رئيس التحرير
عصام كامل

السعودية والإخوان.. وحركة حماس !!


في عام ٢٠٠٢ أدلى وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز، بحديث صحفي إلى أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية حمل فيه بشدة على جماعة "الإخوان المسلمين"، ووصفها بأنها "أصل البلاء"، قائلًا: "من دون تردد أقولها أن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها جاءت من الإخوان المسلمين"، وأضاف: "بحكم مسئوليتي أقول إن الإخوان لما اشتدت عليهم الأمور، وعلقت لهم المشانق في دولهم، لجئوا إلى المملكة فتحملتهم وصانتهم، وحفظت حياتهم بعد الله، وحفظت كرامتهم ومحارمهم وجعلتهم آمنين، وإخواننا في الدول العربية الأخرى قبلوا بهذا الوضع، وقالوا إنه لا يجب أن يتحركوا من المملكة، لكن بعد بقائهم سنوات بين ظهرانينا، وجدنا أنهم يطلبون العمل، فأوجدنا لهم السبل، ففيهم مدرسون وعمداء، فتحنا أمامهم أبواب المدارس والجامعات، لكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة، فأخذوا يجندون الناس، وينشئون التيارات، وأصبحوا ضد المملكة!".


ومضى الأمير نايف إلى القول: "كان عليهم ألا يؤذوا المملكة، وإذا أرادوا أن يقولوا شيئًا عندهم لا بأس، ليقولوه في الخارج، وليس في البلد الذي أكرمهم".

وساق وزير الداخلية السعودي عدة أمثلة، فبدأ بالشيخ محمد الغزالي الذي قال عنه إنه "عمل عندنا ثم توفي ودفن في المدينة المنورة، وكان كتب كتابًا قديمًا تعرض فيه للملك عبد العزيز، وعندما جاء وعمل في المملكة في كلية الشريعة بجامعة أم القرى في مكة، التقيته وقلت له: يا فضيلة الشيخ أنت تعرضت للملكة وموحدها، وأسألك بالله، هل ما قلته في كتابك صحيح؟، فقال قسمًا بالله لا، لكني لا أستطيع أن أغير ما قلت وأنا في المملكة، وإذا خرجت منها سأكتب".

وتطرق أقدم وزراء الداخلية العرب (30 عامًا في موقعه) إلى حالة أخرى قال عنها دون تسمية صاحبها: "أذكر أن أحد الإخوان البارزين تجنس بالجنسية السعودية، وعاش في المملكة 40 عامًا، ولما سئل عن مثله الأعلى، قال "مثلي الأعلى هو حسن البنا"، وكنت، والكلام لا يزال على لسان الامير نايف، كنت أتوقع أن يقول إن مثلي الأعلى هو محمد عليه الصلاة والسلام، أو أبو بكر أو عمر أو عثمان أو على أو أحد الصحابة رضي الله عنهم، لكن ما معنى اختياره لحسن البنا؟، معناه أن الرجل ملتزمًا بأفكار جماعة الإخوان المسلمين التي دمرت العالم العربي".

وعاد الأمير نايف مجددًا لاتهام الإخوان المسلمين قائلًا إنهم "اساؤوا للمملكة كثيرًا، وسببوا لها مشاكل كثيرة، لقد تحملنا منهم الكثير، ولسنا وحدنا الذي تحمل، إنهم سبب المشاكل في العالم العربي وربما الإسلامي".

ثم تطرق الأمير نايف إلى قصة حسن الترابي، قائلًا: "لقد عاش في المملكة، ودرس في جامعة الملك عبد العزيز،... وكان يمر عليّ دائمًا، خصوصًا عندما عمل في الإمارات، لا يأتي إلى المملكة إلا ويزورني، وما أن وصل إلى السلطة حتى انقلب على المملكة وخصوصيتها، وذات مرة أنشأت المملكة مطارًا في السودان بعد تسلم الترابي للسلطة، حضر وفد سعودي لتسليمه إياه، لم يقل كلمة شكر للمملكة على ما فعلت،.. ماذا أقول ؟".

وانتقل الأمير نايف بن عبد العزيز إلى ملابسات ما حدث في أثناء غزو العراق للكويت، وموقف الإخوان مما حدث، فقال: "عندما حصل غزو العراق للكويت، جاءنا علماء كثيرون على رأسهم عبد الرحمن خليفة، ومعه الغنوشي والترابي والزنداني وأربكان وآخرون، وأول ما وصلوا اجتمعوا بالملك وبولي العهد وقلنا لهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة؟، وهل الكويت تهدد العراق؟
قالوا والله نحن أتينا فقط لنسمع، ونأخذ الآراء، بعد ذلك وصلوا إلى العراق، ونفاجئ بهم يصدرون بيانًا يؤيد الغزو العراقي للكويت".

وتساءل الوزير السعودي قائلًا: "هل هذا ما يجب فعله، وهل هذا الموقف يرتضي به العقل، وما هو مبرر أن دولة تغزو دولة أخرى، وتطرد شعبها من أرضه وبلده".

والي هذا الحد اكتفي بتصريحات الأمير نايف وزير الداخلية السعودي في العام ٢٠٠٢، حول رأي المملكة في جماعة الإخوان المسلمين.
........
تذكرت هذا الحوار الصحفي لأقدم وزير داخلية عربي، في أعقاب الضجة التي ثارت مؤخرا في أعقاب لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، بخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وعدد من قيادات الحركة.

الحقيقة أن اللقاء أثار ردود أفعال متباينة، داخل الأوساط المؤيدة للإخوان المسلمين، واعتبرته نصرا مؤزرا وتخليا من جانب المملكة العربية السعودية عن دعمها لنظام الحكم الحالي في مصر.

على الجانب الآخر اشتعلت ردود أفعال كانت شبه مصدومة من موقف المملكة تجاه حركة حماس التي أسهمت في حالة الفوضي التي شهدتها مصر خلال أحداث ثورة يناير وشاركت عناصرها في اقتحام السجون، ورأي كثيرون أن هذا الموقف ولد عديدا من علامات الاستفهام حول موقف المملكة في عهد الملك سالمان، وحسبها البعض تراجعا عن الموقف السعودي الذي كان يتخذه الملك الراحل مساندة ودعما لمصر.

الحقيقة أن مواقف كلا المرحبين أو الناقدين لاستقبال العاهل السعودي لوفد حماس، مواقف عفوية وانفعالية، فالمواقف والتوجهات السياسية للدول لا تناقش بهذا التبسيط على صفحات الجرائد أو ساحات التواصل الافتراضي، إضافة إلى ذلك فإن علاقة السعودية بالإخوان المسلمين وحركة حماس، علاقة ليست حديثة العهد، وشهدت كثيرا من التباينات والتقاطعات، وشهدت كذلك تطابقا في المواقف في بعض الأحيان، ومن هنا فإن التطور الأخير في هذه العلاقة يحتاج، من المرحبين والمنتقدين، لمزيد من الانتظار والتدقيق قبل التهليل له أو انتقاده !

الجريدة الرسمية