"التحرش"
حين نسمع أن مصر قد حققت المركز الثانى على العالم، أكيد سنشعر بالسعادة لأن مصر لها من التاريخ الذى يجعلنا نفتخر به ونتوقع أن نحقق مع هذا المركز الكثير من الأمجاد، إلا أننا حين نعلم أننا قد حققنا هذا المركز فى التحرش الجنسى بسيداتنا وبناتنا سنعرف أن ذلك كم هو مؤلم وموجع.
إن تحقيق مصر لهذا المركز لم يتم من فراغ، إنما تم بعد التحقق من أن جريمة التحرش لم تعد فى الشارع المصرى جريمة إنما أصبحت حقيقة تصطدم بها المرأة يوميا دون رادع أخلاقى أو قانونى، لأن ما تعانى منه المرأة المصرية يعلمه الجميع.
تعانى من جميع أنواع التحرش اللفظى وغير اللفظى، ما شكل عليها عبئا لا يمكن تحمله وهذا العبء علاوة على الإيذاء النفسى الذى لا يقدر أفقدها الكثير من الاحترام لمجتمعها الذى تعيش فيه.
إننا أمام كارثة أخلاقية تنال من بناتنا وسيداتنا على حد سواء ... عند استجواب أحد المتحرشين يؤكد أن ملابس المرأة مثيرة له وهذا ما دفعه لأن يتحرش بها وأن على المرأة الذنب الكبير التى أثارته وأخرجته عن وعيه وبدأ فى اتخاذ ما يراه من عمل أو قول لأن يعاقبها ولا تخرج من بيتها بهذه الصورة مرة أخرى.. إلا أن فى الواقع الملابس التى ترتديها المرأة لم تكن محدد لإثارة المتحرش بقدر ما كان المحدد هو انحدار التربية وقلة الأدب.
وأن البلاد المتحضرة مهما كانت ملابس المرأه التى يتحججون بها، لا تجد أحدا يرفع النظر إليها ولا يضايقها أو ينال من حريتها أو يسبب لها القلق أو الخوف أو الرهبة أو يجعلها تشعر وكأنها تعيش فى غابة وسط خطر غير متوقع وغير محسوب عواقبه.
عار علينا جميعا ما يفعله السفهاء منا.. صدمة غير مقبولة أن تكون هذه مصر وأن يكون هؤلاء هم شباب مصر والعالم كله يشاهد ثقافة المصريين فى احترام بناتهم.
إن علينا أن نقف جميعا وقفة رجل واحد من أجل ردع التحرش، ما يمنع أولا من تكرار هذه الجريمة وتمنع الآخرين من أن تسول لهم أنفسهم البغيضة النيل من أعراض بناتنا بحجج واهية لا تنم عن سبب حقيقى بقدر ما هى تنم عن انحدار خلقى وانهيار فى قيم شعب.