رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. «مقهى ريش» التاريخ مر من هنا.. قبوه يعود للحياة بعد ترميمه.. سراديبه السرية ومطابع المنشورات شاهدة على ثورة 1919.. «الثقافة» تفكر في السطو عليه.. والمالك: سيظل قب

فيتو

"17 شارع طلعت حرب" هنا جلس نجيب محفوظ وقامات مصر الثقافية، هنا روح التاريخ تجذبك ما إن تدلف من أبواب المكان حتى تشعر وكأنك انتقلت إلى القرن الماضي من الزمان، صفاء يكسو دفة قلبك، فتصير شاهدًا على التاريخ الذي يحكي نفسه تلقائيًا على الجدران، دون أن تطلب منه ذلك... هنا يقع "مقهى ريش"، تلك القبلة التي كانت تجمع المثقفين تحت رايتها فتحميهم من عواصف الواقع المزدري، وتشعل فيهم جذوة الأمل، تهديهم وردة أنس في زمن خيمت فيه الزنابق السوداء مرتعًا للفاسدين.


وفاة صاحبه
ولم يكن خبر وفاة صاحب مقهى ريش "مجدي ميخائيل" أول مالك مصري للمكان، بالحدث العابر، والذي ترتب عليه إغلاق المقهى لمدة تربو إلى الشهر، فهو الذي حافظ على معماره وهيئته التي بني عليها، حيث شيده رجل ألماني الجنسية، وباعه عام 1914 إلى هنري بير أحد الرعايا الفرنسيين الذي أعطى له اسم "ريش" ليتشابه بهذا الاسم مع أشهر مقاهي باريس التي ما زالت قائمة إلى الآن، ويسمى "كافيه ريش"، وقبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى اشتراه تاجر يوناني مشهور من صاحبه الفرنسي، ووسعه وحسن بنائه.
ويمتلك المقهى الآن، زوجة وأبناء شقيق "مجدي ميخائيل"، والذي توفي في نفس اليوم الذي توفي فيه مجدي، لكن باختلاف زمني يتخطى الثلاث سنوات.

إعادة الافتتاح
في زيارة أجرتها "فيتو" إلى المكان بعد افتتاحه مرة أخرى، قال أندور عبد الملاك، أحد مالكي المقهى، إن وفاة عمه كانت صدمة للجميع، حيث أثر غيابه على المكان الذي عاش بين جدرانه، قائلًا: "سنحافظ على المكان، ولن نقبل بالمساس به أو تغيير تراثه وآليه عمله، حيث إن المكان ذو طابع خاص اعتاد عليه رواده، ولا يمكن تغييره".

إشراف وزارة الثقافة
وعلق أندرو ووالدته على إقتراح ضم وإشراف وزارة الثقافة على المكان، قائلين: "لا يمكن للوزارة ضم المكان لممتلكاتها أو التدخل في عمله، وإنما يمكنها الإشراف عليه بين الحين والآخر باعتباره أثرا تاريخيا يجب الحفاظ عليه"، مشيرين إلى أن المكان عاد إلى العمل مرة أخرى، وعاد الساسة والمثقفين إلى طاولات المكان.

ثورة 1919
واصطحب أندرو "فيتو" في جولة بأرجاء المكان، وإلى "قبو - بدروم" المقهى، حيث كان للمقهى دور كبير في ثورة عام 1919، أيام مالكه اليوناني ذي الحس الوطني، حيث كان يخبئ فيه شباب الثورة ليطبعوا منشوراتهم على آلات الطباعة، فيما يعمل المقهى في الطابق الأول على الغناء وموسيقى الأوركسترا، حتى تغطي أصوات الموسيقى على آلات الطبع.

سرداب سرى
يدلف أندرو إلى المكان، ويفتح لنا مكان الهروب السري الذي كان يستخدمه ذلك اليوناني لتهريب الثوار عند وقوع أي حملات تفتيش من الجيش الإنجليزي آنذاك، ويبدو هذا المكان السري عبارة عن حائط كبير مقابل "البار"، يدور الباب ما إن تضغط عليه بطريقة معينة، حتى يفتح الطريق على الباب الخلفي للمقهى.

وقد اكتشف مالكو المكان تلك الآلات بعد 80 عامًا من ثورة 1919، وذلك عقب شرخ في أحد جدران المقهي عقب زلزال 1992، واكتشف سرداب سريًا وبه منشورات وآلات طباعة يدوية أثناء عمليات الترميم.
الجريدة الرسمية