عن النضال.. والدكتور أبو الغار؟!

رحلة سريعة إلى المملكة المغربية تدرك الفرق.. فارق شاسع بين شاب المغرب العربي وبين المصري.. لا أحد يعرف السبب للآن.. أو ما الذي أدى إلى هذا.. لاحظ أن المصري في أزمة.. لكن المغربي أو الجزائري لم يدخلها.. بينما التونسي، لأنه كذلك، تجاوزها.. أو استطاع أن يتجاوزها.

الانتماء عند الشاب المغربي رقم واحد.. بلده ثم بلده ثم بلده ألف مرة.. في المغرب فساد؟
مثل أي بلد عربي.. لا يخلو من فساد.

في المغرب محسوبية وواسطة، وكعب عالٍ بين ولاد الناس.. وغيره؟
مثل أي بلد عربي.. محسوبية، وواسطة، وناس فوق وناس تحت.. لكن المغربي بلده عنده بالدنيا.. لا يلعن أحد البلد، لا تجد طفلا لقنه أبواه السؤال الأزمة: "إدتنا أيه البلد دي علشان نحبها؟". 

الجميع يعمل.. الساسة المغاربة.. والمعارضة المغربية.. السياسة سياسة بجد.. والحرفي حرفي بحق وحقيقي.. ليس من الثقافة أو التمرد الشتيمة عمّال على بطال في الخلق والبلد والحكومة والحكام.. ليس من التفرد أن تلعن أبو خاش شعبك، والأرض إللي مشي عليها فلان وفلان.. وعلان وترتان، فتصف كل هؤلاء بأنهم فسدوا وأفسدوا وفعلوا وعملوا وعطلوا، كل هذا وأنت جالس على المقهى، أو في استديو قناة فضائية، تقدم نصائح لا تعمل بها.. وتقول كلاما لا تنفذه بينك وبين نفسك.. وتريد أن تلزم الناس بما لا تستطيع أن تلزم به أهل بيتك.

المغربي يعمل، طوال اليوم.. رغم الفقر والمعاناة.. الجميع يسعى لو أن المغرب يبقى فوق الجميع.. لو سألت عن قطار للمكان الفلاني، تجد ألف من يخبرك بأنه بعد سبعة أعوام سيحل القطار الكهربائي الذي يقصر المسافات.. ويزيد الإنجازات.

لا يهم أين تريد أن تذهب الآن.. في مخهم فقط ما الذي سوف تكون عليه البلد بعد أعوام.. ليس مهمًا ما الذي تريده أنت.. المهم هو الذي يريدونه ويطمحون إليه هم في المستقبل.

على المقاهي لا شباب تحت الثلاثين.. والله ولا الأربعين أو الخمسين.. المقهى مكان لكباية الشاي المغربي ودمتم.. لا دومينو ولا طاولة.. ولا لعب على المشاريب.

الملك يسمونه سيدنا.. ليس لأنه سيدهم، لكن لأنه رمز للبلد.. وللمستقبل.. ولما ينبغي أن يكون عليه البلد من استقرار.. أما المشاكل فتناقش في محالها.. المساوئ تتداول في أماكنها.. داخل الأحزاب، وبوقار على صفحات الجرائد.. ليس في الفضائيات، أو على صفحات المصري اليوم في عمود بقلم دكتور النساء محمد أبو الغار.. لمجرد أن يسب ويلعن الدكتور أبو الغار!

التوانسة مثل المغاربة.. ربما لذلك نفض التوانسة النهضة عن أكتافهم بسرعة، بينما نحن مازلنا نسب في مبارك وعصر مبارك بعد مرور 4 سنوات على ذهاب مبارك وعصر مبارك، ومجيء الإخوان، وذهاب الإخوان.

عندنا يلعن الحزب الفلاني الحزب الترتاني، والحزب العلاني الحزب الفلاني.. فلا هذا قدم شيئا، ولا ذاك حقق شيئا.. ليظهر الدكتور أبو الغار من آن لآخر، معلقا فشله، وفشل حزبه على دولة بوليسية – كما يقول – بينما ضباطها وعساكرها يموتون في الشواع بقنابل مفخخة!

مضحكة جدا قصة الدولة البوليسية التي يهجم فيها المواطن على الشرطة، فيضربها.. انتقامًا من بوليسية الدولة!

أكيد ليست هذه هي النهاية.. فقط لدينا برد.. أصابتنا الإنفلونزا.. المصريون في فترة الإنفلونزا.. تعب في الأنف، زكام.. احمرار في العينين.. فترة مرض باختصار.. أكيد سيأتي الوقت الذي نتخلص فيه من البرد.. ومن الدكتور أبو الغار!

السحر ليس في مواطن المغرب العربي، لكن السم في أمراضنا.. والزغللة في عيوننا نحن.

يمكن أن تقول إن الشاب في المغرب العربي، مثل سيزييف في الأسطورة الإغريقية.. شاب حكمت عليه الآلهة والظروف أن يدفع صخرة كبيرة مهولة من أسفل الجبل لأعلاه.. ولما يصل إلى القمة بالصخرة فوق ظهره.. تقع.. فيقع وراءها ليدفعها من جديد.. تعاود الصخرة الوقوع.. ويعاود سيزييف دفعها إلى القمة.. من جديد.. وهكذا.. عنده أمل.. وثقته في فعله وبلده من حديد.

أما الساسة في مصر.. فمثل طائر الإيكاروس في الأسطورة الأثينية.. لصقوا له ريش في أذرعه.. وعلى بطنه وظهره بالمشع ليطير.. فلما طار.. اقترب من الشمس.. فأذابت الأشعة الشمع.. فسقط الريش.. وسقط الطائر.

كان طائرا من ريش.. والريش من شمع.

طيورنا ظواهر صوتية.. لا يّصدقون أن الريش وقع.. ولا يكفّون عن الحديث عن أن المسئول عن سقوط الريش.. هو الرئيس!