رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. يأجوج ومأجوج «ويل للعرب من شر قد اقترب».. ذو القرنين حاصرهم خلف سد الحديد والنحاس.. يشربون مياه بحيرة طبرية بعد خروجهم.. وخلاف بين العلماء حول جنسهم ومكانهم

فيتو

يأجوج ومأجوج أو جوج وماجوج، اسمان يظهران في الكتب اليهودية والمسيحية والإسلامية، كما تتسم هاتان التسميتان بالغموض، فتارة تأتي على هيئة أسماء لأشخاص أو شعوب، وتارة أخرى كتسمية لمنطقة جغرافية، واختلف العلماء في مكان خروجهما فمنهم من يقول سيخرجان من إيران ومنهم من يقول من الصين، ومنهم من يقول عند بحر قزوين والبحر الأسود، وحتى معنى التسمية اختلف فيها العلماء.


معنى التسمية
ليس هناك تفسير مُرضٍ لمعنى هاتين التسميتين، يعتقد أن ماجوج تعني "في" أو "من بلاد" باللغة العبرية فتصبح العبارة "جوج من بلاد جوج"، ويعتقد أن "جوج" هو الاسم العبري لملك ليديا المدعو جيجس، الذي حول مملكته إلى دولة قوية في أوائل القرن السابع قبل الميلاد.

هناك نظرية أخرى تعيد لفظ ماجوج العبرية بعد حذف الواو إلى بابل، غير أن كلا التفسيرين تعرضا لانتقادات واسعة، وقيل إنها عبارة صينية تعني قارة شعب الخيل، وهم من المغول والدول المجاورة للصين.

كما قيل: هما اسمان أعجميان منعا من الصرف للعلمية والعجمة، وعلى هذا فليس لهما اشتقاق؛ لأن الأعجمية لا تشتق من العربية، وقيل: بل هما عربيان، واختلف في اشتقاقهما، وقيل: أُشتقا من أجيج النار وهو التهابها، وقيل: أُشتقا من الأجاج وهو الماء الشديد الملوحة، وقيل: أُشتقا من الأج وهو سرعة العدو، وقيل: أُشتقا من الأجة بالتشديد وهي الاختلاط والاضطراب.

أما عن نسبهم فهم من نسل آدم من أبناء يافث بن نوح. 

يأجوج ومأجوج
ورد ذكر "يأجوج ومأجوج" في القرآن الكريم في الآية الكريمة {حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولًا * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا}.. (سورة الكهف).

وهذه الآيات تبين لنا كيف كان يأجوج ومأجوج في قديم الزمان أهل فساد وشر وقوة، لا يصدّهم شيء عن ظلم من حولهم لقوتهم وجبروتهم، حتى قدم الملك الصالح ذو القرنين، اشتكى له أهل تلك البلاد ما يلقون من شرهم، وطلبوا منه أن يبني بينهم وبين "يأجوج ومأجوج" سدًّا يحميهم منهم، فأجابهم إلى طلبهم، وأقام ردمًا منيعًا من قطع الحديد بين جبلين عظيمين، وأذاب النحاس عليه، حتى أصبح أشدّ تماسكًا، فحصرهم بذلك الردم تحت الأرض واندفع شرهم عن البلاد والعباد.

وقد تضمنت الآيات القرآنية إشارة جلية إلى أن بقاء "يأجوج ومأجوج" محصورين تحت الردم إنما هو إلى وقت معلوم، وهذا الوقت هو ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، من أن خروجهم يكون في آخر الزمان قرب قيام الساعة.

كما ورد ذكر "يأجوج ومأجوج" أيضًا في موضع آخر من القرآن، يبين كثرتهم وسرعة خروجهم، وذلك في الآية الكريمة {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون} (سورة الأنبياء، الآية 96).

صفة خلقهم
في الحديث الذي رواه البخاري قال: عندما دخل (صلى الله عليه وسلم) على زوجته زينب بنت جحش (رضي الله عنها) فزعًا وهو يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من سدِّ "يأجوج ومأجوج" مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت له زينب: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟.. قال: نعم إذا كثر الخبث).

فعند ابن كثير: جاء وصف يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ في الأحاديث بأن وجوههم (المجان المُطرقة)، قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بِشْر حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ اِبْن حَرْمَلَة عَنْ خَالَته قَالَتْ: خَطَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَاصِب إصْبُعه مِنْ لَدْغَة عَقْرَب فقال: "إنكم تقولون لا عدو! وإنكم لن تزالوا تقاتلون حتى يأتي يأجوج ومأجوج: عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشغاف، ومن كل حدب ينسلون.. كأن وجوههم المجان المطرقة".

وقوله "صهب الشغاف" يعني لون الشعر أسود فيه حمرة، وكأن وجوههم المجان المطرقة، المجن الترس، وشبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها، و"من كل حدب ينسلون" أي من كل مكان مرتفع يخرجون سراعا وينتشرون في الأرض ما جاء في كثرتهم.

ففي الحديث الذي رواه البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم، يقول: لبيك ربنا وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار، قال: يا رب وما بعث النار؟.. قال: من كل ألف - أراه قال - تسعمائة وتسعة وتسعين، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد"، فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة"، فكبرنا، ثم قال: "ثلث أهل الجنة"، فكبرنا، ثم قال: "شطر أهل الجنة"، فكبرنا.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سيوقد المسلمون من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين".

خروجهم وهلاكهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا، فيعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس حضروا، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله، واستثنوا، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس، فينشفون الماء، ويتحصن الناس منهم في حصونهم، فيرمون سهامهم إلى السماء، فترجع وعليها كهيئة الدم الذي جف، فيقولون: قهرنا أهل الأرض، وعلونا أهل السماء!، فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها، والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتشكر شكرا من لحومهم ودمائهم".

وفي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، إلى أن قال: ثم يأتي عيسى عليه السلام قوما قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام، أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الله تعالى فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الله تعالى، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيت شاء الله، ثم يرسل الله عز وجل مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك.

موقع السد

لا يوجد أدلة قاطعة تعين موقع الردم الذي يحجز يأجوج ومأجوج، إلا أنه ذهب بعض المهتمين بمراجعة المصادر غير الإسلامية، إلى أن السدين المائيين هما بحر قزوين والبحر الأسود، ومنطقة بين السدين هي تحديدًا الحدود الفاصلة بين ما يعرف حاليًا بأوسيتيا الجنوبية (التابعة لجورجيا) وأوسيتيا الشمالية (التابعة لروسيا)؛ حيث إن بينهما مضيق جبلي يعرف حاليًا بـ"مضيق دار يال (Darial Gorge)"، يعتقد أن يأجوج ومأجوج كانوا جنوبه، بينما ذهب آخرون إلى القول إن المنطقة المشار إليها تقع بين إيران وكازاخستان؛ حيث تتميز بوجود جبال شاهقة يمكن إخفاء السد.

ولكن ذهب آخرون، إلى أن السد موجود في بلاد الصين.

بينما رأى فريق ثالث، أن أهل البلاد التي وصلها ذو القرنين كانوا يتعرضون لعدوان جيرانهم على الحدود الشمالية (يأجوج ومأجوج) وهم سكان قارة آسيا وسكان قارة الخيل توصل المؤلف أن منطقة ما بين السدين هي مدينة جنج جو في مقاطعة (خنان) في وسط الصين، وما زال الردم موجودا فيها، فطلبوا منه بناء السد لإنقاذهم، وقد ساعدهم ذو القرنين وبنى سدا ارتفاعه يبلغ من ثمانية إلى تسعة أمتار، وأن عرض قاعدته كبير جدا؛ حيث تبلغ 36 مترا، ويتكون من هيكل ضخم له ضلعان، وبينهما زاوية ويبلغ طوله نحو سبعة كيلومترات.

ولكن ذهب آخرون إلى أن السد بين أرمينيا وأذربيجان، وجاء في تفسير التحرير والتنوير للعلامة الطاهر بن عاشور، وبناء على أن السدين بين أرمينيا وأذربيجان فإن موضع السد هو الشمال الغربي لصحراء قوبي الفاصلة بين الصين وبلاد المغول شمال الصين وجنوب مغوليا، وقد وجد السد هنالك ولم تزل آثاره إلى اليوم يشاهدها الجغرافيون والسائحون.

وقال الألوسي: ولعله قد حال بيننا وبين ذلك الموضع مياه عظيمة، فقد يكون مكان السد مغمورا بمياه البحار، وقد غمرت قرى كثيرة بالردم أو الحرق، واكتُشف بعضها ولا يزال البعض الآخر غير معروف بوجه دقيق حتى الآن كموقع إرم ذات العماد.
الجريدة الرسمية