رئيس التحرير
عصام كامل

قبائل سيناء بين مطرقة الحرب على الإرهاب ومساندة «داعش».. أهالي رفح والشيخ زويد يعيشون أوضاعًا مأساوية.. التهميش والفقر وحظر التجوال يحولهم إلى «قنبلة موقوتة».. وغياب رؤية التنمية &

فيتو

تستمر العمليات العسكرية في شمال سيناء رغم الإجراءات الأمنية التي فرضتها الدولة، ولا يعاني الأهالي فقط من حالة الطوارئ وحظر التجوال والنقص في المواد الأساسية، بل أيضًا من خطر الاتهام بالتعاون مع التنظيم الإرهابي هناك.

نفذ نحو 300 من أعضاء تنظيم "ولاية سيناء" هجمات متزامنة على عدة أماكن في مدينة الشيخ زويد، لقي خلالها 17 جنديا و100 من المتشددين مصرعهم، وفقا للبيانات الرسمية.

وكان التنظيم الذي ينشط في سيناء أعلن مبايعته لداعش في نوفمبر الماضي، ووصف بعض المراقبين تلك العمليات بأنها أعنف المعارك التي خاضها الجيش مع تنظيمات إرهابية على الإطلاق.

وزار الرئيس السيسي، سيناء مرتديًا الزي العسكري للمرة الأولى منذ تركه لمنصب وزير الدفاع منذ أكثر من عام في إشارة إلى أن سيناء هي منطقة حرب.

إجراءات أمنية مشددة
في العامين الماضيين كانت أغلب العمليات تقع في الأطراف الجنوبية لمدينة الشيخ زويد، غير العمليات التي انتشرت لتصل "لعمق الشيخ زويد"، بحسب الصحفي والناشط السيناوي مصطفى سنجر، الذي يعيش في مدينة الشيخ زويد وهي أكثر مناطق شمال سيناء التهابا، ويسكنها 57 ألف نسمة وتحتوي على مدينة و14 قرية.

ويوضح سنجر في حديثه لـDW" تصور أن الـ14 قرية تضررت مباشرة من هذه الحرب، ويتمثل ذلك في انعدام مصادر المياه وانقطاع الكهرباء والاتصالات معظم الوقت".

ويرى اللواء محمد مطر مدير أمن شمال سيناء الأسبق أن سبب استمرار العمليات الإرهابية رغم الإجراءات الأمنية المشددة هو وجود "مؤامرة دولية تشارك فيها قطر وتركيا والتنظيم الدولي للإخوان وحماس"، وأضاف في حديث مع DW أن "البحث عن الجهاديين وسط الجبال والصحراء يأخذ وقتا طويلا"، وهو التحليل الذي يتبناه العديد من وسائل الإعلام المصري.

ورغم تدمير الأنفاق وإقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة فإن اللواء مطر يشير إلى إمكانية أن يقوم مسلحون بحفر أنفاق أخرى لاستخدامها في نقل السلاح.

ويعتبر الدكتور هشام بشير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن سقوط ضحايا من أهل سيناء لا علاقة لهم بالأحداث، جعل المعركة تتحول من حرب مع أفراد إلى حرب أيديولوجية، وهو ما يجعل القضاء على العمليات الإرهابية "مسألة صعبة جدًا".

ويرى الدكتور بشير أن العمليات الإرهابية "قد تستمر لفترة ولكن بوتيرة أضعف وبشكل متقطع".

الأهالي بين نارين
و نشر تنظيم "ولاية سيناء" عدة فيديوهات ظهرت فيها عمليات قتل العديد من أهالي سيناء بتهمة التعاون مع الجيش أو الموساد الإسرائيلي ونقل معلومات عن التنظيم، وفي نفس الوقت هناك مخاوف من اتهام جهات أمنية المواطنين بالتعاون مع الإرهابين، وهو ما يجعل كثيرًا من أهالي سيناء في موقف الطرف الأضعف في المعادلة.

ودفع تعدى تنظيم "ولاية سيناء" على مصالح بعض الأهالي خاصة الاقتصادية مهنا، بعض العائلات التي تنتمي إلى قبيلة الترابين - إحدى أكبر القبائل السيناوية- إلى الحشد ضد المسلحين، لكن في واقع الأمر فالعديد من الموقعين على بيان التعهد بمحاربة الجهاديين يعيشون في القاهرة، وليس في سيناء، وهو ما يؤثر فى مصداقية تلك التحركات.

وكانت بعض عناصر هذه القبيلة أعلنت عن اجتماع عقدته مع عدد من كبار بعض القبائل السيناوية أوائل مايو الماضي بتأمين من الحكومة، لكن الصحفي والناشط السيناوي مصطفى سنجر يؤكد في هذا السياق أن تلك التحركات غير قائمة على أرض الواقع وهي تحركات إعلامية ويعلن عنها عبر صفحات موقع "فيس بوك".

التهميش
ويقلل الدكتور هشام بشير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، من نتائج ذلك الاجتماع ومن مطالب السلطات للأهالي في سيناء بعدم التعاون مع المسلحين ويقول: "كثير منهم لن يستجيبوا بسبب ظروف اقتصادية واجتماعية، لم تستطع الحكومة معالجتها. فالتهميش الذي يعانون منه منذ أكثر من 30 عامًا ما زال مستمرًا"، مشيرًا إلى أن الإسلاميين قدموا لهؤلاء خدمات مباشرة ومواد غذائية ورعاية صحية.

وكان ما يسمى تنظيم "ولاية سيناء" نشر صورًا لبعض عناصره الملثمين وهم يوزعون بعض الأموال على الفقراء.

أوضاع مأساوية
من يعمل بمدينة العريش (عاصمة المحافظة) ويريد التوجه إلى مدينة الشيخ زويد فيلزمه مرور 8 نقاط تفتيش للجيش على مسافة 35 كيلومترًا، ومن يسكن في رفح يلزمه المرور عبر 23 نقطة تفتيش، بعضها غير مسموح بالمرور منها، فيجب البحث عن طريق آخر.

"قد تدوم مدة التفتيش 5 دقائق وقد تكون لساعات طويلة حتى الليل أوساعات حظر التجوال التي لا يسمح فيها بالتحرك إطلاقا ما بين القرى" كما يقول الصحفي مصطى سنجر، "ولو حدثت إصابة أو مرض مفاجئ يتعذر نقل المصاب أو المريض لأن الإسعاف لا يأتي إلى مدينة الشيخ زويد إلا عن طريق التنسيق مع الجيش.

الخاسر الأكبر هم الأهالي ولا يزالون يدفعون الثمن.

الإعلام وسيناء
بعد الحادث المروع أعلن الرئيس السيسي عن تطبيق حالة الطوارئ وعزل المنطقة الحدودية وتهجير بعض أهالي منطقة رفح، وتوسيع المنطقة العازلة إلى نحو 8 كيلومترات، وفي المقابل، شن مساعد رئيس جهاز تنمية سيناء الأسبق أحمد صقر هجومًا حادًا على الإعلام قائلا "أهالي سيناء هم خط دفاع الأمن القومي الأول ولا يزالون يعانون بل يرون في الإعلام من يطالب بتهجيرهم أو حرقهم، مشيرًا إلى أنه لن يقضي على الإرهاب بالجيش وحده ولكن بعلاج جذور المرض وليس بالمسكنات ووعود كاذبة.

غياب رؤية التنمية
وعمل صقر كمساعد لرئيس جهاز تنمية سيناء لمدة عام ويعمل حاليًا عضوًا في المكتب الفني لوزير التخطيط والتعاون الدولي، ويعزو صقر عدم تنفيذ الوعود الخاصة بتنمية سيناء إلى غياب الإرادة السياسية، بالرغم من الموارد الطبيعية والجغرافيا المميزة والموارد البشرية في المنطقة، ويضيف صقر قائلا: "ليست هناك رؤية لتنمية سيناء من الأساس"، كما يتساءل عن مصير الـ10 مليارات التي وعدت بها الحكومة لتنفيذ التنمية، "أين مشروع مطار رأس سدر... وماذا فعلت الدولة لمكافحة الإرهاب؟

ويؤكد صقر أن التأخير في التنمية واستمرار تهميش سيناء بدعوى محاربة الإرهاب يزيد من الاحتقان المجتمعي، بل يؤدي "لتفريخ إرهابيين جدد" ويستخلص قائلًا: "لو وضعت سكان أرقى منطقة في مصر تحت حظر التجوال وبدون ضروريات الحياة الأساسية.. فسيكونون بمثابة قنبلة موقوتة ويسخطون على الدولة وقد يقومون بعمليات إرهابية".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية