ننشر نص كلمة «محلب» في معرض «إكسبو» بإيطاليا
ألقى المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، كلمة في الاحتفال باليوم الوطني المصري في معرض إكسبو ميلانو ٢٠١٥ بإيطاليا.
وقال محلب في كلمته:
نجتمع اليوم في هذا المكان المتميز؛ للاحتفال باليوم الوطني المصري في معرض إكسبو العالمي 2015، هذا الحدث الذي ينبض بالحياة تحت شعار "تغذية الكوكب.. طاقة من أجل الحياة".
إن المشاركة الرمزية المصرية في معرض إكسبو ميلانو 2015، بحضور ممثلين عن المنظمات الاقتصادية والتجارية المصرية وقيادات من رجال الأعمال، هي بمثابة تقدير منا للدعم الذي تلقيناه من أصدقائنا الإيطاليين خلال الأوقات الصعبة التي مررنا بها في السنوات الأربعة الماضية شديدة الاضطراب، وتأكيدا على أواصر الصداقة؛ حيث تربطنا علاقة تاريخية بإيطاليا نقدرها كثيرًا جدًا.
وبهذا التواجد الرمزي في Expo2015، فإننا نحاول تسليط الضوء على تطور الإنتاج الزراعي والنظام الغذائي بمصر منذ العصر الفرعوني وحتى العصر الحديث.
ومن الناحية التاريخية، هناك روابط وثيقة بيننا وبين الإيطاليين، بل أجزاء مشتركة من تاريخنا، بالإضافة إلى التراث المتوسطي المشترك، كما أن هناك بعض أوجه التشابه في عاداتنا الغذائية.
كما أن لمصر وإيطاليا دائما علاقات مكثفة وإيجابية، ويعود تاريخنا المشترك إلى الإمبراطورية الرومانية على جانبي البحر الأبيض المتوسط، ولهذا السبب إيطاليا ومصر ليسا مجرد بلدين صديقين، ولكن اثنين من الأركان الأساسية في أوربا وأفريقيا، على التوالي: اثنان من البوابات التي لا يزال لديها الكثير من الإمكانيات غير المستغلة، وفي هذا الصدد، فأنا أتفق مع رئيس الوزراء رينزي، عندما صور كلا البلدين بطرفي جسر بين أوربا وأفريقيا.
وكانت إيطاليا أول دولة أوربية زارها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رسميًا في نوفمبر من العام الماضي؛ حيث تعمل حكوماتنا بجد لبناء مستقبل شعوبنا، في مناخ من الثقة المتبادلة والاحترام، كما أن العلاقات بين إيطاليا ومصر تشمل التعاون في كل القطاعات الممكنة، وإيطاليا هي الشريك التجاري الأكبر لمصر في الاتحاد الأوربي، والثالث دوليًا.
فالاستثمارات الإيطالية في مصر لافتة للنظر جدا ونموذج يُحتذى به، فهناك شركة "إيني" التي هي أكبر مستثمر في قطاع النفط، كما أن "إيتالسيمنتي" هو الأكبر في قطاع مواد البناء، وبشكل أكثر تحديدًا، فإن القطاع الزراعي يُعد شاهدًا على العلاقات المتطورة بين البلدين، فهناك العديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون والتنمية، بما يجعل إيطاليا واحدة من الشركاء الأوربيين الأكثر أهمية بالنسبة لمصر في مجال التجارة الزراعية الغذائية، وبفضل مبادرة التجارة الخضراء بتمويل من مبادلة الديون الإيطالية، ترفع مصر مستوى إنتاجها من الفواكه والخضراوات بهدف زيادة صادراتها إلى الدول الأوربية عبر إيطاليا.
لقد كانت مصر دولة رائدة في منطقة المتوسط، وذلك بفضل تاريخها الألفي، ولديها ما يلزمها لتستمر في أن تكون دولة رائدة في المستقبل، وفكرة الاستمرارية هذه هي صميم مفهوم الجناح المصري في معرض إكسبو 2015، التي هي "قصة لا تنتهي أبدًا" برحلة غير مكتملة حيث المستقبل لا يزال يتعين بناؤه، فمصر تفخر بماضيها، ولكنها أيضًا تستمر في العمل من أجل مستقبلها.
اسمحوا لي أن أذكركم بأن مصر لديها واحدة من أفضل 18 ممارسة مختارة في جناح "صفر"، بمشروع ملموس لتغذية الكوكب، وهي قصة مصورة تسمى "الأداة المعلوماتية للقدرة التنافسية للمنتجات الغذائية المحلية بالبلدان المتوسطية الجنوبية لنقاط الدخول الأوربية".
مصر تعيش لحظة هامة جدًا في الوقت الراهن؛ من أجل إعادة تشكيل التاريخ، فمستقبل البلاد يبدو واعدًا ومتينًا، على الرغم بما ألمّ بنا في الآونة الأخيرة، كما أن مصر - وهي أكثر من أي وقت مضى عازمة على حربها على الإرهاب - تدرك أن استقرارها يضمن استقرار منطقة الشرق الأوسط ودول البحر الأبيض المتوسط، وسوف تسعى دائمًا لتنعم بالسلام والأمن.. نحن نعلم أننا لسنا وحدنا في هذه المعركة، فأصدقاء مثل إيطاليا يقفون معنا وإلى جانبنا.. نحن نقدر هذا التحالف، ونحن نقدر هذه الصداقة.
إن الهدف الشامل لإحلال السلام وتحقيق التنمية المستدامة، سيتم إذا ما عملت الدول معًا على أساس من الاحترام المتبادل، فثقافة الحوار وحوار الثقافات يجب أن يتغلبا على المواجهة، فنحن بحاجة لتعليم الأجيال القادمة أن الخلافات تمثل وسيلة تهدف لإثراء حياة الإنسان، أما أساليب التطرف والتعصب فيجب أن تكون معزولة ومرفوضة تمامًا.
كما يجب إتاحة الفرص لكل فرد وعضو في مجتمعاتنا، لاسيما الأقليات والنساء، كما أن مصر تلتزم دائمًا بتنفيذ هذه الرؤية على المستوى المحلي والدولي، فحماية حقوق الإنسان تقع على عاتق الدولة، ولكن هذه الحرية يجب أن تكون مسئولة، ويجب أن تهدف إلى البناء بدلا من استهدافها التخريب والتدمير.
أود أن أغتنم هذه الفرصة الثمينة بوجودي هنا في هذا الحدث العالمي، لدعوة العالم بأسره إلى الوقوف صفا واحدا في مواجهة استخدام المعتقدات كأداة للفوضى وزعزعة الاستقرار، وينبغي تشجيع قيم الصفح والتسامح من خلال المناهج التعليمية لدينا، كما يجب على الحكومات وعلى المجتمع المدني أن تتقاسم تلك القيم ذاتها.
أيها الأصدقاء الأعزاء
نحن على مسافة 15 يومًا فقط من الافتتاح الرسمي لقناة السويس الجديدة، التي سوف تزيد من قدرة القناة الحالية وتقدم فرصة هامة لتعزيز التجارة الدولية لصالح اقتصاداتنا، يوم 6 أغسطس من الشهر القادم، لن يحتفل المصريون فقط بافتتاح ممر مائي دولي جديد يربط بين الشرق والغرب، لكنهم سيحتفلون بالوفاء بالوعد، بأن تم تنفيذ العمل الذي كان مقررًا مدته 3 سنوات في سنة واحدة فقط.
هذه هي روح مصر الجديدة، وهذه هي الطريقة التي ستدار بها الأمور في مصر خلال السنوات المقبلة، أتمنى لكم قضاء يوم ممتع، كما أدعوكم لزيارة الجناح المصري بالمعرض وتجربة منتجاتنا.