مقررة لجنة أخلاقيات البحث العلمي: إقرار قانون التجارب السريرية في مجلس النواب القادم
- قواعد صارمة للحفاظ على حقوق المبحوثين
- الغرامة المالية والسجن في حال مخالفة قواعد البحث العلمى
- الموافقة المستنيرة حق من حقوق المبحوثين ولا بد من التوعية بها
وكشفت في حوار لــ"فيتو " عن أهم مراحل إجراء التجارب الإكلينيكية السريرية ودور لجنة اخلاقيات البحث العلمى، وحقيقة ما يشاع عن قيام شركات الدواء العالمية بإجراء البحوث على المرضى دون علمهم وإلى نص الحوار...
*ماذا عن دور لجنة أخلاقيات البحث العلمى بوزارة الصحة ؟
توجد لجنتان بالوزارة إحدهما "العليا" لأخلاقيات البحث العلمى لوضع الإستراتيجيات الخاصة بالبحث العلمى برئاسة وزير الصحة ووزير البحث العلمى وتضم نخبة من كبار الأطباء والأساتذة الجامعيين واللجنة الفرعية التي تقوم بمراجعة الأبحاث الإكلينيكية السريرية التي تجرى بمصر، وكذلك أبحاث رسائل الماجستير والدكتوراه وهذه اللجنة الفرعية تجتمع أسبوعيا وتضم أعضاء من خارج الوزارة وأعضاء غير أطباء دورهم مراجعة الموافقة المستنيرة ولدورهم أهمية كبيرة في التأكد من وضوح المعلومات التي تعطى للمشارك من خلال الموافقة المستنيرة ويكونون من أحد رجال الدين أو القانونيين وذلك لمصلحة المريض.
*ما أهم أخلاقيات البحث العلمى ؟
أهم المبادئ والأخلاقيات التي يعتمد عليها البحث العلمى ويجب احترامها والالتزام بها هي احترام الإنسان والعدل وعدم وقوع الضرر بل حدوث المنفعة وكل منهم يطبق بطريقة فاحترام الإنسان يتم تطبيقه من خلال الموافقة المستنيرة الخاصة بالبحث والحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالمريض.
ويشمل تطبيق العدل اختيار المرضى نتيجة معايير إدراج ومعايير استبعاد محددة ومذكورة بالتفصيل في بروتوكول الدراسة ولا يخضع هذا الاختيار للمرضى للمزاج الشخصي أو ما يتردد مثلا من إخضاع بعض الفئات كأطفال الشوارع أو المعاقين ذهنيا أو المساجين في التجارب دون معايير.
أما تطبيق عدم وقوع الضرر بل حدوث المنفعة فيتم عن طريق مقارنة الضرر بالفائدة المرجوة والعائدة بشكل أساسى على المشارك وذلك بحيث تزيد الفائدة عن الضرر.
وهناك 8 محاور إذا توافرت في أي بحث يكون أخلاقيا وتعتمده لجنة أخلاقيات البحث العلمى وتشمل مقارنة الضرر بالمنفعة بالإضافة إلى الشراكة المجتمعية في البحث والذي يجب أن يكون له مردود اجتماعى ويجب أن يكون منضبطا علميا. كما تشمل المحاور معايير إدراج ومعايير استبعاد محددة للمشتركين بالإضافة للموافقة المستنيرة وموافقة لجنة أخلاقيات واحترام المواطنين والمشتركين أثناء اشتراكهم في البحث
وأؤكد أن الموافقة المستنيرة للمريض المشارك في البحث ليس معناها أن يكون المريض مستباحا، ويقوم الباحث بتجربة ما يريد ويتم تحويل هذا المشارك لفأر تجارب
*ما مراحل إجراء التجارب الإكلينيكية ؟
أول مرحلة هي تجربة الدواء أو المنتج أو الجهاز على الخلايا في المعمل ثم تجربته على الحيوانات وتعرف هذه التجارب باسم تجارب ما قبل التجارب السريرية ثم التجربة على الإنسان وهى تسمى المرحلة الإكلينيكة السريرية، والتجربة على الإنسان مكونة من 4 مراحل بعد الاطمئنان من تأثير ونتيجة الدواء على الحيوانات.
ويتم إحضار مجموعة من الأصحاء لإجراء التجارب للتأكد من الأعراض الجانبية للدواء وطرق إعطائه سواء عن طريق الفم أو الحقن ويتم تحديد الجرعات وإعطائه بكميات متدرجة ولا بد أن يكون الطبيب الذي يقوم بإجراء هذه التجارب ذا خبرة كبيرة وتجرى هذه التجارب في مركز بحثي مجهز تجهيزا عاليا وموثوقا به .
ويبلغ عدد الأصحاء الذين تجرى عليهم تلك التجربة من 10 لـ30 ويكونون تحت المراقبة 24 ساعة وبعد التعرف على الجرعات وأفضل طرق العلاج يتم البدء في المرحلة الثانية والبحث عن المرضي المصابين بالمرض ومن ثم اكتشاف هذا العلاج الجديد لهم وعددهم يتراوح من 100 لـ300. وتتم التجربة على مجموعتين إحداهما مجموعة حصلت على الدواء القديم ومجموعة تحصل على الدواء الجديد.
وتأتى المرحلة الثالثة والتي تطبق على نطاق واسع قد يصل عدد المشاركين فيها لـ3000 مريض في عدة مراكز بحثية وتجرى التجارب في عدة دول في ذات الوقت حيث يكون أشبه ببحث عالمى، ثم بعد ذلك يتم تقديم نتائج الابحاث التي اجريت على الدواء إلى هيئة الدواء والغذاء الأمريكة ليحصل على موافقتها حتى يتم التمكن من توفيره في السوق.
*وماذا بعد نزول العقار إلى السوق هل انتهت مراحل البحث عند تلك المرحلة ؟
لا، بل هنا تبدأ المرحلة الرابعة من البحث العلمى بعد نزول العقار إلى السوق وتجرى أبحاث على نطاق واسع وتسمى دراسات ما بعد التسويق وقد تظهر هنا بعض الأعراض الخطرة التي تؤدى إلى سحب الدواء وهذا يفسر أن أدوية كثيرة قد تم إلغائؤها وسحبها بعد نزولها إلى السوق لأنه تلك الدراسات تراقب المنتج وتاثيره بعد عرضه على عدد كبير من المرضى، وبدأت الشركة تتلقى نتائج التجارب من الأطباء بعد صرف الدواء للمرضى وفي حال ظهور أعراض جانبية يتم وقفه بعد توزيعه وسحبه من السوق.
*وهل تكون الأعراض الجانبية خطيرة تودى بحياة المريض؟
لا بالعكس الأعراض الجانبية تكون بسيطة ويتم التأكد منها قبل النزول بالدواء وكل المراحل السابقة تستمر لـ15 سنة وتوجد أدوية يتم تسجيلها بصورة أسرع إذا كانت أدوية حيوية أو تعالج مرضا يشكل أمنا قوميا.
*وماذا عن القرارات التي يوقع عليها المرضى أو المشتركون في الأبحاث وما إذا كانت قانونية أم لا ؟
تلك القرارات التي يوقع عليها المشترك في البحث من المرضى تسمى " الموافقة المستنيرة " وهى حق من حقوق المريض ولكى توافق لجنة الأخلاقيات البحث العلمى على البحث يجب أن ترفق به الموافقات المستنيرة للمرضي وهى تضم الضرر والمنفعة وتشمل 8 بنود تكتب بالتفصيل وتلك التجربة بهدف البحث العلمى والدراسة.
وتضم تلك البنود النفع المحتمل من البحث وكذلك الضرر المتوقع والبدائل المتاحة للمريض من أدوية موجودة في السوق يمكنه أخذها بدلا من الخضوع للتجربة بالعلاج الجديد بالإضافة إلى تأكيد سرية المعلومات وأنها في مكان آمن ولا يجب أن توجد في مكان متاح للكل، فلا يجوز أن يطلع أحد على نوع المرض المصاب به والعلاج وإلا يكون عرضة لتسريب المعلومات الشخصية إلا بإذن.
وتشمل بنود الموافقة المستنيرة التعويض ضد مخاطر البحث وكل التجارب السريرية تجرى تأمينا على المرضى، وعلى سبيل المثال يتم تحديد 100 ألف جنيه للبحث وفي حال حدوث أي مشكلة لأحد المشتركين في البحث تدفع شركة التأمين تكاليف علاج هذه الأعراض الجانبية ويكون التأمين باسم الدراسة.
كما تشمل الموافقة المستنيرة مقابل اشتراك المبحوث عليهم وتطلع عليه لجنة أخلاقيات البحث العلمى بحيث لا يزيد على أجرة المواصلات والوجبة والإقامة والوقت ولا يكون مبلغا ماديا كبيرا وذلك حتى لا نخلق وظيفة مشبوهة هي وظيفة "مشترك أبحاث" للتطوع في الأبحاث مقابل المال.
وتضم بنود الموافقة المستنيرة رقم تليفون أحد أفراد الفريق البحثي وكذلك مقرر أو رئيس لجنة أخلاقيات البحث العلمى التي أقرت إجراء البحث حتى يستطيع المبحوث عليهم التقدم بشكوى بالإضافة إلى بند واضح وهو أن البحث طواعية ولم يجبر المريض ويشمل "لقد قرأت وفهمت ووافقت طواعية ".
*وفي حال إذا سقط بند من تلك البنود ما الإجراءت التي تتخذ ؟
إذا لم تشمل الموافقة المستنيرة كل تلك البنود ترفضها لجنة أخلاقيات البحث العلمى وترفض البحث وعلى الباحث إكمال الموافقة المستنيرة الخاصة بالبحث.
*وهل المريض مخير أم مجبر للموافقة والتوقيع خاصة أنه أحيانا كثيرة يكون مضطرا لذلك لرغبته في العلاج ؟
المريض غير مجبر على الدخول في البحث والتوقيع على الموافقة المستنيرة كما أنه يتم توضيح الخيارات المتاحة له بالإضافة إلى أن التجارب السريرية مفيدة وتوفر العلاج لمجموعة من الناس لا يستطيعون الحصول عليه.
*هل يمكن استخدام بيانات المرضى أو المشتركين دون علمهم ؟ أو في أي أبحاث مستقبلية ؟
لايمكن فالعملية محكمة للغاية لأن الموافقة المستنيرة تضم الموافقة على الاشتراك في تجربة ما مدونة باسمها وبالتاريخ وإذا وجدت لدى الباحث النية في الاحتفاظ بالبيانات لأبحاث أخرى عليه أن يحصل على موافقة من المريض بذلك ويحتفظ بها وتطلع عليها لجنة اخلاقيات البحث العلمى، وأحيانا يوقع المريض على أنه يرفض استخدام بياناته في أي أبحاث أخرى مستقبلية، وتراقب اللجنة الموافقات المستنيرة على كل العينات حتى لو كانت مخزنة منذ فترة .
*دائما يتردد عن سفر بعض عينات المصريين للخارج مما يساهم في المساعدة في نقل الأمراض ‘لينا فمدى صحة ذلك ؟
بالنسبة لإمكانية سفر عينات المصريين للخارج يوجد بعض أنواع البحوث يتم عرضها على الأمن القومى ويجب وجود مبرر قوى لسفر هذه العينات وأحيانا كثيرة ترفض الجهات الأمنية سفر بعض العينات لأسباب تتعلق بأمن مصر القومى.
وتوجد أنواع من البحوث لا بد من أخذ الموافقات الأمنية عليها منها أبحاث على المناطق الحدودية كما لا يمكن الخروج بعينات من المطار إلا بعد موافقة الأمن ولجنة أخلاقيات البحث العلمى ويتم التواصل بين الطرفين، فلسنا في جزر منعزلة عنهم والأمر محكم للغاية ولا تخرج عينات المصريين خارج مصر ‘لا بعد وجود مبرر قوى وعلمى لذلك.
وكل تلك الشروط مطبقة في لجان اخلاقيات البحث العلمى وتقتل بحثا ولا توجد لجان لأخلاقيات البحث العلمى فقط بوزارتى الصحة والبحث العلمى بل في كل الجامعات المصرية.
*وماذا عن قانون التجارب السريرية ومتى سيتم إقراره ؟
القانون الجديد مدرج به كل الإشكاليات الخاصة بالبحث العلمى وجميع النقاط التي تحدثنا فيها سابقا، بل ويضم عقوبات مشددة للمخالفين وهو الآن يخضع للمناقشات وإجراء بعض التعديلات به وفي انتظار تشكيل مجلس النواب للموافقة عليه.
*ولماذا تأخر إصدار القانون خاص بالبحث العلمى حتى الآن ؟
القانون لم يصدر حتى الآن بالفعل وتأخر كثيرا ولكن ليس معنى ذلك عدم وجود قواعد منظمة للبحث العلمى في كل منشأة صحية أو بحثية تجرى أبحاثا على البشر بها لجنة لاخلاقيات البحث العلمى يحكمها قانون داخلى وقواعد موحدة مجبرين على تنفيذها
*وما العقوبات المقررة على الباحث في حال مخالفة قواعد البحث العلمى؟
في القواعد الحالية يتم رفض البحث ومطالبة الباحث بتعديله وفق القواعد السليمة ولكن وفق تطبيق قانون التجارب السريرية الجديد إذا لم يلتزم الباحث بالقواعد ستصل العقوبات إلى الغرامة المالية وربما السجن أيضا، وإذا لم يحصل الباحث على موافقة لجنة أخلاقيات البحث العلمى لا يمكنه نشر البحث في مجلة علمية وهى من أسس البحث العلمى، كما أنه لكى يحصل على أي تمويل من أي مؤسسة محلية أوعالمية لا بد من وجود موافقة لجنة اخلاقيات البحث العلمى.
*معظم المواطنين لا يدركون معنى " الموافقة المستنيرة " فكيف ستتم التوعية بأهميتها ؟
نسعى لشن حملة قومية للتوعية بالموافقة المستنيرة وأنها حق من حقوق أي مواطن كفلها له الدستور حيث نص على أنه لا يجوز إجراء أي تجربة طبية إلا بعد موافقة المشارك بالموافقة الحرة والرضا التام لأنه حق أصيل له.
*أخيرا دائما يتردد أيضا أن شركات الدواءالعالمية يمكنها إجراء الأبحاث على الأدوية الحديثة على الفئات من المواطنين كالأطفال أو فاقدى الأهلية دون رقيب عليها.. فما مدى صحة ذلك ؟
شركات الدواء العالمية لا يمكنها "الضحك" على المواطنين كما يتخيل البعض وتهول وسائل الإعلام ولكى يتم تسجيل أي عقار جديد ويحصل على موافقة هيئة الدواء والغذاء الأمريكية لا بد من وجود الموافقات المستنيرة وموافقات لجان أخلاقيات البحث العلمى وتظل اللجان العلمية تدرس ملف الدواء عاما كاملا للتأكد من صحته ومطابقته لقواعد البحث العلمى.
وأريد أن أعرف لماذا نفترض أن الباحث إنسان معدوم الضمير، وحتى لو وجد أحدهم بهذا الوصف فهو مجبر على أن يسير وفق قواعد البحث العلمى من خلال لجنة الأخلاقيات والحصول على الموافقات المستنيرة.