لحوم فاسدة في شوارع مصر.. سيارات تنتحل صفة «منفذ وزارة الزراعة» تبيع مجمدات مجهولة المصدر.. الطب البيطري: اللحوم المضبوطة مذبوحة خارجة السلخانة.. «مواطنون ضد الغلاء»: المنتجات تصل
بعد ساعات العمل المرهقة انطلقت سعاد حسن، الأم لثلاثة أبناء، إلى عربة بيع المجمدات الموجودة بالقرب من عملها بوزارة العدل، لتشتري بعض اللحوم والخضراوات المجمدة من العربة الصغيرة المزودة بمبرد.
وتبيع العربة اللحوم بأسعار مخفضة تترواح ما بين 35 إلى 45 جنيها للكيلو، فما تبيع الدجاج بأسعار تترواح ما بين 15 إلى 21 جنيها، ولا تزيد أسعار أكياس الخضار عن 3 جنيهات، ومع انخفاض الأسعار فأن العربة تتميز بأن منتجاتها مضمونة بسبب العبارة المكتوبة على السيارة "منفذ بيع منتجات وزارة الزراعة المتنقل".
سعاد واحدة من آلاف العملاء الذين يتعاملون مع هذا النوع من السيارات التي تختار أماكن قريبة من المصالح الحكومية ومحطات المترو لتعرض منتجاتها للبيع وتلاقي رواجًا، خاصة مع النساء العاملات التي لا يسعفهن الوقت أو المال للشراء من المحال العادية، إلا أن ما لا تعرفه "سعاد" أنها ضحية لعربات تبيع منتجات مجهولة المصدر.
حالات ضبط
لا يوجد حصر دقيق لمخالفات السيارات المماثلة إلا أن « فيتو » استطاعت رصد واقعتين لضبط سيارات اللحوم المجمدة بأنواعها والدواجن، الأولى لسيارة محملة بـ"219" كيلو من اللحوم الفاسدة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي قبل توزيعها على المواطنين بميدان عبد المنعم رياض في وسط القاهرة.
وأثارت السيارة ريبة اللواء ياسين عبد الباري رئيس حي غرب القاهرة أثناء مروره بالميدان ولم يجد التصاريح الخاصة بها، فاصطحب السيارة إلى الحي، وإرسال عينة من اللحوم إلى الطب البيطري، الذي خرج تقريره المبدئي بأنها لحوم مجهولة المصدر، مصابة بتهتك في الأنسجة وعفونة، وصدر قرار بإعدامها بالفنيك المركز.
و تكرر المشهد أمام دار القضاء العالي، حيث تصادف مرور حملة ميدانية، رصدت سيارة تبيع اللحوم المجمدة والدواجن للمواطنين والموظفين أثناء خروجهم من العمل، وتم توقيفها وتبين عدم وجود تصريح من الصحة.
وبفحص محتوىات السيارة، تبين وجود 135 كيلو جرام لحم مجمد، 50 كيلوجرام لحم مفروم، 50 مشتقات لحوم، و120 كيلوجرام بانيه، وكلها ذات رائحة كريهة ومجهولة المصدر، وصدر قرار بالتخلص منها في مجزر البساتين.
غير صالحة
وفي هذا السياق يقول الدكتور السيد عبيد وكيل محافظة القاهرة للطب البيطري، أن معظم اللحوم التي يتم ضبطها غير صالحة للاستهلاك الأدمي، ولم تخضع للذبح في المذابح، وبالتالي لا يوجد عليها أي أختام، والمجمد منها فاسد ومضي على إنتاجه فترة كبيرة من الوقت، ويتم إعدامها والتخلص منها فورا لمنع انتشار الأمراض والأوبئة التي تحملها.
الزراعة ترد
ويؤكد المهندس محمدى البدرى مدير عام التسويق بقطاع الإنتاج في وزارة الزراعة، أن جميع السيارات التي تم ظبطها غير تابعة للوزارة، وعلينا أن نفرق ما بين التراخيص والاشترطات الصحية، فالسيارة التي تحمل تحمل رخصة بوجودة ثلاجة بها ليست هذا بشرط كافي للتأكد من مصدر المنتجات التي تحملها.
وختم حديثه بأن المواطن العادي يستطيع التفرقة بين السيارة التابعة من وزارة الزراعة والسيارة التي تحمل لحوم وبضائع مجهولة عن طريق اللوحات المعدنية، اذ أن سيارة الوزارة تحمل لوحات معدنية حكومية باللون الرصاصي، وتحمل ملصق مكتوب عليه «قطاع الإنتاج - وزارة الزراعة – الإدارة العامة للتسويق».
المناطق الفقيرة
ويشير محمود العسقلاني، منسق مواطنون ضد الغلاء، إلى أنه يثمن الجهود التي تقوم بها الدولة لضبط السيارات والأماكن التي يسمح فيها بالبيع للحوم فاسدة أو منتهية الصلاحية.
ويضيف أن أسعار اللحوم المتدنية للغاية في تلك العربات تجبر الجميع على التساؤل حول مصدر هذه اللحوم، وهل هي صالحة للاستهلاك الأدمي أم لا؟
ويؤكد أن هناك شروط لابد وأن تتوافر في أماكن بيع اللحوم، أهمها وجود صرف صحي وذلك للتخلص من آثار الدماء الناتجة من اللحم، ومياه نظيفة خاصة لتنظيف المكان وأيدي العاملين، وأجهزة تبريد ومرواح، وصواعق للناموس، وهذا يتعلق في مراكز بيع اللحوم الثابتة.
وينفي أن تكون العربات المعدة لبيع اللحوم أن تحتاج كل هذه التجهيزات، فيكفي أن تكون اللحوم تم تقطيعها وتجهيزها في عبوات، وتكون العربة بها مبرد عالي، ولكن تبقي الخطورة في أن تفقد الدولة السيطرة على أماكن تواجد هذه العربات، وقيام البعض منها ببيع اللحوم الفاسدة.
ويضيف أن تلك السيارات، تستطيع الوصول إلى أماكن الطبقات التي تحتاج بالفعل إلى اللحوم بأسعار منخفضة، مطالبًا الدولة بتوفير سيارات مماثلة.