تجار «الشهادة الكبيرة»..الدكتوراه في 20 يوما والدبلومة الدولية في 48 ساعة.. «التعليم العالي» ترصد 20 جامعة وهمية تمارس النصب على الطلاب.. و«الضبطية القضائية» تصل البدرشين
في هذا الوقت من كل عام، تنشط حملات الدعاية للجامعات والمعاهد الخاصة؛ لاستقطاب طلاب الثانوية العامة وحملة الدبلومات الفنية.
وفي زحمة الدعاية تنتشر إعلانات لأسماء كيانات براقة، منها ما يحمل مسمى الأكاديمية أو الجامعة أو المعهد العالي، لكنها في حقيقة الأمر لا تعدو كونها كيانات وهمية ومسميات لأماكن غير مرخصة وغير معتمدة، احترف القائمون عليها "بيع الوهم" للطلاب وأولياء أمورهم، وقد وصل الأمر إلى حد إعلان وزارة التعليم العالي عن رصدها نحو 20 جامعة وهمية تمارس النصب على الطلاب، محذرة من الانضمام إلى تلك الكيانات.
والواقع أن ما رصدته وزارة التعليم العالي، وما أعلنته حول تلك الكيانات الوهمية، جزء قليل جدا للغاية من الواقع الذي يؤكد أن هناك عشرات الكيانات التي تمارس عمليات النصب على الطلاب وتبيع الوهم، تحت مسميات جامعية.
وعلى رأس الكيانات الوهمية التي رصدتها وزارة التعليم العالي، وشكلت لجان ضبطية قضائية تابعة للوزارة لضبطها، تأتي الأكاديمية الحديثة للعلوم المتطورة، ومقرها 5 شارع عبد الرحمن الشرقاوي بالمهندسين، وكذلك الأكاديمية الكندية الأوربية التي لم تتمكن لجان الضبطية القضائية بالتعليم العالي من تحديد مقرها الجديد، بعد أن اكتشفت إغلاق مقرها المعلن عبر شبكة الإنترنت، وهناك أيضًا الأكاديمية البحرية التجارية المصرية بالإسكندرية، وهي من الكيانات التي لا تعلم وزارة التعليم العالي شيئًا عن تراخيصها أو اعتمادها، ولذلك أخطرت وزارة التعليم العالي، قطاع النقل بوزارة النقل لمعرفة موقفها من تلك الأكاديمية، كما تم إرسال ملف تلك الأكاديمية إلى الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية؛ لمعرفة مدى التزام تلك الأكاديمية بالإجراءات القانونية، وهل استوفت الشروط اللازمة للترخيص لها أم لا؟
ومن الكيانات التي ذاع صيتها مؤخرًا، رغم عدم امتلاكها لتراخيص عمل أو قرارات إنشاء أو اعتماد، تأتي الشركة الأوربية لتكنولوجيا المعلومات والدراسات المتطورة، وقد خاطبت وزارة التعليم العالي رئيس مكافحة جرائم الأموال العامة؛ للإفادة بأنه لم يصدر لتلك الشركة المزعومة أي ترخيص، وتم توجيه نيابة البدرشين للتحقيق في وجود كيان وهمي تحت مسمى المعهد الحديث لتكنولوجيا الحاسبات واللغات بالبدرشين.
وداهمت لجان الضبطية القضائية أكاديمية المعرفة للتدريب والاستشارات، والتي تزعم في إعلاناتها تبعيتها لجامعة حلوان، وبناء عليه تم إخطار الجهات الرقابية بالتقارير الواردة ضد تلك الأكاديمية؛ لعدم وجود أدلة كافية عن التعاون مع جامعة حلوان.
ومن الكيانات الوهمية التي داهمتها لجان الضبطية القضائية أكاديمية الشرق بالزقازيق، وكذلك مركز "علمي" بزهراء المعادي، وقد أغلق مقر المركز مؤخرًا وتم إيقافه عن مزاولة نشاطه، بالإضافة إلى ضبط أكاديمية النصر بالعاشر من رمضان، وإرسال الأوراق إلى إدارة الشئون الاجتماعية بالعاشر؛ لاتخاذ الإجراءات اللازمة بصفة عاجلة في المخالفات التي شابت النشاط.
كما أصدرت "التعليم العالي" قرارًا بإغلاق الجامعة الدولية للنظم التعليمية بمنطقة الشيراتون بمصر الجديدة، وكذلك صدر قرار وزاري بإغلاق ما يسمى بالجامعة السويسرية في مدينة نصر، وصدر قرار بإغلاق كيان أطلق عليه مسمى جامعة "بورتسموث" بشارع لبنان بالمهندسين وضبط القائمين عليه، والمقر ليس له علاقة بجامعة "بروتوسموث" الإنجليزية، لكن القائمين عليه استغلوا اسم الجامعة البريطانية وأنشئوا موقعًا إلكترونيا باللغة العربية بمسمى الجامعة الإنجليزية، وبدءوا في تلقى الطلبات باعتبارهم فرع الجامعة الإنجليزية في مصر، ووضعوا ضمن إعلانهم معلومات تفيد بوجود بعثات علمية تنظمها الجامعة لطلابها للدراسة في إنجلترا.
لم يقتصر الأمر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وإعلانات الحوائط، أو حتى المنشورات الدعائية التي توزع أمام مكتب تنسيق القبول، بل وصل الأمر إلى حد الإعلان عبر الصحف والفضائيات ومحطات الراديو، من ذلك إعلان أكاديمية الشرق للعلوم التطبيقية (أحد الكيانات الوهمية) عن تقديمها برامج تعليمية تمكن الدارس من الحصول على درجة البكالوريوس في مدة تتراوح بين 15- 20 يومًا فقط، وذلك بدلًا من 3 أشهر، زاعمة أن تلك الشهادات يحصل عليها الدارس من كبرى الجامعات الأمريكية والبريطانية، وأنه يمكن توثيق تلك الشهادات عن طريق سفارات الدول العربية في تلك البلدان.
الأكاديمية ذاتها أعلنت، في إعلان ثانٍ لها، أنها قادرة على منح الدارس شهادة الدبلومة الدولية في مدة لا تتجاوز الـ48 ساعة، وذلك في تخصصات علم النفس والتربية والدراسات التسويقية، والعلوم الإدارية والقانون والمحاسبة، بل إنها ادعت إمكانية حصول الدارس في ذلك المكان الهلامي على درجة الماجستير والدكتوراه في مدة 20 يومًا، أي أقل من المدة الزمنية التي يستغرقها طلاب الثانوية العامة لإنهاء امتحاناتهم التي تستمر لمدة شهر كامل.
وتضم قائمة المنشآت الوهمية كذلك المعهد العلمي المتقدم لتكنولوجيا المعلومات، أكاديمية سير سوفت لتكنولوجيا الحاسبات والبترول، أكاديمية النظم واللغات والإدارة بحلوان ومعهد الشرق الأوسط لتكنولوجيا الحاسبات المعروف باسم "mideast" ومعهد IBI للعلوم اللاسلكية ومقره في شارع مدكور متفرع من شارع الهرم بالجيزة، ووفقًا لإعلانات المعهد فإنه لا يتقيد بأي شروط ويقبل الدارسين مهما كانت شهاداتهم سواء كانت ثانوية عامة أو دبلوما فنيا، وبمجموع 50%، ولا يشترط سنة التخرج، لكن يشترط تحصيل مبالغ مالية بشارع الشوربجي مدكور تجاه متحف طه حسين بالهرم، حيث حدد المصروفات الدراسية للفرقة الأولى 1650 جنيها، ويحصل الخريج على مؤهل فوق متوسط شهادة مشغل لاسلكي من الدرجة العامة، وأعلن المعهد أن من مميزات الدراسة به أنها تكون طبقًا للنظام العالمي للاستغاثة والسلامة البحرية GMDSS، ومن الكيانات الوهمية أيضًا المعهد العلمي المتقدم للحاسبات.
وتعقيبا على استمرار عمل تلك الكيانات، والدور الذي تمارسه وزارة التعليم العالي لتحجيم دورها، والقضاء عليها في أقصر وقت ممكن، أكد وزير التعليم العالي الدكتور السيد عبد الخالق، أن الوزارة تلاحق تلك الكيانات الوهمية، وأنه فور التوصل إلى أي معلومات حول أي كيان ينتحل صفة جامعة أو أكاديمية أو معهد دون سند قانوني، تتحرك لجان الضبطية القضائية بالوزارة لضبط المسئولين عن الكيان الوهمي، وإحالتهم إلى النيابة وإغلاق مقر هذا الكيان.
وكانت لجان الضبطية القضائية، داهمت مؤخرًا 15 مقرا لكيانات وهمية، أساءت بشكل مباشر لسمعة التعليم الخاص في مصر.
"عبد الخالق" حذر أيضًا الطلاب وأولياء أمورهم من الانسياق وراء هذه الأوهام، لافتًا إلى أن موقع تنسيق القبول بالجامعات يشمل قوائم بأسماء الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة المعتمدة، وتوجد 18 جامعة خاصة معتمدة وجامعتان أهليتان، وتلك هي الجامعات المعتمدة التي تمنح الطلاب شهادات معترف بها في الداخل المصري، وبعضها جامعات معترف بها دوليا.