رئيس التحرير
عصام كامل

فيلم رمضان المُكرر.. ومسلسل جبريل القديم.. وبرنامج رامز الجاي!


(1)
في فيلم العديد الجديد لـ(محمد رمضان) سيقوم البطل بما اعتاد القيام به في كُل أدواره، وهو الأداء الذي لا يُجيد غيره، فسيكون على البطل استعراض صدره العاري في مُعظم لقطات الفيلم، والحقيقة لا أدري علاقة ذلك بالسينما النظيفة، إلا لو كان المقصود استعراض لمعان صدر حضرته، خصوصًا وهو تحت الأضواء الكاشفة العاكسة، مع زخَّات الماء في شغل تصوير وإضاءة وإنتاج عالمي المستوى!


(رمضان) سيكون عليه أن يواجه - وحيدًا - ألف شخص في كُل لقطة، يقتُل منهم النصف، ويقوم بأسر الرُبع، فيما يفر الرُبع الباقي على أيديهم وأرجلهم، وهُم يجرُّون أذيال الخيبة، علشان يروحوا يجيبوا ألفين واحد مش خايبين معاهم، ويفاجئوا البطل الهصور وهو نايم بعينين مفتَّحة، أو وهو مع حبيبته بياكلوا دُرة على الكورنيش، قال يعني هياخدوه على خوانة، وطبعًا هو مش هيسمح لواحد منهم يلمس شعراية منها، ولا دُراية من الكوز، فهيقوم مطلَّع مُسدسين اتنين، وقاتلهم كُلُّهم وهو فاتح صدره في مواجهتهم، ولا تسألني عن عدد الرصاصات في كُل سلاح، ولا دقة التصويب، ولا العشى الليلي المُصاب به الخصوم، لدرجة أن ماحدش فيهم قادر يجرحه برصاصة!

في نهاية الفيلم، سيستعرض (محمد رمضان) متانة أحباله الصوتية، وقوة حنجرته، وطبعًا صدره مش هيخرج من المشهد، وهو يهتف بغلظة بعبارة مؤثرة جدًا على غرار عباراته المأثورة التي يتناقلها العالم فوق جدران التكاتك والميكروباصات: "يقين بالله هنكسب" أو "ماتبصليش بعين رضية.. وخُد لك الطلقة دية"!

(2)
لم يسبق لي الصلاة خلف الشيخ (محمد جبريل)، وهذا أمر لست نُادمًا عليه، وهو كذلك لا ينتقص من الرجُل شيئًا، فهُناك آلاف الساعين للصلاة خلفه، والتأمين على دعائه، خاصةً أنه يمتلك - كما يقولون - حنجرة رائعة، تمنح القراءة والدُعاء تأثيرًا يمس القلوب، وهو أمر طيب في كُل الأحوال، فعلى الرغم من وفاة الشيخ العظيم (محمد رفعت) مُنذ 65 عامًا، إلا أن أحدنا لم يختلف عليه حتى يومنا هذا، خاصةً أن اللقب المُناسب فعلًا له "قيثارة السماء"، بل إن صوته هو أحد مُرادفات شهر رمضان المُبارك خاصةً قبيل أذان المغرب!

ولماذا لم يختلف أحد حول الشيخ (رفعت)؟.. وما وجه الشبه بينه وبين (جبريل)؟
إن (رفعت) لم يضع نفسه على محَك السياسة، والسياسة تحمل من الاختلافات والخلافات ما لا يحمله الدين، ففي الدين نعبُد جميعنا الله الواحد، ونؤمن برُسُله، نُصلي الفجر ركعتين، والعصر أربع، أما في السياسة فلكُل واحد منا مذهب، طريقة، أسلوب، أفكار مُختلفة، وتداخُل الدين في السياسة ينتقص كثيرًا من رجُل الدين لدى مُعارضي اتجاهاته السياسية، فيصير في نظرهم قزمًا (خائنًا / خائبًا / تاجرًا) بغض النظر عن تمكُّنه من مهنته من عدمه، فهذه طبيعة الخلافات السياسية، بينما يصير في نظر حلفائه أو المُستفيدين من ميله السياسي المُفاجئ أو الفطري أو حتى الوقتي، عملاقًا (بطلًا / هصورًا / فاضلًا) بغض النظر برضو عن تمكنُّه من مهنته من عدمه، وهذه طبيعة الانحياز السياسي برضو!

بالمُناسبة كُل إنسان ميُسَّر لما خُلق له، يعني مش علشان الشيخ صوته حلو، فضروري يكون عقله حلو في السياسة، واحد يقول لي ما هو الشيخ مواطن، حضرتك يمارس المواطنة من كونه مواطنا، وليس من كونه شيخا، يقول أي كلام والآلاف من وراه بيقولوا آمين (بعضهم يغرق في الروحانيات والخشوع، فقد لا يمتلك التركيز الكافي لمُراجعة كُل نصوص الدُعاء بكفاءة)، وأرجوك ياللي شايف (محمد جبريل) مُناضل وثوري حاليًا، لا تنسَ أنه كان حبيب (مبارك) ونظامه، وأنه وصف ثورة يناير - التي أطاحت بـ(مبارك) - بأنها "شُغل يهود"، وأرجوك تشوف الفيديو في الرابط التالي لو عندك وقت!
https://www.youtube.com/watch?t=143&v=df7f7aW8-MU

يعني كُل الحكاية حاليًا بالنسبة لـ(جبريل) الذي نساه الكثيرون مُنذ فترة، وصار بعيدًا عن الفضائيات والإعلام "الفاسد" الذي دعا عليه، هي مُسلسل قديم، الشيخ يعمل شوية بروباجاندا، الفضائيات والمواقع والصُحُف تجري وراه، الطلب عليه يزيد، المُقابل المادي ينسال، مبالغ خيالية من أجل الظهور في البرامج، ناهيك عن مضاعفات في مبيعات الكتب إن وُجدت، أو المقالات إن كُتبت، يعني (جبريل) إللي عمل رهان خاسر على (مبارك) ونظامه، ولم ير أي فساد أو ظلم أو تجاوز فيه وفي أفراده وفي سنينه، جاي دلوقتي يتكلم عن الظلم والفساد والتجاوز وكمان الإعلام، رغم أنه صنع من جسده حائلًا بين الثورة والنظام البائد، لكن العملية ماجابتش همَّها، وفشل النظام في الصمود أمام ثورة يناير، ولو كان صمد، كان (جبريل) نال الرضا والمُراد، ويا دار ما دخلِك شَر!

(3)
لن يعدم (رامز جلال) إيجاد طريقة جديدة لتعذيب النجوم، طالما وجد مَن يرتضى على نفسه الهوان والتهزيء مُقابل جني آلاف من الدولارات في دقائق، عن نفسي لا أُطالب بإيقاف إنتاج البرنامج أبدًا، بالعكس، لا بُد أن يستمر طالما رغب أصحابه في فعل ذلك، كُل ما أُطالب به - بعيدًا عن السياق الهزلي - هو أن يتم إنتاج برامج مقالب خفيفة وكوميدية فعلًا، لا برامج ثعابين وغرق وكوارث وزلازل، والحقيقة مش عارف أيه وجه الضحك في أنك تتمتَّع بمُتابعة ردود أفعال واحد يوشك على الموت، أو أيه إللي مُمكن يخليك سعيد أوي وأنت بتتفرج على (رامز) وهو بيتقيَّأ (بيرجَّع) على فنان أو فنانة، الحقيقة إحنا ذوقنا أصبح غريبا، تبعًا للشذوذ الفكري الذي يُمارسه (رامز جلال) على ضيوفه ومُشاهديه على حدٍ سواء!

وبمُناسبة الشذوذ، فإن البرنامج القادم لـ(رامز) مُمكن يكون في الحمام، يعني (رامز ملك السيفون)، أو (الشطافة مع رامز) كدة يعني، ويتم تصوير الضيوف - خلسة - وهُما في الحمام قبل ما يدخلوا في المعمعة، وطبعًا الضيوف هيقبلوا إذاعة الحلقة بعد الحصول على الشيك المتين، وبعد ما كُل واحد فيهم يضرب (رامز) بوكسين، ويبصق عليه تفتين، وهو عمَّال يضحك وفرحان أوي، والحقيقة أن كمية الضحك التي يقوم بها بطل البرنامج في كُل حلقة، تفوق كمية ضحك المُشاهدين جميعًا في الوطن العربي كُلَّه في ذات الحلقة!

فيما بعد مُمكن إقناع الضحية بأنها تنزل حمام سباحة بماء مغلي، مفيش مشاكل، كريمات الحروق مُمكن تعالج الخساير، مُمكن كمان نحُط بدل الماء المغلي زيت مغلي، ونزوِّد المُقابل المادي شوية، بس يكون زيت زيتون علشان نحافظ على النجوم، ويا ريت كمان لو المقال وصل لـ(رامز) يعرف أن الأفكار دي ليها صاحب، ويبقى يفتكرنا بإزازة زيت، بس مش مغلي!
الجريدة الرسمية