ننشر نص كلمة وزير المالية أمام مؤتمر «تمويل من أجل التنمية».. «قدري»: مصر تطالب بتدعيم دور الدول النامية لإصلاح نظام التجارة العالمي.. والعالم النامي يتبع «سياسات شجاعة»
أكد هاني قدري دميان، وزير المالية، تقدير مصر لأثيوبيا حكومة وشعبًا، مشيدًا بكرم ضيافة أهل نهر النيل، ومهنئًا لهم على نجاحهم في تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لتمويل التنمية، الذي يعقد بأديس أبابا خلال الفترة 13 - 16 يوليو الجاري.
التحديات المشتركة
وأوضح «قدري» خلال إلقائه كلمة مصر أمام المؤتمر، أنه لا بد أن يتفهم المجتمع الدولي للتحديات المشتركة التي تواجه الدول النامية، خاصة فيما يتعلق بصعوبة سد الفجوات التمويلية وفجوات البنية التحتية ونقص الطاقة، بجانب فجوات التنمية الاجتماعية متمثلة في تدني ونقص مستويات أداء الخدمات الصحية والتعليمية ومظال الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية.
وأشار إلى أن هذه المشكلات تعوق تنفيذ الخطط التنموية الوطنية، وذلك بخلاف العوائق الأخرى على المستوى الدولي، التي تشمل تعزيز دور الدول النامية في آليات اتخاذ القرار داخل المؤسسات المالية الدولية، وإصلاح النظام التجاري متعدد الأطراف، والنفاذ إلى الأسواق العالمية، وتيسير نقل التكنولوجيا والمعرفة، والتوصل إلى نموذج متوازن لمراعاة وضمان حقوق الملكية الفكرية بما لا يعوق التنمية في الدول النامية والأقل نموا.
سياسات شجاعة
وأوضح وزير المالية، أن العديد من الدول النامية نفذت في السنوات الماضية، سياسات شجاعة لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، وإصلاحات هيكلية تسهم في تهيئة المناخ لدفع الاستثمارات ورفع معدلات النمو الاقتصادي والتشغيل، كما قامت كثير من هذه الدول باتباع سياسات مالية وضريبية تستهدف حشد الموارد المحلية وتنميتها كمصدر رئيسي لتمويل برامج التنمية لديها.
وأضاف أنه على الرغم من أهمية هذه الخطوات فهي وحدها غير كافية لإحداث التغيير والتحول المطلوبين، ويجب أن تساندها فرص تمويل خارجية إضافية وتدفقات لرءوس الأموال، ومبادرات دولية للتعاون الفني والتقني، واتفاقات تجارية منصفة، ومشاركة فعالة في اتخاذ القرارات المهمة على صعيد الاقتصاد العالمي، وذلك من أجل الإسراع في تحقيق أهداف التنمية الشاملة.
منعطف رئيسي للتنمية
وقال قدري: إن العام الجاري يمثل منعطفًا رئيسيًا في قضايا التنمية المستدامة؛ إذ يمثل مؤتمر تمويل التنمية الركن الأساسي لهذا الجهد الدولي من خلال التوصل إلى توافق يمكن من خلاله إرساء تفاهمات واتفاقات تحدد أجندة فاعلة للتنمية المستدامة لما بعد 2015، ولترسيخ قواعد جديدة في جهود مكافحة تغير المناخ.
وتابع «أن التهديدات التي نواجهها جميعًا تحتم علينا التحرك الجاد لتعزيز التعاون الدولي من أجل التنمية، ولتأمين مستقبل أجيالنا القادمة، وذلك من خلال تحقيق أهداف غير مسبوقة تشمل إنهاء الفقر، والقضاء على الجوع، وضمان الحقوق الأساسية للتنمية وعلى رأسها الحق في حياة صحية وفي مستوى تعليم وتدريب مناسب، وهي أهداف تمثل نقلة نوعية في الفكر الدولي من أجل تحقيق التنمية المستدامة».
الاتفاق على الأهداف
وأكد أنه بقدر التطلع للاتفاق على هذه الأهداف، فإن هناك قلقا من أن الأدوات المتاحة لتحقيقها لا ترقى لمستوى طموح شعوبنا ولا تتناسب مع حجم التحديات القائمة، وهو ما يؤكد أهمية مؤتمر التمويل من أجل التنمية الذي يهدف إلى التوصل إلى توافق مدعوم بإرادة سياسية حاسمة، وإيجاد الآليات المتنوعة لتدشين أسس سليمة لمرحلة تنموية جديدة.
وأوضح وزير المالية، أن التحديات المشتركة التي تواجه عالمنا تحتم التزامنا جميعا بالمسئولية المشتركة لمواجهتها، إلا أن حقيقة الاختلاف في القدرات، والموارد المالية، والتباين في الإمكانيات لدى الدول، يجعل من البديهي أن يترجم ذلك إلى تفاوت واضح في تحمل الأعباء وفي مستوى وحجم الالتزامات المطلوبة من الدول ذات القدرات المالية والفنية الكبيرة، وتلك التي لا تمتلكها؛ ذلك انطلاقا من المسئولية الأدبية والتاريخية والإنسانية التي تقع على عاتق من يمتلك الإمكانيات تجاه من لا يمتلكها.
على مسار التنمية
كما أشار إلى أنه على الرغم من الارتباط الوثيق بين مسار أجندة التنمية لما بعد ٢٠١٥، التي من المأمول اعتمادها في قمة عالمية تعقد أثناء الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من هذا العام، ومسار تمويل التنمية لاعتماد وثيقة دولية جديدة ترسم ملامح المرحلة التنموية المقبلة.
وأضاف أن مصر تحرص على أهمية الفصل بين المسارين وتمييز الفرق بينهما؛ حيث يعد مسار تمويل التنمية إطارا أشمل يتجاوز الأهداف التنموية المستدامة التي تتضمنها الأجندة، ويمتد نطاقه ليتضمن التنمية بمفهومها الشامل على كل المحاور، تُمارس من خلاله الدول حقها الكامل في التنمية، بناء على المكتسبات التي تحققت فيما سبق، في إطار توافق مونتيريه عام ٢٠٠٢، وإعلان الدوحة عام ٢٠٠٨.
وأكد قدري، أن الحقائق خلال السنوات الماضية، أثبتت أن الدول النامية قادرة على أن تصبح قوة دافعة لنمو الاقتصاد العالمي، تساهم في رفع معدلات التنمية والرخاء العالمي، وتستفيد منها الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.