لماذا يخشى السيسي اجتماع اللواء محمود حجازي؟
قرر اللواء محمود حجازي وأحمد المصري وفاروق الأنصاري الاجتماع ليلا بشارع عماد الدين عند أحد الأصدقاء في سرية تامة بعيدا عن أعين من يتتبعوهم من ضباط المخابرات ليضعوا خطة لإجبار جمال عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة الاستماع لمطالبهم وذلك بعد ما حدث معهم في مقر مجلس قياده الثورة حينما ذهبوا ضمن وفد من سلاح الفرسان لعرض مطالبهم ففوجئوا بعاصفة من الانتقادات والتشويه وأجواء التخوين واتهامات من قبيل أن مطالبهم ضد مصلحة البلد وأن البلد تحترق ولا وقت لهذه المطالب، وكانت مطالبهم هي العودة إلى الديمقراطية و الحياة النيابية والانتهاء من وضع دستور وإطلاق الحريات العامة ورفع الرقابة عن الصحف وتفادي مصير سوريا والتي شهدت اضطرابات في ذلك الوقت من انقلاب وانقلاب مضاد ، فقرروا في اجتماع عماد الدين إجبار جمال عبد الناصر علي الحضور إلى مقر سلاح الفرسان وعدم العودة مرة أخرى إلى مجلس قيادة الثورة لما لاقوه من صراخ وتشويه وتشنج عندما عرضوا مطالبهم.
وبالفعل أجبروا جمال عبد الناصر وحسين الشافعي علي الحضور إلى مقر سلاح الفرسان وبدأ بين سلاح الفرسان و عبد الناصر جلسة عاصفة عرفت تاريخيا بحادثة "الميس الأخضر" التي استهلها ضباط سلاح الفرسان بالصراخ في وجه ناصر طالبين منه إخراج حرسه الخاص ورجال المخابرات المرافقين له بقولهم له "هل جئت للاستماع لمطالبنا أم لتحديد معارضيك واعتقالهم" فأمر عبد الناصر مرافقيه بالخروج، بعدها بدأ الضباط توجيه حديثهم لناصر قائلين "إن القرارات التي اتخذتموها خلال العامين الماضيين تبعدنا أكثر فأكثر عن أهداف ثورة 23 يوليو التي تعاهدنا عليها ووعدنا الشعب بتحقيقها.
وأنه يجب العودة إلى الديمقراطية والحياة النيابية ورفع الرقابة عن الصحف، والتعددية الحزبية والكف عن الاعتقالات الموسعة والعشوائية في صفوف المعارضين وتشويههم" ، وتطرقوا في حديثهم إلى السلوك الشخصي لبعض الضباط الأحرار وإلى ما حدث من نقل بعض منقولات وممتلكات الإقطاعيين إلى منازل بعض الضباط وأنه في ظل عدم وجود حرية ومحاسبة حقيقية ظن بعض الأشخاص أنهم فوق المحاسبة، فقال عبدالناصر "أنا شخصيا أتحدى أن ينسب إلى أي شخص سلوك غير نزيه"، فقوبل برد من أحد الضباط قائلا" لكنك مسئول مسئولية كاملة عن أي تصرف خاطئ ينسب إلى أي شخص منهم.
فصرخ عبدالناصر في وجوههم بالقول المعتاد الذي نسمعه في تلك الأيام ردا علي أي رأي معارض " ومن أعطاكم الحق في تمثيل الشعب والتحدث بالنيابة عنه" ، فهنا انبرا له محمود حجازي قائلا "نحن نواب الشعب حتي يتشكل له برلمان، الدستور موقوف والبرلمان معطل والحريات العامة مهدرة والصحافة تحت الرقابة ومجلس الثورة ينفرد وحده بالسلطة دون التشاور مع أحد حتي الضباط الأحرار الذين صنعوا الثورة لا أحد يتشاور معهم وهذا يعني أننا في الطريق إلى الديكتاتورية "، فصرخ ناصر مجددا قائلا" شعبنا لا يستطيع تحمل مسئولية الحرية ولا يعرف مصلحته ولا تكفي فترة انتقالية لثلاث سنوات لاستقرار الأمور".
فبادله ضابط الصراخ قائلا "نحن لا نستطيع أن نفرض وصاية على أهلنا والحرية هي السبيل الوحيد لتعليم شعبنا كيفية ممارساتها ولا يمكن الحجر على الناس بحجة أنهم غير أكفاء للاستمتاع بالحرية"، وخلال هذا الحديث العاصف دخلت دبابات سلاح الفرسان عائدة من تدريب فأحدثت ضجيجا فاضطرب عبد الناصر ووقعت سجارته من يده ظنا منه أن سلاح الفرسان قرر الانقلاب وأنه سيتم احتجازه ولكنهم طمأنوه بأنها دبابات عائدة من تدريب.
عزيزي القارئ ما أشبه اليوم بالأمس وما أشبه ما نمر به في هذه الأوقات بحادثة الميس الأخضر، وحتى لا أطيل عليك عزيزي القارئ أريد منك أن تستبدل عبد الناصر في هذه الواقعة وتضع مكانه الرئيس السيسي فأنصاره يحبون أن يشبهونه بعبد الناصر وأن تستبدل سلاح الفرسان وتضع مكانهم شباب الثورة لتجد تطابقا تاما لما يحدث الأن وإلى ما نحن مقبلون عليه في حال استمر الرئيس بالانفراد بالسلطة و الإصرار على قانون انتخابات غير دستوري يجعل البرلمان القادم صوريا والاستمرار في الاعتقالات العشوائية والتضييق على الحريات العامة واستمرار الرقابة على الصحف، ومن أجل تلك المطالب التي طالب بها سلاح الفرسان ويطالب بها شباب الثورة حاليا يخشي الرئيس الاجتماع بالشباب خوفا من أن يجد فيهم محمود حجازي ورفاقه فالتاريخ يعيد نفسه بالحرف تقريبا.
ملحوظة : أتوجه بالشكر والتقدير للصديق العزيز الصحفي أيمن السيسي الذي دعاني لمقابلة اللواء محمود حجازي بندوة في الأهرام بعد ثورة يناير بشهور بسيطة وكانت في ذكري ثورة 23 يوليو التالية لثورة يناير ليروي أمامي ما حدث في الميس الأخضر كأحد أبطاله لكنني للأسف الشديد لم ألبي الدعوة لسخونة الأحداث الثورية وقتها وانشغالي بها ولكنني ندمت أشد الندم أنني فوت هذه الفرصة التاريخية التي لن تتكرر لمقابلة اللواء محمود عبد اللطيف حجازي.