رئيس التحرير
عصام كامل

نظرية "أنا صاحب الكورة"


تجربة بلا شك عاشها كل منا فى المدرسة أثناء لعب كرة القدم فى الحوش.. هناك دائمًا ذلك الطفل الذى لا يجيد اللعب و(مضيع فرقته دايمًا من الآخر، وكمان رخم وغتيت).. ودائما هناك من يعطف عليه ويصمم على أن ينزل فى التقسيم (علشان حرام علينا)، وعادة ما يلقى به هذا الطيب القلب بكل خبث بعد ذلك فى تقسيم الفرقة المنافسة لأن فريقه كامل..

لا أحد يريد أن يمرر الكرة للاعب سيئ، خاصة وهو مقتنع أنه مارادونا - بما أنى جيل كان فى المدرسة فى الثمانينات، فهذا هو مرجعى الرياضى– وحين تمرر له الكرة بالصدفة يقرر أن "يتفزلك" ويجري بالكرة وحده، وينتهى بأن يضيع هدفًا سهلًا لفرقته، ويتوقفون من جديد عن تمرير الكرة له حتى صدفة أخرى، وهكذا دواليك ..
حتى يأتى يوم.. "يِزِنّ" هذا الطفل الذى لا يجيد اللعب على والدته أن تشترى له كرة (وتكون ميكازا أصلية وجامدة من اللى ببلف وعليها بادج كاس العالم)، ويأتى بها فخورًا للمدرسة، ويعرض على الزملاء أن يلعبوا بها، وحين يقبلون تصير الكارثة.. يقسم الفرق بنفسه ويجبر اللاعبين جميعا أن يمرروا الكرة له (الكورة دى بتاعتى)، ولا يمررها لأى أحد، حتى لو كان موقعه سيئا، ويعنف حارس مرمى الخصم حين يصد كورة.. وعادة ما يقسو أكثر على اللاعب الذى كان يصمم أن يدخله فى التشكيل من باب العطف، فهو يذكره بضعفه، وحين يقرر الآخرون أنهم لا يريدون اللعب معه يرفض التنازل عن الملعب؛ لأن "الماتش اتقسم خلاص يا كباتشن، واحنا بنلعب بالكورة دى واللى مش عاجبه يدور على ملعب تاني".
أليست نظرية صاحب الكورة هى تلك التى يطبقها الآن معظم ممثلى تيار الإسلام السياسى؟ بدءًا من انتخابات المجلس المنحل لتعيينات الحكومة وحتى تأسيسية الدستور المشينة، والدستور المهين الذى ربما كان حين نشر هذه السطور دستورنا؟ الفارق أن فى حياة الدول.. لن يبحث أحد عن ملعب آخر، ولن يتركوا ملعبهم/ وطنهم قهرًا.
وبالتأكيد الشعب المصرى الذى أحب لعب الكرة/ السياسة وتمرس فيها خلال السنتين الماضيتين من خلال بعض الأهداف الناجحة فى البداية، ثم الكثير من الأهداف التى أحرزت فيه، حتى من لاعبين افترض خطأ أنهم فى فريقه.. لن يتوقف عن ممارسة اللعبة، وحتى لو كان المشوار طويلا لتطهير الملعب من كل صاحب كرة متسلط .. فالملعب سيظل ملكًا للشعب.
الجريدة الرسمية