لسنا خونة يا فخامة الرئيس
أتقدم إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، ببلاغ ضد من يتولى التحريض ضد نقابة الصحفيين ومحاولة تصويرها للبسطاء على أنها ضد قانون مكافحة الإرهاب، وبالتالي يصبح الصحفيون خائنين للوطن.
لقد تلقينا تهديدات عبر اتصالات بنقابة الصحفيين، على مدى يوم السبت الماضي، من عناصر مجهولة بأننا خونة ولن يتم تركنا، لمجرد أننا اعترضنا على بعض المواد التي تصادر حرية الصحافة والمجتمع بالقانون.
نشعر بالظلم عندما نتهم بالخيانة، ونحن أول من قاوم ويقاوم الاستبداد والإرهاب والفساد في الأنظمة والمجتمع.
نعم لقد تلقت نقابة الصحفيين كمًا من السباب والشتائم والاتهام بالخيانة؛ لأنها ترفض تكميم الأفواه، ترفض أن تصادر الحريات، وأن تتحول السلطة التنفيذية إلى ديكتاتور يفتش في النوايا عبر ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب، وهو القانون الذي كانت نقابة الصحفيين نفسها هي أول مؤسسة في مصر طالبت بسنه عقب اغتيال النائب العام.
تلقينا التهديدات والاتهام بالخيانة؛ لأننا وجدنا مواد دست بالقانون، تصب في اتجاه محاكمة الشعب وسجنه وتغريمه ومصادرة حرياته تحت زعم مكافحة الإرهاب.
إن نقابة الصحفيين ليست هي النقابة التي من الممكن أن تخون الوطن أو أن تدعم الإرهاب أو أن تتقاعس عن مواجهته، حتى ولو تحول بعض عناصرها إلى هتيفة لصالح كل من يجلس على كرسي الحكم، بل خدم مخلصين للكرسي بصرف النظر عمن يجلس عليه.
هل تناسى من يوجهون الاتهامات لنقابة الصحفيين، أننا نحن من قدمنا خلال ثورة 25 يناير وموجتها الثانية في 30 يونيو، 10 شهداء والعديد من الجرحى والمصابين بعاهات مستديمة في ميادين الحرب ضد الإرهاب؟
لقد كنا ومازلنا في خندق واحد مع الشعب والجيش والشرطة، في مواجهة الإرهاب والفساد، هل نسينا أحمد محمود والحسيني أبو ضيف وميادة أشرف وغيرهم ممن دفعوا دماءهم الغالية دفاعا عن حرية وحقوق الشعب؟
هل تناست تلك العناصر، أن نقابة الصحفيين هي التي واجهت الإخوان وتحول سلمها ومقرها إلى مركز لانطلاق ثورة 30 يونيو ضد حكم مرسي، عندما أراد أن يتحول إلى ديكتاتور، بينما من كانوا ينافقونه هم الآن قريبون من السلطة الحالية؟
إن بعض رجال أعمال مبارك الفاسدين، الذين يزعمون الآن أنهم رموز للوطنية من خلال قنواتهم الفضائية التي يمتلكونها، هم أنفسهم الذين كانوا يملأون الصحف بإعلانات التهاني للحكم الإخواني في 2012، عقب وصول محمد مرسي للسلطة، وهم أنفسهم الذين يحرضون ضدنا مع بعض العناصر من السلطة التنفيذية، ضد الصحفيين محاولين إسقاط النقابة والمهنة؛ انتقاما منها لأنها هي من أسست لثورة 25 يناير، وكشفت فسادهم وفساد نظام مبارك، ودافعت عن حقوق الشعب وحرياته.
هي النقابة الوحيدة التي احتضنت كل التيارات السياسية التي ناهضت ديكتاتورية وظلم مبارك وأسقطت نظامه، مثلما أسقطت ورقة التوت عن عورة الإخوان ،وكشفت فاشيتهم ونازيتهم، ولكن رجال الأعمال الفاسدين للأسف يقفون في الصف الأول الآن مع النظام، وكأنهم وطنيون، وهم من امتصوا دماء الوطن على مدى 30 سنة، وعقب زواج رأس المال بالسلطة، وهم من كانوا وراء سقوط 60% من الشعب المصري تحت خط الفقر، وهم من تسببوا في موت الملايين بالمبيدات المتسرطنة، وانتشار الفشلين الكبدي والكلوي في ربوع الجمهورية.
هم من استوردوا الأغذية الفاسدة ومخلفات المجازر الأوربية من لحوم الخنازير وغيرها، ليُصنع منها أطعمة تسببت في انتشار السرطان، ووصول المصابين بالمرض اللعين في مصر إلى 150 ألف مريض جديد سنويا، تنتهي حياة معظمهم قبل أن يجدوا سريرا في مستشفى، وغيرهم الآلاف يوميًا يفترشون أرصفة القاهرة، يبحثون عن جرعة دواء ومئات الآلاف ممن يسكنون المقابر وعشرات الآلاف من الأطفال، يتحولون إلى مشاريع مجرمين باعتبارهم أطفال شوارع.
لقد ناهضت الصحافة المصرية كل هذا الطغيان، على مدى سنوات طويلة، ويخطئ من يظن أن الصحافة من الممكن أن ترضخ لمحاولة تكميم الأفواه، بمواد وضعت في قانون ليس لمحاربة الإرهاب بل لدعمه.
لن نصمت خوفا من عمليات التحريض التي تتم من بعض أركان السلطة التنفيذية ضد نقابة الصحفيين، ونحمل الرئاسة المسئولية كاملة في حالة تعرض النقابة أو أي من أعضاء جمعيتها العمومية، لتنفيذ التهديدات التي تتلقاها النقابة هاتفيا.
فنحن الأكثر دفاعًا عن الوطن وعن حقوقه، ولن نسمح لأحد بأن يصادر حريات المجتمع التي هي من صميم حرياتنا.