«العفن البني» شبح يقتل تصدير البطاطس .. استوطن في مصر بعد دخوله مع شحنة تقاوي هولندية.. «تل أبيب» تسحب البساط من «القاهرة» .. «المغرب وتونس» تنافسان بقوة.. وأور

يعد مرض «العفن البني» الذي يصيب البطاطس من أخطر الأمراض التي تهدد الصادرات المصرية من المحصول إلى الخارج، في ظل أهميته لأغلب البشر في الشرق والغرب، والذي يعتمد عليه في التغذية إلى الحد الذي وصف فيه البشر أنفسهم بـ"آكلي البطاطس"، وهو ما أهل مصر لكي تصبح إحدى الدول المصدرة البطاطس لأوربا خاصة في فصل الشتاء الذي يتوقف فيه المحصول عن الإنتاج في أوربا.

ويستمر الإنتاج في الأماكن المعتدلة مثل مصر وشمال أفريقيا وإسرائيل، وهو ما شكل منافسة إقليمية على تصدير البطاطس لأوربا، ولكن يظل "العفن البني" حجر عثرة أمام مصر لتصدير إنتاجها من البطاطس إلى الخارج.

استيطان المرض
في البداية، يوضح الدكتور هشام عبد المقصود، الباحث في أمراض البطاطس، بمركز البحوث الزراعية، أن العفن البني استوطن في مصر بعد دخوله مع شحنات تقاوي هولندية في بداية الثمانينيات.

وأضاف عبد المقصود، أن هذا التحليل هو الأكثر مصداقية من الناحية العلمية، إلا أن هناك أقاويل غير أكيدة ترجع دخول العفن البني إلى مصر من خلال الجيش الإنجليزي في فترة الاستعمار التي بدأت مع نهاية القرن الـ19، وشهدت إحضار الإنجليز درنات بطاطس لزراعتها في مصر تحمل مرض العفن البني.

الرحم البديل
وأكد عبد المقصود في تصريحات لـ«فيتو»، أن العفن البني أصبح من أكثر الأمراض التي تهدد محصول البطاطس المهم للدول الأوربية خلال فترة الشتاء، وهو ما دفع الاتحاد الأوربي إلى الاستيراد من دول شمال أفريقيا على وجه الخصوص، التي يناسب مناخها نمو البطاطس خلال الشتاء.

وفسر أستاذ أمراض البطاطس، عملية زراعة أوربا للبطاطس في مصر بالرحم البديل؛ حيث اختارات أوربا في بداية لجوئها إلى مصر، لاستيراد بطاطس مصرية خالصة من التقاوي إلى الثمرة والتصدير، ولكن بعد اكتشاف عدد من حالات العفن البني في شحنات البطاطس المصرية المصدرة لأوربا، دفعت الاتحاد الأوربي لانتقاء أماكن معينة في مصر بعد إجراء الدراسات التي تؤكد خلوها من العفن وزراعتها بتقاوي منتخبة من دول الاتحاد الأوربي، تصدر إلى مصر للزراعة في مصر تتغير كل خمس سنوات؛ لضمان عدم تصدير بطاطس مصابة.

إسرائيل تسحب البساط
وكشف عبدالمقصود أن إسرائيل والمغرب وتونس سحبوا بساط تصدير البطاطس إلى أوربا من مصر، بعد أن كثرت شحنات البطاطس المصرية المصابة بالعفن البني.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوربي يغلق باب الاستيراد أمام الدول التي يكتشف 5 شحنات "أكواد" زنة الواحدة 10 آلاف طن مصابة بالعفن البني، مشيرًا إلى أن مافيا شركات تصدير البطاطس تسببت في ذلك، بعد أن لجأت إلى استيراد التقاوي التي تحقق مكاسب كبيرة من عملية استيرادها وبيعها في السوق المحلية، ثم يلجئون إلى تصدير جزء من إنتاج البطاطس إلى الخارج دون الاهتمام بإصابتها من عدمها، وهو ما أساء إلى سمعة البطاطس المصرية في الخارج، وجعل الاتحاد الأوربي يعتمد على إسرائيل وتونس والمغرب، وهي دول تحرص على فحص البطاطس في الحقل وقبل التصدير لتحافظ على سمعتها وتنال ثقة الاتحاد الأوربي.

عقوبات صارمة
بينما أرجع الدكتور صلاح عبد المؤمن، وزير الزراعة الأسبق، عدم التزام بعض المستوردين بجلب شحنات من تقاوي البطاطس من داخل مناطق الأكواد المحددة بين مصر والاتحاد الأوربي، إلى إصابة بعض الشحنات بالعفن البني.

وشدد "عبد المؤمن" على أهمية فرض عقوبات رادعة ضد المخالفين من المستوردين للشحنات المصابة، بمنعهم من الاستيراد لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، إلى جانب تفعيل وتطوير مشروع العفن البني الذي يتتبع شحنات تقاوي البطاطس المصابة، ومنع دخولها إلى مصر.