رئيس التحرير
عصام كامل

بجاحة الفلول


ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية جديدة، أو كما يشاع أن هناك انتخابات برلمانية ستجرى بعد الطعون الدستورية الأخيرة التي قبلتها المحكمة الدستورية، وبعد كل الشكوك والاعتراضات المثارة من القوى السياسية حول القانون والنظام الانتخابي المرفوض من الجميع، ما عدا الأحزاب والقوى المستسلمة التي توافق على أي شيء، وأي قانون يصدر دون النظر لأي اعتبارات أو مصلحة وطنية.


نجد في كل مرة يخرج علينا هؤلاء الفلول المنتمون للحزب الوطني المنحل، الذي يصعب عليهم أن يشتموا رائحة الانتخابات دون أن يطلوا برءوسهم ويدلوا بدلوهم، باحثين عن دور هنا أو هناك أو تحالف يمزجون به فلوليتهم مع الثورة، في محاولة للانقضاض على السلطة عن طريق الحصول على مقاعد في مجلس النواب، وكأنه (صعبان عليهم) أن يتركوا الحياة السياسية ويجلسوا في بيوتهم بعد حياة مليئة بالفساد والتلوث السياسي، بل يصل الأمر إلى تهديدهم بالعودة بقوة، وأنهم لن يتركوا المشهد هكذا خاليًا دون وجودهم، معتمدين على أدواتهم القديمة من شراء أصوات وعصبيات وعائلات، مستغلين لحالة السيولة التي تمر بها مصر وحاجة المواطن البسيط إلى المال في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

لم أر تبجحًا كهذا من قبل بل إصرار على التبجح، ألا يعلم هؤلاء أن الناس لم تعد تريد أن تشاهدهم مرة أخرى في الحياة السياسية، بل ولا حتى سماع أسمائهم أو اسم هذا الحزب المتعفن الذي ينتمون إليه؟.. ألم يدركوا حتى الآن، أن إنشاءهم لأحزاب جديدة بأسماء جديدة هروبًا من اسم الحزب القديم، مرصودة من قبل الشعب المصري؟.. وأن محاولاتهم للانضمام إلى أحزاب قديمة وعريقة أو حتى أحزاب جديدة، ومنها أحزاب نشأت بعد ثورة يناير (مفقوسة).. بل إن المحاولات التي قاموا بها لجذب شباب الثورة بالأموال، لإنشاء أحزاب جديدة يغتسلون فيها من ماضٍ كريه، باءت بالفشل.

يجب أن ندرك خطورة هؤلاء؛ ليس فقط لأن الثورة (30/25) قامت على هذا الفساد وعلى أفعال هؤلاء ومرءوسيهم، بل إن هناك بعدًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا من الخطورة بمكان ألا نلتفت إليه، وإلى ألاعيب هؤلاء وننشغل عنهم بأمور أخرى قبل إسكاتهم نهائيًا، والقضاء على جيوب المقاومة الأخيرة لهم، وعدم السماح لهم بالظهور والإطلالة من خلال نافذة مجلس النواب.

كان الأمر يتطلب وعلى وجه السرعة، بعد 30 يونيو، إصدار قانون جديد للعزل السياسي لأعضاء مجلسي الشعب والشورى عن الحزب الوطني والمجمع الانتخابي؛ لأن عزل هؤلاء بالتأكيد كان سيحد من إفساد الانتخابات التشريعية بالأموال على الأقل، والحد من بجاحة هؤلاء، وكان الأمر يتطلب إلحاق جماعة الإخوان المسلمين بهم في نفس القانون، لكن للأسف فشلت كل المحاولات لإصدار هذا القانون من قوى تعمل في الخفاء، لا تريد للشعب المصري أن يتنفس الهواء النقي بعيدًا عن نظام مبارك بفساده وديكتاتوريته، والإخوان بفاشيتهم الدينية.

بل إن البجاحة وصلت إلى الانقضاض على 6/30، ومحاصرتها بأعلام مبارك ورجال أعماله؛ لإحكام السيطرة عليها وتهيئة الأجواء والطريق لنواب الوطني للعودة مرة أخرى للمجلس، موزعين على كتلتين "كتلة أحمد عز وكتلة أحمد شفيق"، بل إن البجاحة وصلت إلى حد إيهام الناس بأن رجال مبارك هم من صنعوا 6/30، وأن الدولة عادت إلى أصلها وإلى مكانتها الطبيعية، أبشروا بموجة ثورية جديدة لـ30/25 على هذا التبجح، وهذه الأجواء المطابقة لأجواء انتخابات أحمد عز 2010، ما لم يُعِد النظام الحالي حساباته السياسية وإعادة ترتيب أوراقه وإعادة النظر في النظام الانتخابي الحالي، وقانون الانتخابات الحالي الذي لم تزل عدم الدستورية عنه رغم تعديله، ومصالحة شباب الثورة، وعدم الالتفات للمنافقين الذين سيجرون البلد إلى الخراب، متدرعين بثوب الوطنية وهم أبعد ما يكون عنها.
الجريدة الرسمية