يوليو.. الثورة الأم
تحولت ثورة يوليو 1952 إلى الثورة الأولى والأهم في تاريخ مصر لأنها حققت أهداف المواطن والوطن.. فقد قام بها ضباط لإنقاذ الوطن من الفساد وسيطرة فئة من الإقطاع على موارد البلاد. وغرق الشعب في الجهل والفقر والمرض.
ورغم اختيار مسمى حركة مباركة لها إلا أن الإسراع بالإصلاح وتنفيذ 5 مبادئ من الستة التي أعلنتها الحركة وهي القضاء على الإقطاع، القضاء على الاستعمار والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، إقامة جيش وطني قوي، إقامة عدالة اجتماعية هما ما جعلا السواد الأعظم من الشعب مؤمن بأن ما حدث هو ثورة حقيقية وما زالت 52 هي الثورة الأهم في تاريخ مصر بل والعالم أجمع.
ولو راجعنا الأسباب الحقيقية وراء بقاء الثورة حتى الآن لتمثل الشعلة الأهم في تاريخ مصر الحديث، لوجدنا العديد من الإنجازات منها الاقتصادية منها والتي تتضمن إصدار قانون الملكية الزراعي، كما تم تمصير وتأميم التجارة والصناعة وهو ما كان قد استأثر به الأجانب فيما سبق. كما تم إلغاء الطبقات بين الشعب المصري وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري وهو ما تم الرجوع عنه خلال عهد مبارك واستمر الآن وفي طريقه إلى الأسوأ حتى بعد قيام ثورة 2011 وموجتها الثانية في 2013.
ويأتي إنشاء قاعدة صناعية كبرى تحت مسمى القطاع العام الذي كان درعا اقتصادية للدولة خلال الحروب التي خاضتها مصر، وكان القطاع العام يمثل أمنا وأمانا اقتصاديا وغذائيا للدولة وحتى بدأت عملية تصفيته في عهد السادات ومن خلال الانفتاح الذي مثل ضربة قوية له.
ثم توالت عملية القضاء عليه في عهد مبارك من خلال بيع معظم شركاته في صفقات مريبة وبتراب الفلوس، وتم إنشاء السد العالي وهو المشروع الذي صنف عالميا كأحد أعظم عشر مشروعات في العالم خلال القرن العشرين.
وتأتي الإنجازات التعليمية ومنها تأكيد مجانية التعليم العام وإضافة التعليم العالي للمجانية وزيادة ميزانيته مع مضاعفة عدد الجامعات إلى أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 10 جامعات بدلا من ثلاث فقط، وتطوير المستشفيات التعليمية وإنشاء مراكز للبحث العلمي في كل المجالات منها المعهد القومي للبحوث.
وكان الحدث الأكبر تأميم قناة السويس وهو ما حقق لمصر نصرا سياسيا واقتصاديا فكان السبب وراء تفكك الإمبراطورية البريطانية.
إن الانتصارات العربية التي حققتها ثورة 1952 لا حصر لها على كل المستويات حتى أصبحت هي الشعلة الأكثر توهجا بين الثورات العالمية.. منها المشاركة في تحرير الجزائر وتونس والمغرب والعراق وليبيا واليمن والكويت، بالإضافة إلى حركات التحرر الأفريقي والتي كانت ثورة 25 هي الداعم الأكبر لحركات التحرر ليس في أفريقيا والعالم العربي فقط بل والعالم كله.
وعلى المستوى العالمي فإن مصر هي التي نادت بتأسيس دول عدم الانحياز مع يوغوسلافيا والهند وجعلت من الأزهر الجامعة الأولى التي قامت بمهمة نشر الدعوة الإسلامية في أفريقيا وآسيا، كما كسرت ثورة 1952 احتكار السلاح بعقد صفقات سلاح مع الكتلة الشرقية ودعت لأول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية والذي عقد بالقاهرة في عام 1958.
بالإضافة إلى الإنجازات الثقافية من إنشاء هيئة قصور الثقافة وغيرها من الهيئات التي جعلت من مصر منارة للثقافة في العالم العربي.
لذلك أصبحت حركة 1952 هي الثورة الأم لكل الثورات المصرية رغم أعدائها لأن نبل الأهداف التي تحققت بها جعلتها تعيش لليوم وربما إلى الأبد.