رئيس التحرير
عصام كامل

«أردوغان» يترنح .. تحول من دعم «داعش» إلى تبني تحالف القاعدة والإخوان.. يبتلع طعم المخابرات الأمريكية ويسقط في مخطط التقسيم.. ولقاء أحمد منصور و«الجولاني» يفجر غضب «

فيتو

أثارت التطورات الجذرية التي تشهدها السياسة التركية التي تحولت من حاضنة وداعمة لتنظيم داعش الارهابى، إلى دخولها بشكل مباشر في الحرب ضد التنظيم، العديد من التساؤلات حول مستقبل الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، خاصة في ظل انتفاضة شعبية بمعظم الولايات اعتراضا على سلوك حكومته القمعية، التي عملت على تسمين الإرهاب في سوريا، منذ أعوام وحولت حدودها مع الدولة السورية لجسر عبور للعناصر الجهادية.



انقلب السحر على الساحر

وبين عشية وضحاها انقلب السحر على الساحر، دخلت القوات التركية، في مواجهات مسلحة مع عناصر "داعش" على طول الحدود السورية، وتنازلت "أنقرة" عن شروطها بإقامة منطقة عازلة على الحدود مقابل تعاونها مع التحالف الدولى الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، وأعلنت السماح بفتح قواعدها الجوية أمام مقاتلات التحالف، ووقعت على بياض على الرغبات الأمريكية، ودفعت بجنودها وعتادها العسكري لتعلن عن نفسها رسميا شريكا في الحرب ضد الإرهاب.

حقيقة الأمر

وظل الرئيس التركى وأجهزة استخباراته على مدى العام الماضى، شريكا فاعلا في تفريخ تنظيم "داعش"، وتحولت العاصمة "أنقرة" إلى محطة عبور للمقاتلين، وغضت السلطات التركية الطرف عن العناصر الجهادية التي تحج إلى سوريا والعراق من كل حدب وصوب، بهدف القضاء على النظام السوري والإطاحة بالرئيس بشار الأسد والعمل على تفتيت الدولة الرسمية، في خطوة تهدف إلى الانتقام من الأسرة العلوية على مجزرة "حماة" التي ارتكبها حافظ الأسد بحق جماعة الإخوان في ثمانيات القرن الماضى، لتأديب الجماعة على نيتها الانفصال بالمدينة، الأمر الذي قابله النظام السوري حينها بحملة عسكرية شرسة للحفاظ على وحدة الدولة.

انتصارات وهمية

واستخدم الرئيس التركى "داعش"، في خطته الرامية للانتقام، وساهم في تسليح عناصر التنظيم، ومدهم بالمعلومات الاستخباراتية، في ظل فشل ما يسمي "الجيش السوري الحر"، الذراع المسلحة لجماعة الإخوان هناك، في تحقيق انتصارات على الجيش السوري، وتكبد خسائر هائلة أمام القوات النظامية للدولة، واكتفت قيادته بالاختباء داخل المكاتب في "إسطنبول"، لإصدار البيانات الكاذبة حول الانتصارات الوهمية.

تلميع "القاعدة"

وفى تطور نوعى للتحالفات أقنعت جماعة الإخوان، والمخابرات القطرية، الرئيس التركى بنقل التحالف مع "داعش"، إلى جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا، وتسربت تقارير حول لقاء جمع ضباط مخابرات أتراك وقطريين بقيادات القاعدة لإقناعها بالتحالف مع جيش الإسلام الموالى للإخوان بقيادة "محمد زهران علوش"، وبدأت قناة الجزيرة القطرية خطة تلميع "القاعدة"، من خلال استضافة مذيع القناة "أحمد منصور"، أبو محمد الجولانى زعيم القاعدة في سوريا، في محاولة لإقناع الغرب بميلاد هجين سياسي إسلامى، قابل للتعايش مع الآخر في سوريا يصلح بديلا لنظام بشار، خاصة مع قبول دولة الاحتلال الإسرائيلى بالتعامل مع عناصر القاعدة، وبرهن على ذلك نقل عناصر القاعدة المصابين في العلميات لتلقى العلاج في "تل أبيب".

تحول دراماتيكى

ومع تطور العمليات وتخلى أردوغان، عن الحليف الجهادي القديم "داعش"، ومحاولة تمكين الهجين الجديد بين "القاعدة والإخوان" من حكم سوريا، انقلب أبو بكر البغدادي، على حليف الأمس وانتفضت عناصره ضد الخيانة التي تعرضت لها، ومثلت القرى الكردية رافد جديد لتنظيم "داعش" انتقاما من قمع "أردوغان".

وشهدت ولاية "شانلى أورفا" تحول دراماتيكى في علاقة الرئيس التركى بالتنظيم، وخلال يومين شهدت مدن الولاية أحداث دامية بدأت بتفجير بلدة "سورج"، واعقبه مقتل شرطيين زعمت "أنقرة" تورط حزب العمال الكردستانى في مقتلهم، -وتعد "أورفا" معقل توطين لعناصر "داعش" برضا النظام التركى، بهدف تلقيهم تدريبات عسكرية وإدخالهم إلى الأراضى السورية- الأمر الذي سهل على السلطات اصطياد عناصر داعش عقب الهجمات التي تعرضت لها البلاد.

أردوغان فريسة

المعطيات المتوفرة حول الصدام الحادث الآن بين "داعش" ونظام الرئيس التركى، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، وقوع "أردوغان" فريسة سهلة للمخابرات الأمريكية التي تعمل على تقسيم المنطقة.. وهو ما أدركه الخليفة العثمانى، عندما استشعر قرب إعلان الدولة الكردية على حدودها واقتناص جزء من أراضى بلاده لصالح هذه الدولة، ما دفعه لاتخاذ قرار متأخر بالدخول في مواجهة مباشرة للقضاء على "داعش"، قبيل ابتلاع الولايات الكردية على الحدود لصالح الدولة الجديدة.

خريف أردوغان

ومع تطور الأحداث ودخول تركيا على خط المواجهة، هناك تسريبات حول غضب جنرالات الجيش من الورطة التي وضعهم بها رجل القصر الأبيض الجديد، علاوة على عجز حزبها الحاكم "العدالة والتنمية" عن حصد أغلبية المقاعد البرلمانية وعجزه عن تشكيل الحكومة، وفى ظل هذه المتغيرات بات من المتوقع دخول الجيش في تحالف سياسي خفى مع المعارضة لتقوية شوكتها وعرقلة تشكيل حكومة ائتلافية والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، يتكبد فيها الحزب الحاكم المزيد من الخسائر، مع نجاح مرتقب للمعارضة في حصد الأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة، وتحويل حلم "أردوغان" في النظام الرئاسي إلى "كابوس"، ودخوله ضمنيا في مرحلة "الخريف"، لتكتب نهاية مأسوية للتجرية الأردوغانية التي تشدقت بها جماعة الإخوان لعقود.
الجريدة الرسمية