الفتى محمود «حدوتة مصرية»
في أحد شوارع السويس الرئيسية، توجد ورشة صغيرة لتصليح إطارات السيارات، يعمل بها الصغير محمود، صاحب الـ12 ربيعا.. علامات الفرحة ترتسم على وجهه، فلم ينجح غبار السيارات في إخفاء براءته.. فقط ما أن يسمع اسمه تسبقه لقب «الأسطى» حتى تظهر عليه علامات السرور والفخر.
محمود نزل إلى سوق العمل؛ ليثبت لأهله أنه أصبح رجلا، يمكنه أن يتعب للحصول على النقود، وحتى لا يستطيع أحد «لي ذراعه» مستقبلا، هكذا علمه والده، لذلك تكونت داخله مناعة قوية ضد ساعات العمل الطويلة في الورشة، فهو يشتغل بدءا من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثانية عشرة في منتصف الليل؛ ليوفر 20 جنيها فقط، إلى جانب البقشيش.
«فيتو» كانت حاضرة مع «الرجل الطفل»، في حديث عن قصته مع الدنيا، وأحلامه وطموحاته.
> محمود.. هل اكتفيت بالعمل وتركت التعليم؟
أبدًا.. أنا طالب في الصف الخامس الابتدائي، والحمد لله «بنجح كل سنة من غير ملاحق».
> وكيف توفق بين شغل الورشة والدراسة؟
أنا لا أشتغل سوى في الإجازة فقط، لكن أتمنى أن أتمكن أثناء دراستي بالمرحلة الإعدادية من الجمع بين الورشة ووقت الدراسة والمذاكرة؛ حتى أستطيع زيادة دخلي.
> وماذا عن أسرتك؟
نحن 4 إخوة، أنا وأخي الكبير الطالب بالإعدادية نعمل في الإجازة، هو يعمل مساعد سمسار، وأنا أعمل في «نفخ الكاوتشات وغسل السيارات»، ولدىَّ شقيق آخر وأخت صغيرة، ولكنهم لا يعملون لأنهم صغار في السن.
> ووالدك.. ماذا يعمل؟
والدي عامل باليومية في أحد المصانع بالسخنة، وإذا مرض يوما يتم وقف راتبه، أما أمي فربة منزل.
> فلماذا إذن تعمل أنت وشقيقك؟
أبي علمنا أن «الرجل الحقيقي هو من يصرف على نفسه»، ولا أحد يضمن الظروف في الغد، ويجب أن نعتاد على الشقاء والعمل حتى نضمن مستقبلا أفضل مهما حدث، ويقول لنا إنه قد يترك عمله في أي لحظة، وساعتها من سيصرف علينا إذا لم نكن معتادين على العمل؟!
> وهل تحصل على أجر مرض؟
أنا «أقبض باليومية» وليس مرتبا دائما، فقط 20 جنيها في اليوم مع البقشيش، يعني «ربنا بيكرمنا وبنوفر مبلغ محترم».
> معنى ذلك أنك إذا لا قدر الله مرضت يوما ومنعك عن العمل لا تقبض؟
هذا طبيعي لكن صاحب الورشة رجل محترم ويعاملني «زي ابنه»، يعني «لو تعبان بجد يراعي ده في الفلوس»، ولو احتجت فلوس لا يتأخر عني، وطبعا «ده غير العيدية في الأعياد وشهر رمضان».
> وفيم تنفق أجرك؟
والدي يرفض أن يأخذ مرتبنا، لكن «بنتغدى في الشغل» من المرتب، بالإضافة للسجائر والشاي والقهوة، لكن أوفر جزءا منه للدراسة.
> معنى هذا أنك لا تخرج للتنزه واللعب مثل أبناء سنك؟
من ينزل للعمل صغيرا لا يكون مثل باقي الأطفال ممن هم في سنه، لكن في أوقات الدراسة أذهب مع أصدقائي لنلعب «البلاي ستيشن»، أو نخرج في أول أيام العيد فقط إلى السينما، وأتناول وجبة كشري، وهذا هو العيد بالنسبة لي.
> ما مواعيد عملك اليومية؟
عملي في الورشة يمتد إلى 16 ساعة يوميا، يبدأ من الثامنة صباحا وحتى الثانية عشرة ليلا.
> عمل الأطفال في مصر تحت سن معينة ممنوع.. ما رأيك؟
لو وفروا لوالدي معيشة تضمن له الاستمرار في عمله بمرتب محترم، ومعاش بعد ذلك، ماذا كان سيدفعنا للعمل، الأطفال ممنوع عليهم الشغل، ولكننا من اليوم الأول في الشارع أصبحنا رجلين؛ لأن الشارع «بيعلم كتير».
> وماذا تتمنى لمستقبلك؟
أتمنى الالتحاق بمدرسة ثانوي صنايع، بشرط أن تكون على مستوى عال، وأحلم بتعلم الميكانيكا، ثم أدخل منها كلية الهندسة، يمكن أن أتمكن من تصنيع السيارة في يوم من الأيام، وأتمنى بعد تخرجي أن أمتلك شقة واسعة في منطقة جيدة؛ لأن بيتنا يقع في منطقة المنازل فيها مفتوحة على بعضها، حينما أدخل الشرفة لا أعرف هل نحن في منزلنا أم في منزل جيراننا.
> ما هواياتك؟
أنا أحب كرة القدم، وزملكاوي جدا، حينما لا يكون هناك شغل ألعب مع أصدقائي بجوار الورشة، ولو شاهدني مسئولون من ناد كبير أكيد سيخطفونني، وأقبض مثل اللاعبين، وقد أصبح غنيا وأشتري سيارة مثل السيارات التي أشاهدها!
> هل صاحب الورشة يغضب حين تلعب الكرة أو تشاهد المباريات؟
أبدا.. فالمباريات أتابعها على تليفزيون المقهى المجاور للورشة أثناء العمل، وأنا لا أذهب للعب أثناء الشغل.
> كيف يتعامل الزبائن معك؟
الذين يعرفونني يقولون لي يا أسطى محمود، هم يعرفون أني «شاطر في مهنتي»، وأعرف بأسلوبي كيف أجعل من يعرفني لأول مرة يحبني سريعا، ولكن هناك الذي يأتي غاضبا ويرحل غاضبا، وهؤلاء لا يدفعون بقشيشا أيضا.
> وماذا تعلمت من وجودك في الشارع؟
في الشارع يمكنك تعلم السيئ والحسن، وتعلمت الاعتماد على النفس، الرجولة والجدعنة في الشارع، وأيضا تعلمت تدخين السجائر.
> لكن السجائر ممنوعة لمن هم أقل من 18 عاما؟
نشتري السجائر عادي، وهي تساعدنا على تحمل الزبائن وضغط الشغل، كما أنها تضيف هيبة على الشخصية «بحس أني أسطى بجد»!!
> والدك يعرف أنك تدخن؟
هو مدخن ولكنه لا يعرف، وأظن أن والدتي تعرف، حاولت أن تكلمني في هذا الأمر، ولكنها لم تتكلم صراحة، لا أعرف ماذا سأقول وقتها، قد أقول لها كما قلت لك إنها تعينني على العمل.
> هل أنت سعيد في عملك؟
صاحب الورشة يعتبرني مديرها، هو يعطيني المفتاح ويعتمد علىَّ، ولهذا أنا سعيد جدا بعملي.
> هل تتابع الأحداث السياسية؟ هل تعرف من رئيس الجمهورية الحالي؟
أعرف أن رئيسنا هو الرئيس السيسي، وأعرف أن هناك مشاكل في البلد، وأن قناة الجزيرة عميلة وتنشر الإرهاب، وأسمع عن تفجيرات وجنود من الجيش والشرطة يستشهدون، ممكن أكون جنديا في الجيش بعد ذلك، لا أحب أن أموت غدرا خوفا على أمي، ولكننا أنا وإخوتي سنكون فخورين إذا استشهدنا فداء لمصر.
> وماذا تتمنى من الرئيس السيسي؟
والدي يقبض 600 جنيه في الشهر فقط، نفسي مرتبه يزيد يمكن وضعنا يختلف، ونفسي أيضا أن يتم تعيينه في الشركة، وقتها سأكون في حال أفضل وأضمن الالتحاق بالجامعة، ونفسي الرئيس يهتم بينا لأننا نحبه.
> محمود.. هل اكتفيت بالعمل وتركت التعليم؟
أبدًا.. أنا طالب في الصف الخامس الابتدائي، والحمد لله «بنجح كل سنة من غير ملاحق».
> وكيف توفق بين شغل الورشة والدراسة؟
أنا لا أشتغل سوى في الإجازة فقط، لكن أتمنى أن أتمكن أثناء دراستي بالمرحلة الإعدادية من الجمع بين الورشة ووقت الدراسة والمذاكرة؛ حتى أستطيع زيادة دخلي.
> وماذا عن أسرتك؟
نحن 4 إخوة، أنا وأخي الكبير الطالب بالإعدادية نعمل في الإجازة، هو يعمل مساعد سمسار، وأنا أعمل في «نفخ الكاوتشات وغسل السيارات»، ولدىَّ شقيق آخر وأخت صغيرة، ولكنهم لا يعملون لأنهم صغار في السن.
> ووالدك.. ماذا يعمل؟
والدي عامل باليومية في أحد المصانع بالسخنة، وإذا مرض يوما يتم وقف راتبه، أما أمي فربة منزل.
> فلماذا إذن تعمل أنت وشقيقك؟
أبي علمنا أن «الرجل الحقيقي هو من يصرف على نفسه»، ولا أحد يضمن الظروف في الغد، ويجب أن نعتاد على الشقاء والعمل حتى نضمن مستقبلا أفضل مهما حدث، ويقول لنا إنه قد يترك عمله في أي لحظة، وساعتها من سيصرف علينا إذا لم نكن معتادين على العمل؟!
> وهل تحصل على أجر مرض؟
أنا «أقبض باليومية» وليس مرتبا دائما، فقط 20 جنيها في اليوم مع البقشيش، يعني «ربنا بيكرمنا وبنوفر مبلغ محترم».
> معنى ذلك أنك إذا لا قدر الله مرضت يوما ومنعك عن العمل لا تقبض؟
هذا طبيعي لكن صاحب الورشة رجل محترم ويعاملني «زي ابنه»، يعني «لو تعبان بجد يراعي ده في الفلوس»، ولو احتجت فلوس لا يتأخر عني، وطبعا «ده غير العيدية في الأعياد وشهر رمضان».
> وفيم تنفق أجرك؟
والدي يرفض أن يأخذ مرتبنا، لكن «بنتغدى في الشغل» من المرتب، بالإضافة للسجائر والشاي والقهوة، لكن أوفر جزءا منه للدراسة.
> معنى هذا أنك لا تخرج للتنزه واللعب مثل أبناء سنك؟
من ينزل للعمل صغيرا لا يكون مثل باقي الأطفال ممن هم في سنه، لكن في أوقات الدراسة أذهب مع أصدقائي لنلعب «البلاي ستيشن»، أو نخرج في أول أيام العيد فقط إلى السينما، وأتناول وجبة كشري، وهذا هو العيد بالنسبة لي.
> ما مواعيد عملك اليومية؟
عملي في الورشة يمتد إلى 16 ساعة يوميا، يبدأ من الثامنة صباحا وحتى الثانية عشرة ليلا.
> عمل الأطفال في مصر تحت سن معينة ممنوع.. ما رأيك؟
لو وفروا لوالدي معيشة تضمن له الاستمرار في عمله بمرتب محترم، ومعاش بعد ذلك، ماذا كان سيدفعنا للعمل، الأطفال ممنوع عليهم الشغل، ولكننا من اليوم الأول في الشارع أصبحنا رجلين؛ لأن الشارع «بيعلم كتير».
> وماذا تتمنى لمستقبلك؟
أتمنى الالتحاق بمدرسة ثانوي صنايع، بشرط أن تكون على مستوى عال، وأحلم بتعلم الميكانيكا، ثم أدخل منها كلية الهندسة، يمكن أن أتمكن من تصنيع السيارة في يوم من الأيام، وأتمنى بعد تخرجي أن أمتلك شقة واسعة في منطقة جيدة؛ لأن بيتنا يقع في منطقة المنازل فيها مفتوحة على بعضها، حينما أدخل الشرفة لا أعرف هل نحن في منزلنا أم في منزل جيراننا.
> ما هواياتك؟
أنا أحب كرة القدم، وزملكاوي جدا، حينما لا يكون هناك شغل ألعب مع أصدقائي بجوار الورشة، ولو شاهدني مسئولون من ناد كبير أكيد سيخطفونني، وأقبض مثل اللاعبين، وقد أصبح غنيا وأشتري سيارة مثل السيارات التي أشاهدها!
> هل صاحب الورشة يغضب حين تلعب الكرة أو تشاهد المباريات؟
أبدا.. فالمباريات أتابعها على تليفزيون المقهى المجاور للورشة أثناء العمل، وأنا لا أذهب للعب أثناء الشغل.
> كيف يتعامل الزبائن معك؟
الذين يعرفونني يقولون لي يا أسطى محمود، هم يعرفون أني «شاطر في مهنتي»، وأعرف بأسلوبي كيف أجعل من يعرفني لأول مرة يحبني سريعا، ولكن هناك الذي يأتي غاضبا ويرحل غاضبا، وهؤلاء لا يدفعون بقشيشا أيضا.
> وماذا تعلمت من وجودك في الشارع؟
في الشارع يمكنك تعلم السيئ والحسن، وتعلمت الاعتماد على النفس، الرجولة والجدعنة في الشارع، وأيضا تعلمت تدخين السجائر.
> لكن السجائر ممنوعة لمن هم أقل من 18 عاما؟
نشتري السجائر عادي، وهي تساعدنا على تحمل الزبائن وضغط الشغل، كما أنها تضيف هيبة على الشخصية «بحس أني أسطى بجد»!!
> والدك يعرف أنك تدخن؟
هو مدخن ولكنه لا يعرف، وأظن أن والدتي تعرف، حاولت أن تكلمني في هذا الأمر، ولكنها لم تتكلم صراحة، لا أعرف ماذا سأقول وقتها، قد أقول لها كما قلت لك إنها تعينني على العمل.
> هل أنت سعيد في عملك؟
صاحب الورشة يعتبرني مديرها، هو يعطيني المفتاح ويعتمد علىَّ، ولهذا أنا سعيد جدا بعملي.
> هل تتابع الأحداث السياسية؟ هل تعرف من رئيس الجمهورية الحالي؟
أعرف أن رئيسنا هو الرئيس السيسي، وأعرف أن هناك مشاكل في البلد، وأن قناة الجزيرة عميلة وتنشر الإرهاب، وأسمع عن تفجيرات وجنود من الجيش والشرطة يستشهدون، ممكن أكون جنديا في الجيش بعد ذلك، لا أحب أن أموت غدرا خوفا على أمي، ولكننا أنا وإخوتي سنكون فخورين إذا استشهدنا فداء لمصر.
> وماذا تتمنى من الرئيس السيسي؟
والدي يقبض 600 جنيه في الشهر فقط، نفسي مرتبه يزيد يمكن وضعنا يختلف، ونفسي أيضا أن يتم تعيينه في الشركة، وقتها سأكون في حال أفضل وأضمن الالتحاق بالجامعة، ونفسي الرئيس يهتم بينا لأننا نحبه.