من يكسب المعركة.. إعلام مبارك أم إعلام الإخوان ؟!
هناك الآن معركة دائرة على أرض مصر بين طرفين يتصارعان على غسل أدمغة المصريين، وتزييف وعي الفقراء والكادحين والمهمشين والمظلومين والمكلومين، وتجريف العقل الجمعى حتى يتناسي مشكلاته وهمومه وأوجاعه، وينشغل بتوافه الأمور والأشياء البعيدة عن قضاياه الجوهرية، طرفا هذه المعركة عصابتان يسعى كل منهما لاستمرار مشروعه التدميرى والتخريبي للمجتمع المصرى، فكل منهما يسعى لسرقة ونهب ثروات الوطن بمساعدة مشروع رأسمالى غربي حقير يستخدم هذه العصابات الداخلية لتنفيذ أجندته التي تهدف إلى تكريس الفقر والجهل والمرض والتخلف ثم أخيرًا تفتيت وتقسيم الوطن.
وبما أن الجنرال إعلام هو أحد أهم أدوات المشروع الإمبريالى الغربي فيما يعرف بالجيل الرابع للحروب، فإن طرفي الصراع بالداخل المصرى "عصابتى مبارك والإخوان" يحاولان السيطرة والهيمنة على عقول المواطنين بواسطة وسائل إعلامهما، تلك الوسائل التي أصبحت لها مفعول السحر في التأثير فى وعي المواطن، حيث تعد وسائل الإعلام في العصر الحديث إحدى أهم أدوات تشكيل الوعي بل إحدى أهم وسائل التنشئة الاجتماعية لملايين البشر بعد أن تراجع دور الأسرة والمدرسة والجامعة في هذا السياق.
وعبر العقدين الأخيرين تمكنت عصابة مبارك من تهميش دور الإعلام الوطنى المملوك للشعب، لصالح تعظيم دور الإعلام غير الوطنى المملوك لرجال أعمال مبارك الذين يتزعمون هذه العصابة التي جرفت كل شيء على أرض الوطن، وفى المقابل لم تجد عصابة الإخوان غير المسلمين وسائل إعلام مماثلة سواء إعلام مقروء ( صحف ومجلات ) أو إعلام مسموع ( محطات إذاعية ) أو إعلام مرئي ( قنوات فضائية ) لتستخدمه في مواجهة إعلام عصابة مبارك، فقامت باستغلال وسيلة إعلامية مهمة وهى المساجد للقيام بنفس مهمة عصابة مبارك لتزييف وعي المواطنين وتجريف العقل الجمعى المصرى.
وظنت عصابة مبارك أنها قد ربحت المعركة بتهميشها الإعلام الوطنى المملوك للدولة لصالح إعلامها الخاص، واعتقدت أن المواطن قد أصبح أداة طيعة يسهل تشكيلها على مزاجهم، متغافلين أن العصابة الأخرى المتربصة بالوطن تبحث هي الأخرى عن وسيلة أكثر فاعلية في السيطرة والهيمنة عل عقل المواطن، ولم يدر في خلدهم أن هذه العصابة التي كانوا يعقدون معها الصفقات التحتية القذرة بواسطة أجهزتهم الأمنية كما أعلنها بصفاقة شديدة حبيب العادلى أثناء محاكمته الهزلية أمام هيئة المحكمة وأمام جموع المواطنين عبر قناة "صدى البلد" التي أخذت حصريًا حق بث المحاكمات.
وبالفعل تمكنت عصابة الإخوان غير المسلمين من اختراق مساجد مصر بطولها وعرضها، ففى الوقت الذي تسيطر فيه الأوقاف على 20% فقط من المساجد داخل الجمهورية فقد تمكنت الجماعة الإرهابية والجماعات الأخرى التي خرجت من رحمها منذ مطلع السبعينيات وحتى الآن من السيطرة على 80% من مساجد مصر، وأغلبها عبارة عن مساجد وزوايا صغيرة في ريف مصر وحضرها خاصة في المناطق الشعبية والعشوائية المقتظة بالسكان ومن خلال رجالهم تمكنوا من اللقاء بالمواطن خمس مرات يوميًا، بالإضافة إلى اللقاء الجماهيرى الاسبوعى أثناء خطبة الجمعة وبالتالى امتلكوا أداة ووسيلة إعلامية أكثر شيوعًا وانتشارًا وتأثيرًا من وسائل إعلام عصابة مبارك.
ومازالت المعركة مستمرة لتدمير الوطن على مدى ما يزيد على أربعة عقود كاملة بين عصابة السادات- مبارك التي تحاول فرض هيمنتها على عقول المصريين بواسطة وسائل الإعلام المعروفة والشائعة والتقليدية ( مقروءة ومسموعة ومرئية ) وعصابة الإخوان التي ابتدعت وسيلتها الإعلامية الخاصة ذات التأثير الجبار، فالمذيع هنا لا يقاوم ولا يفكر المواطن –خاصة الأقل تعليمًا وثقافة- في الاعتراض على ما يقوله نظرًا للحالة الوهمية المصطنعة لرجل الدين في بلادنا، حيث يحاول أن يضفي على نفسه قدسية هي موجودة فقط للنصوص الدينية.
وبذلك يقع المواطن المصرى فريسة لوسيلتين إعلاميتين تسعى كل منها لتزييف وعيه وتجريف عقله، وفى ظل استمرار عصابة مبارك وسيطرتها على المشهد السياسي والاقتصادى والإعلامي المصرى تستمر المعركة بين إعلامها وإعلام الإخوان، لذلك لابد على الرئيس السيسي أن ينهى هذه المعركة الدائرة بين العصابتين عن طريق ضرب وسائل إعلام مبارك والسيطرة عليها لصالح الدولة لتصبح هي والإعلام المملوك للشعب أداة لتشكيل وعي حقيقي للمواطن.
وفى المقابل إعادة سيطرة الدولة من خلال الأزهر والأوقاف بعد تطهيرهما على مساجد مصر، بحيث لا يسمح لأى شخص اعتلاء منبر أي مسجد سواء كان مسجدًا صغيرًا أو زاوية إلا إذا كان مؤهلًا للقيام بهذه المهمة الثقيلة، وبذلك يمكننا هزيمة إعلام مبارك وإعلام الإخوان، وإن لم يفعل ذلك فتستمر المعركة بينهما ولن تنتهي إلا بموجة جديدة للثورة ستطيح بهما وبمن تركهما يتصارعان على جثة الوطن والمواطن.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.