حبيب الجفرى والمثقفون.. إيد واحدة في التخريب!!
في دائرة مستديرة كنا نناقش العلاقة بين الدين أو ما سمى بالإسلام السياسي والثقافة، قبل انتخابات الرئاسة الأولى مباشرة وكان على رأسها د.صلاح فضل، والراحل الأديب فؤاد قنديل، والراحل الشاعر حلمى سالم، والراحل المؤرخ د.عبادة كحيلة، والأديب محيي الدين صالح، والناقد والفنان التشكيلى عز الدين نجيب، وآخرون، للأسف ذاكرتى لا تسعفنى لأتذكرهم، كان هناك اتفاق أن هناك مشكلة بين من يرفع شعارات دينية ومن يعمل في مجالات الثقافة والإبداع، وكانت الدفة تشير إلى حدوث صدام لا محالة والفائز هنا قطعا هو من يرفع شعارات دينية، ليس لأن لديه مشروعا مقنعا ولكن لحساسية المجتمع المفرطة تجاه الدين، والأهم -كما كان الجميع متفق عليه- أن النخبة المثقفة أو الدولة لم تقدم مشروعا ثقافيا للمجتمع أولا، ولمواجهة الدعوات غير الحضارية وبالتالى لا أحد يلوم الشباب لو اتجه لأى أفكار متطرفة أو متخلفة...!
تذكرت هذا اللقاء الذي امتد عدة ساعات بقيادة د.صلاح فضل، عندما قرأت تصريحات للشيخ حبيب على الجفرى، يحلل لماذا ابتعد الشباب عن الدين؟ حدد الحبيب الجفرى ستة أسباب جميعها بمستوى الخطاب الدينى الذي خلا من الجمال والعمق والإنسانية، كما أنهم لم يجدوا في الخطاب أيضًا الأخلاق والعقلانية والطرح العلمى وهذا ظلم كبير للدين...!!
من هنا تبدأ النخبة المثقفة تشكو من عدم تقديم مشروع ثقافى للمجتمع لرفع مستواه الحضارى ولمواجهة أي تجمد فكرى دينى، وأصحاب الدعوة الإسلامية تعترف هي بأنها لم تقدم شيئا للشباب يليق بصحيح الدين ؟؟
السؤال هنا من أين يستقى المجتمع ثقافته أو الدين الصحيح؟ أين كان يذهب الشباب ليستقى ما يريد؟ مؤكد من الجهلاء بالدين وأصحاب الفتاوى البعيدة عن صحيح الدين، باختصار وقع المجتمع وخاصة الشباب في أيدي المدعين والجهلاء من رجال الدين وأيضا رجال الثقافة والإبداع، اكتفى المثقفون بحكاوى القهاوى والنضال الأشبه بطواحين الهواء، واكتفى رجال الدين بالمحبين والمريدين، ويتفق كلا الجانبين على تقصير من يمثلهم، المثقفون يعترفون بالتقصير، ورجال الدين وعلى لسان حبيب الجفرى: نحن لا نبرئ أنفسنا من تحمل نصيبها من المسئولية عن هذا الخلل، نحن نخدم الدين.. وبالتالى لا نعتبر أنفسنا نحن الدين.. واعتبار أن من يخطئ على الدين غير صحيح.. لأننا إذا عاملنا الناس على أساس أن من يخطئ علينا يخطئ على الدين؛ فسيتعاملون مع أخطائنا على أساس أنها أخطاء الدين، نفس المعنى بتغيير بعض الكلمات كان كلمات المثقفين.
لهذا أصبح لزاما على الجميع أقصد النخبة الثقافية التي عجزت عن تقديم مشروع مصري بحق من أجل المواطن البسيط، والنخبة الدينية أيضا، عليهم الاعتراف أولا بأن ما نراه من تطرف وجهل وانحدار في القيم هم مسئولون عنه تماما، هذا إذا كانوا فعلا يريدون إصلاح المجتمع الذي خربوه بنرجسيتهم وحبهم للنجومية والأصدقاء والأحباب والكلام المعسول وجمع الأموال...إلخ
المجتمع المصرى والعربى عامة يحتاج بالفعل ثورة حقيقية للتغيير الجذرى على أسس حقيقية من الأخلاق والقيم النبيلة التي لا تختلف عليها الأعراف أو الكتب السماوية.. وإلا الأمور ستزيد سوءًا.