة.. يعني إن شاء الله أوائل أغسطس السنة الجاية ٢٠١٥، أجي الإسماعيلية علشان افتتح المشروع.
أدى كامل الوزير التحية العسكرية، وقال تمام يا أفندم، نعد سيادتكم بأن المشروع يتم إن شاء الله إنجازه خلال عام واحد!
نظر الرئيس السيسي إلى الفريق أول صدقي صبحي، وقال: ضع كل إمكانيات القوات المسلحة عند تصرف الفريق مهاب مميش واللواء كامل الوزير؛ للبدء في تنفيذ المشروع.. ثم نظر إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، طالبا منه تسخير كل إمكانيات الحكومة في توفير الاعتمادات المالية اللازمة، وسيتم طرح شهادات قناة السويس للشعب بمائة جنيه للشهادة، وعشرة جنيهات للتلاميذ، وجمعت مصر ٦٤ مليار جنيه خلال أسبوع واحد.
يا إلهي!!.. ما هذا الشعب الغريب.. العنيد الذي يظهر معدنه في الشدائد وفي المواقف الوطنية، ٦٤ مليار جنيه تم جمعها في أسبوع؟!!
ولم ولن ننسى مواقف المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان، ودعمها المالي، ثم تعليمات الشيخ خليفة بن زايد رئيس الإمارات، بإرسال أكبر وأعظم الكراكات في العالم مجانا إلى مصر؛ للمشاركة في عملية الحفر.
ودون أن نشعر مرت الأيام سريعا وكل يوم يخرج ملايين الأطنان من الرمال، واندفعت المياه إلى مجرى الملاحة الجديد، وقبل مرور العام تلقيت دعوة ثانية من الرئاسة لحضور حفل الافتتاح مع الضيوف من كل الدنيا، ملوك ورؤساء وأمراء وشيوخ ورؤساء وزراء وشخصيات عامة، وكل من سيحضر الحفل قطعا سيدخل التاريخ.
لن يقتصر الحفل على الافتتاح بل سوف يستمر حتى منتصف الليل، ويتخلله غذاء وعشاء، وحفل موسيقي لعمر خيرت، والفصل الثاني من أوبرا عايدة للموسيقار العالمي الإيطالي فيردي، التي تم إعدادها خصيصا للاحتفال بافتتاح القناة الرئيسية يوم الخميس ١٦ نوفمبر ١٨٦٩، بحضور الخديو إسماعيل الذي أنشئت مدينة جديدة أطلق عليها اسم الإسماعيلية نسبة إليه .. وبحضور إمبراطورة فرنسا وأجمل نساء الدنيا آنذاك الإمبراطورة الإسبانية الأصل أوجيني زوجة الإمبراطور نابليون الثالث، الذي لم يحضر معها حفل افتتاح القناة الأولى.
وفي حفل الافتتاح بعد غد سيظهر كذابو الزفة والأفاقون والأونطجية وهواة الثرثرة في الفضائيات، يتنقلون بين القنوات هم نفس الأشخاص بتوع ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ و٣٠ يونيو ٢٠١١ وبتوع قناة السويس وبتوع كله.. كل واحد منهم يدعي دوره البطولي في مشروع القناة، مثل أدواره الأونطة في الثورة الأولى والثورة الثانية.. وأيضا دورهم في فوز نادي الزمالك ببطولة الدوري، وهم سبب تعادل الأهلي وسموحة!!