رئيس التحرير
عصام كامل

قصة أخطر جاسوس إسرائيلي في سجون أمريكا.. واشنطن توافق على الإفراج عن «جوناثان بولارد» إرضاء لتل أبيب مقابل الاتفاق الإيراني.. وعائلته تشيد بدور نتنياهو في الضغط على «أوباما» بشأن ت

جوناثان بولارد
جوناثان بولارد

أثار قرار السلطات الأمريكية بالإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، في 20 نوفمبر المقبل، فرحة عارمة داخل الدولة العبرية.

قضى بولارد 30 عاما في السجون الأمريكية، على خلفية قضية تجسس كبيرة، وحكم على بولارد الذي كان يعمل في استخبارات البحرية الأمريكية بالسجن مدى الحياة، بعد إدانته بنقل معلومات سرية إلى أجهزة الاستخبارات الأمريكية.


واتهم بولارد بالتجسس على الولايات المتحدة واستغلال منصبه لتسريب معلومات لصالح إسرائيل، وتنازل بولارد عن الحق في المحاكمة في مقابل القيود المفروضة على الحكم.

تم الإقرار بأنه مذنب، وأدين لكونه جاسوسا لحساب إسرائيل، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة في العام 1986، نفت إسرائيل حتى العام 1998، أن يكون بولارد جاسوسا لحسابها، وفي العام 2008 تم منحه الجنسية الإسرائيلية.

ورقة ضغط
استخدمت إسرائيل بولارد دومًا ورقة ضغط على المفاوضات مع الفلسطينيين، فكلما تطلب من إسرائيل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين كانت تتعالى الأصوات الإسرائيلية المنادية بإطلاق سراحه، وفي كل مرة يزور رئيس حكومة إسرائيلي واشنطن (وبالطبع أيضًا في الحالات النادرة التي يزور فيها رئيس أمريكي إسرائيل)، يقول المسئولون الإسرائيليون إن الولايات المتحدة ما زالت محتفظة، وترفض إطلاق سراح بولارد، إلا أنه صدر قرار السلطات الأمريكية أمس بالموافقة على الإفراج عنه في نوفمبر المقبل.

الاتفاق النووي
ورغم رفض واشنطن منذ عقود، إطلاق سراح بولارد إلا أن خطوة الموافقة على ذلك جاءت بعد أيام قليلة من توقيع الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، الذي أعلنت إسرائيل غضبها منه.

اللافت أن إسرائيل تنظر إلى بولارد؛ كونه لم يسبب الضرر الأكبر للولايات المتحدة، بل إدوارد سنودن، الذي سرب وثائق وكالة الأمن القومي؛ حيث تسبب بضرر أسوأ بكثير، وهذا من منطلق أن بولارد تجسس ليس لصالح دولة صديقة وليس عدوا كما فعل بولارد.

ولد جوناثان جاي بولارد عام 1954 في ولاية تكساس، كان أبوه بروفيسورًا في علم الأحياء المجهري وأمه ربة منزل، وفي وقت لاحق انتقلت الأسرة إلى إنديانا، لم تكن عائلة بولارد في يوم من الأيام متدينة جدًّا في إخلاصها لليهودية، ولكنها حرصت على إبقاء اتصال لها باليهودية بل بدولة إسرائيل.

عام 1970، زار بولارد إسرائيل للمرة الأولى، في معسكر لدراسات العلوم.

اختبار كشف الكذب

في سن 25 التحق بولارد بالاستخبارات البحرية الأمريكية، بعد أن تم رفض طلبه للانضمام إلى صفوف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (‏CIA‏)؛ لأن اختبارات جهاز الكشف عن الكذب الخاصة به كشفت عن وجود مشكلة في المصداقية.

وتقول التقارير الإسرائيلية، إن الضباط الذين قبِلوا بولارد للعمل في الاستخبارات البحرية لم يعلموا شيئًا عن أنه لم تتم الموافقة على انضمامه إلى خدمة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (‏CIA‏).

في تلك الفترة تقريبًا، كان هناك تباعد معين في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، على الرغم من الاتفاقات حول التعاون الاستخباراتي الواسع، فهم مسئولون في إسرائيل أن الولايات المتحدة تمنع إسرائيل من الوصول إلى معلومات مهمة حول أعدائها.

نقل الوثائق لإسرائيل
في الوقت الذي فهمت فيه إسرائيل أن عليها تعزيز قبضتها الاستخباراتية في الولايات المتحدة، التقى بولارد عام 1984 مع أبيام سيلع، وهو ضابط في سلاح الجو الإسرائيلي، كان يمكث في الولايات المتحدة في إجازة دراسية، وعرض بولارد على سيلاع المساعدة، وعلى مدى العام الذي مر منذ التقائهما، نقلت بينهما وثائق كثيرة وذات قيمة، وفي كل يوم جمعة، كان يأتي بولارد إلى منزل خفي، وينقل الوثائق التي تم مسحها وإرسالها لإسرائيل.

بهذه الطريقة تم نقل مئات الآلاف من الوثائق.

قصف منظمة التحرير بتونس

استخدمت إسرائيل المعلومات التي نقلها بولارد كثيرًا، ومن بين تلك الأمور، فقد استخدمت هذه المعلومات لإعداد أسلحة دفاعية ضد ما زعمت بأنها أسلحة الدمار الشامل لدى البلاد العربية، وكانت أشهرها قصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس عام 1985. 

في الوقت نفسه، بدأ رؤساء بولارد بالشك فيه؛ حيث عثر في غرفته على وثائق غير متعلقة بمجاله بشكل مباشر، وبدأ وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI‎) بتعقب بولارد.

الهرب إلى السفارة الإسرائيلية
حين فهم بولارد أن الخناق يضيق حول عنقه، قرر الهرب مع زوجته إلى سفارة إسرائيل في الولايات المتحدة.

طرد رجال السفارة الزوجين، وحكم على بولارد بالسجن مدى الحياة، بينما حُكم على زوجته بـ40 شهرًا في السجن، تطلقت خلالها من زوجها.

إشادة عائلية
علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على نبأ الإفراج الوشيك عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، بعد سجنه لمدة ثلاثين عاما في الولايات المتحدة.

ونقل موقع «واللا» الإخباري العبري عن نتنياهو قوله: «بعد جهد دام عقودا، سيتم الإفراج في النهاية عن جوناثان بولارد، إننا ننتظر إطلاق سراحه بفارغ الصبر».

وأشادت عائلة بولارد بجهود نتنياهو، قائلة إنه فعل أكثر ممن سبقوه من أجل إطلاق سراح بولارد، وأعلن محامو بولارد، في وقت سابق في واشنطن، أن الإفراج عنه سيتم في 21 نوفمبر المقبل.
الجريدة الرسمية