رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قانون مكافحة الإهمال هو الحل


يطل علينا كل يوم الإهمال بوجهه القبيح والمدمر لحاضر ومستقبل هذا الوطن.. فهو أصبح الشيء الوحيد في هذا البلد القادر على الإبداع والابتكار.. فيظهر علينا كل يوم بشكل مختلف وفي مواقع مختلفة، لم يكن يتوقع أي مواطن أن الإهمال قادر على اختراق تلك المواقع والمؤسسات، التي طالما سمعنا عن استحالة أن يكون هناك أي إهمال.


ولكن للأسف، هذا العدو القاتل المخرب المدمر المهدر لكل مقدرات هذا البلد المنكوب، نعم نحن بلد منكوب بهذا العدو، وأستطيع أن أقول بكل ثقة إنه العدو الحقيقي بل إنه أكثر فتكا وقتلا لأبناء هذا الوطن من الإرهاب.

بل هو العامل المساعد القوي لنجاح أغلب العمليات الإرهابية التي يقوم بها أعداء هذا الوطن، بل أظن أن أعداء هذا الوطن يعملون على تنمية ودعم هذا الإهمال؛ ليتمكنوا من إسقاط هذا البلد العظيم الذي لن يسقط أبدا بإذن الله.

فقد تمكن الإهمال من اختراق كل مؤسسات الدولة، وكل يوم نسمع عن كوارث من جراء انتشار هذا المرض العضال، فقد تمكن من منظومة الصحة، وهو أصبح المسيطر على كل أرجاء مستشفياتنا حتى الخاص منها، وتمكن من منظومة التعليم التي فسدت وأصبحت غير ذات جدوى؛ بسبب إهمال في العملية التعليمية والأبنية التعليمية وباقي مقومات العملية التعليمية، وتمكن من أمان المساكن ومن أمان الشوارع ومن الأكل والشرب وحتى من نقاء الهواء الذي نستنشقه.

تمكن حتى من المؤسسات التي تعتبر واجهة هذا البلد أمام العالم الخارجي، فنجد حمارا في مطار القاهرة، ونجد صرف البواخر النيلية في النيل، ونجد الإهمال والتراخي في الخدمة الفندقية للسائحين، ونجد الإهمال يحصد أرواح أبنائنا في الرحلات النيلية.

وتستطيع أن ترى قوة وقدرة هذا الإهمال على الفتك بمقومات هذه الأمة من خلال قراءتك لأي جريدة، فما هي أسباب انتشار هذا الإهمال في مجتمعنا المصري؟.. هل هو غياب الرقابة، بل تستطيع أن تقول فساد الجهات الرقابية في الدولة، وبالتالي وعلى رأي القائل إذا أمنت العقاب أسأت الأدب؟، أم لانتشار البلطجة وعدم قدرة مؤسسات الدولة على القيام بواجباتها؟

هل نستطيع أن نصدر قانون لمكافحة الإهمال، وتكون هناك عقوبات رادعة؟.. وما هي معايير حساب مستوى الإهمال لكي يتم تقدير مستوى العقاب؟.. وكيف تحاسب من يعملون في مؤسسات الدولة الذين لم يبق داخلهم تجاه هذا الوطن غير الكراهية والحقد والجحود؟.. وماذا نفعل تجاه الذين يتعمدون الإهمال حتى يصلوا بالشعب إلى الشكوى والإحباط والتذمر؟

وما هو الفارق بين الإهمال المتعمد والإهمال غير المتعمد؟!.. ولا شك أن هناك علاقة وثيقة بين الإهمال والفساد الذي ضرب كل جوانب المجتمع والمؤسسات المصرية، فنحن انتقلنا من مرحلة الفساد إلى مرحلة إدارة الفساد على مرأى ومسمع من كل مؤسسات الدولة، بل لن أخشى أن أقول إن الفساد أصاب فئات عريضة من هذا الشعب.

فئات عريضة من هذا الشعب أصبحت مستفيدة من هذا الفساد؛ حتى أصبحنا نبحث عن الموظف المفتح إللي يمشي لنا الورق مقابل شرب الشاي، ولا نريد الموظف الملتزم بالإجراءات السليمة.. إن مكافحة هذا الإهمال المدعوم بالفساد يحتاج إستراتيجية عامة على مستوى الدولة.

يحتاج لثقافة عامة يتم نشرها في كل وسائل الإعلام، ويحتاج لتشريعات رادعة؛ للوقوف في وجه الإهمال، ويحتاج لشفافية وحزم في تطبيق هذه التشريعات على المهملين من هذا الشعب، ويجب أن يكون حساب القيادات العليا للمؤسسات يتناسب مع موقعه، وأن تكون العقوبة أكبر كلما كان الموقع الوظيفي أعلى، وألا يتم التضحية بكبش فداء من الموظفين الصغار.

وأن يكون هناك عقاب للجهات الرقابية أمام اكتشاف حالة إهمال كبيرة، وألا تتنصل الحكومة من المسئولية تحت ادعاء خروج الأفراد على القانون، فأين دور الدولة من قوة تطبيق القانون؟، فأي كوميديا سوداء في رد الحكومة على حادثة الوراق النيلية بأن المركب والصندل المتسببين في الحادث دون تراخيص؟.. فهذا التصريح يدين مؤسسات الدولة قبل أن يدين المتسببين في الحادث.

فلماذا وما المقابل ومن المقصر في ترك تلك الوسائل تعمل في نهر النيل دون تراخيص؟.. وأخيرًا يجب أن تنظر الدولة بعين الجدية، في محاربة ذلك العدو اللدود الذي يدمر كل مقومات هذا البلد، ولا يسعني إلا أن أقول "اللهم أني قد بلغت اللهم فاشهد".
Advertisements
الجريدة الرسمية