مشكلة الرئيس السيسي !!
المشكلة الكبرى التي يواجهها الرئيس السيسي، أنه يمضي بكل قوة لتنفيذ مشروعه للنهوض بهذا البلد، دون ظهير سياسي أو إعلامي واع، فالقوى السياسية المفترض أنها مؤيدة وداعمة، أشبه بأنقاض بناية تهدمت بشكل شبه كلي، فعندما تنظر حولك وتسأل أين تحالف الثلاثين من يونيو، فإنك لا تجد أي تواجد فعال لهذا التحالف، وللأمانة فإنه وفي بعض الأحيان تجد حضورا محدودا لأفراد قليلين ممن ينتسبون لهذا التحالف، لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين، ولكنه حضور بلا أية فعالية، فعندما تطالع التصريحات التي تصدر عنهم أو تطالع مواقفهم حيال أية تطورات، فإنك تلاحظ أنهم مترددون مهتزون، كالتلميذ، الذي لا زال يخطو أولى خطواته لتعلم القراءة والكتابة، يكتب على سطر ويترك سطرا!
اللافت أنه ومع غياب العدد الأكبر من الرموز الحقيقية الفعالة في الثلاثين من يونيو، تلاحظ أن الساحة السياسية مملوءة بضجيج أناس يحسبون أنفسهم على ثورة الثلاثين من يونيو، رغم أنهم أبعد الناس عن هذه الثورة وأهدافها، تسللوا إلى داخل تحالف تلك الثورة رافعين لافتاتها متمسكين بأهدافها، على الرغم من أنهم منتمون فكرا وعملا لدولة ما قبل يناير ٢٠١١، فغالبيتهم كان فعالا في زمن مبارك، العصر لا الشخص، وعادوا للحياة مرة أخرى بعد أن توارى أغلبهم تماما في الفترة ما بين ثورتي يناير ويونيو، وسعى بعضهم بخطى حثيثة للتداخل مع السلطة التي خلفت مبارك، سواء خلال فترة حكم المجلس العسكري أو خلال فترة حكم الإخوان، وفشلت مساعيهم لسبب أو لآخر!
وقد يقول قائل.. ألا يعلم الرئيس بتداخلات هذه الأزمة المحيطة بتحالف الثلاثين من يونيو، والتي تنذر بأن التحالف قد بدأ في التصدع وربما يتطور الأمر إلى انهيار هذا الظهير السياسي، والمفترض أن يكون داعما ومساندا للرئيس في مهمته لانتشال البلاد من عثرتها، وهي المهمة التي يعلم القاصي والداني أنها مهمة ليست محدودة المدة، وأنها مهمة لن يتحقق لها النجاح الكامل بنواياه المخلصة وجهوده الجبارة فقط، وربما تجد من يرد على هذا الطرح بالتأكيد على أن الرئيس يدرك كل ما يجري وعلي اطلاع بكافة الخلفيات، ولكنه حريص على أن ينأى بنفسه بوصفه رئيس لكل المصريين عن مساندة تيار سياسي دون آخر.
وربما تجد رأيا ثالث يطالب الرئيس أن يتخلص من عقدة العلاقة السيئة، بين السلطة الحاكمة والتنظيم السياسي المؤيد، والموروثة منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢، والحقيقة أن الرئيس بين كل هذه الآراء وغيرها في مأزق حقيقي، يحتاج منه البحث عن حل غير تقليدي لترميم الحياة السياسية، خصوصا وأن معركة مواجهة الإرهاب، والتي مهما تعاظمت الجهود الأمنية تجاههها، فإنها لن تحسم وبنجاح إلا بإسهامات حقيقية من كافة كيانات المجتمع وفي مقدمتها القوى السياسية.
أما القوى الإعلامية التي تبدو مساندة لمشروع السيسي، فهي تضم أناسا يعتبرون أنفسهم هم صناع ثورتي يناير ويونيو، ليس هذا فحسب، بل إنهم، وعلي غير الحقيقة، يعتبرون أنفسهم أهم خبراء مصر في السياسة والاقتصاد والقانون، ويفتون في كل شيء، والحقيقة أنهم، لسبب أو لآخر، جنحوا إلى الاستسهال والجلوس داخل الأستديوهات أمام الكاميرات للإفتاء في كل شيء وأي شيء، بدون علم في أغلب ما يطرحونه من موضوعات، وتعمدوا ممارسة كل المهن والادعاء بإتقان كل الخبرات، إلا مهنة الإعلام وواجباتها ومهامها، هذا بالإضافة إلى أن غالبيتهم يدينون بالولاء لملاك وسائل الإعلام التي يعملون بها، والتي وبلا أدنى شك تتقاطع مصالحهم مع مصالح الدولة وشعبها.
من جانب آخر نلاحظ أن الإعلام الحكومي المملوك للدولة بمشكلاته المهنية والاقتصادية المتراكمة منذ سنوات طويلة، تحول إلى عبء ثقيل جدا ألقي على عاتق الرئيس السيسي، ما يزيد من حجم المشكلة التي يعانيها الرجل في النهوض بمصر.