رئيس التحرير
عصام كامل

بالمستندات.. حكم «التأديبية العليا» في أكبر قضية فساد بـ«القومية للبريد».. رئيس وأعضاء مجلس الإدارة استولوا على 5.2 ملايين جنيه مكافآت.. أخفوا خسائر بالملايين.. وخفضوا قيمة الأرباح

المحكمة التأديبية
المحكمة التأديبية العليا

أصدرت المحكمة التأديبية العليا حكمها في أكبر قضية فساد مالي وإداري بالهيئة القومية للبريد، وكشف الحكم تلاعب سبعة من قيادات الهيئة في إثبات الأرباح الفعلية لعملاء التوفير والادخار، للتغطية على خسائر الهيئة، وإظهار الحساب الختامي محققا فائضا قدره ٥٩ مليون جنيه بالمخالفة للحقيقة، الأمر الذي ترتب عليه صرف مكافآت لرئيس وأعضاء مجلس إدارة البريد السابقين، بلغت جملتها ٥.٢ ملايين جنيه بدون وجه حق.


قائمة المتهمين
وتضم قائمة المتهمين كلا من: محمود محمد السعيد، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة البريد سابقا وحاليا مستشار وزير النقل، ومحمد السيد أحمد، رئيس قطاع الشئون المالية بالهيئة سابقا وحاليا مستشار وزير النقل، ومختار أحمد طه، رئيس قطاع التوفير والادخار، وأحمد عبد الكريم محمد، رئيس قطاع الشئون المالية، وأحمد محمد عبد المحسن، مدير الإدارة العامة للموازنات بقطاع التوفير، وفايق سعيد أمين، مدير إدارة موازنات اللامركزية بحرى بقطاع التوفير سابقا وحاليا بالمعاش.

أكد عمرو إسماعيل، عضو الرقابة الإدارية، في التحقيقات التي باشرها المستشار محمد إسماعيل نافع، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، تلاعب المتهمين في الحسابات التقديرية لأرباح عملاء التوفير الثابتة بميزانية الهيئة عن طريق تقليل قيمة الأرباح بنحو ٤١٥ مليون جنيه، لإظهار فائض للميزانية قدره ٥٩ مليون جنيه، وللتغطية على خسائر الهيئة في استثمارها خارج بنك الاستثمار القومي.

وأشار إلى قيامهم بإصدار تعليمات شفهية للعاملين بقطاع التوفير بعدم إثبات قيمة الأرباح الفعلية والحقيقية لعملاء التوفير، والبالغ قدرها نحو ٥ مليارات و٤١٥ جنيها، وإثباتها في الحساب الختامي لقطاع التوفير وميزانية العام المالي ٢٠٠٨ - ٢٠٠٩ بنحو ٥ مليارات جنيه، بفارق نحو ٤١٥ مليون جنيه.

وأكد قيام المهندس علاء فهمي، وزير النقل الأسبق، خلال عمله رئيسا لهيئة البريد، بالتعاقد مع كل من المتهمين الأول والثانى والرابع، وتعيينهم في وظائف قيادية بالهيئة، وترقية المتهم الثالث إلى رئيس قطاع التوفير عام ٢٠٠٩ قبل إعداد الميزانية مباشرة رغم عدم حصوله على درجة مدير عام حتى الآن!

التحقيقات
عضو الرقابة الإدارية أشار في التحقيقات، إلى أن المتهمين ارتكبوا المخالفات والجرائم المالية لتزامن إعداد الميزانية مع ترشيح علاء فهمى رئيس الهيئة لمنصب وزير النقل في ذلك الحين، خاصة أن إظهار الميزانية محققة خسائر من شأنه التأثير على ذلك الترشيح، ما دفع المتهمين إلى التلاعب في الميزانية للتغطية على الخسائر.

وقال هاني إسحاق وحسين حلمي، المفتشين بالجهاز المركزي للمحاسبات: "إن علاء فهمى - رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد- حينذاك، عرض مذكرة على وزير الاتصالات بطلب صرف مكافأة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة، استنادا إلى أن هيئة البريد حققت فائضا قدره ٥٩ مليون جنيه عن عام ٢٠٠٨ - ٢٠٠٩، رغم أنها في حقيقة الأمر حققت خسائر وليس أرباحا، وفشلت في إدارة الاستثمارات".

وأضاف أنه تم صرف مكافأة لهم بإجمالي ٥٫٢ ملايين جنيه على أساس فائض ميزانية ٢٠٠٧ - ٢٠٠٨ وليس فائض ميزانية ٢٠٠٨ - ٢٠٠٩ غير الصحيح، وأن النسبة الواجب صرفها هي 1.8 مليون جنيه وليس ٥.٢ ملايين جنيه.

النيابة الإدارية
المتهمون من الأول حتى الخامس اعترفوا أمام النيابة الإدارية، باتفاقهم في غضون نهاية يوليو ٢٠١٠ بعدم إثبات الأرباح الفعلية بالحساب الختامي بقيمتها الحقيقية، وخفضها، وإرجاء إثبات الفرق للعام المالي التالي، وإصدار تعليمات شفهية لمرءوسيهم بذلك.

وأقر باقي المتهمين بتنفيذ هذه التعليمات عن طريق محو البيانات والأرقام المدونة بالاستمارة ١٦ وكشوف المقارنة والملخصات، باستخدام المزيل الأبيض لتعديل وتغيير بيان الأرباح الفعلية، من ٥ مليارات و٤٧٥ مليون جنيه إلى مبلغ ٥ مليارات و٤٧ مليونا.

وأشار إلى أنه ترتب على ذلك إظهار ميزانية وحساب ختامي الهيئة محققا فائضا قدره ٥٩ مليون جنيه عام ٢٠٠٨ - ٢٠٠٩، ومبلغ ٢٤ مليون جنيه عن عام ٢٠٠٩ - ٢٠١٠، بالمخالفة للحقيقة والواقع، بهدف التغطية على خسائر الهيئة في الاستثمارات، البالغ قدرها ٤٥٩ مليون جنيه؛ لتسهيل صرف مكافآت لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة بلغت ٥.٢ ملايين جنيه دون وجه حق.

وأكدت النيابة الإدارية، أن التحقيقات كشفت عن اتباع الهيئة القومية للبريد نظام العمل اليدوي بقطاع التوفير والادخار، وما يترتب عليه من أخطاء وتأخير شديد في ورود ومراجعة البيانات والحسابات.

كما كشفت التحقيقات عن إسراف الهيئة في الاستعانة بأشخاص من خارجها لتولي المناصب القيادية رغم جهلهم بنظام العمل بالهيئة، وحجب هذه المناصب ظلمًا عن أبناء الهيئة، ودون اتباع القواعد المقررة بالقانون رقم ٥ لسنة ١٩٩١ بشأن المناصب القيادية.

وأمرت النيابة الإدارية بسرعة ميكنة نظام العمل بالمكاتب والمناطق البريدية، وإدراج الفوائد الفعلية بالميزانية، وإلغاء نظام الفواـئد التقديرية، وحظر شغل المناصب القيادية بالهيئة بطريقة التعاقد من خارج الهيئة نهائيا أو بطريقة التكليف بالأعمال، وشغل هذه الوظائف وفقا للقانون رقم ٥ بشأن المناصب القيادية.

وانتهت تحقيقات النيابة الإدارية، إلى إحالة المتهمين السبعة للمحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة التي أكدت صحة الاتهامات.

أسباب الحكم
وقالت المحكمة في أسباب حكمها المخالفة المنسوبة للمحالين جميعًا، تتضمّن أن المتهمين أثبتوا الأرباح الفعلية لعملاء التوفير والادخار بالحساب الختامي لصندوق التوفير والادخار لعام 2008/2009 بأقل من قيمتها الحقيقية بمبلغ (428 مليون جنيه)، والثانى أنهم تقاعسوا عن تسوية المبلغ المشار إليه كمصروفات سنوات سابقة بميزانية العام المالى التالى للتغطية على خسائر الهيئة في الاستثمارات.

وأضافت أن الاتهامات تتضمن إظهار الختامى محققًا فائض قدره (59 مليون جنيه) بالمخالفة للحقيقة والواقع، وبما ترتّب عليه صرف مكافأة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة بلغت (5.2 ملايين جنيه) دون وجه حق، وأن هذه المخالفة ثبتت في حق جميع المتهمين وفقًا لما جاء بتقارير الجهات الرقابية - ممثلةً في تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وتقرير وزارة المالية وتقرير هيئة الرقابة الإدارية - وشهادة ممثلى تلك الجهات أمام النيابة الإدارية، الأمر الذي تنتهى معه المحكمة إلى إدانتهم جميعًا عمّا تقدّم ومجازاتهم عنه بالجزاءات المناسبة.

وقضت المحكمة بانقضاء الدعوى التأديبية قبل المحال الخامس أحمد محمد عبدالمحسن محمد لوفاته إلى رحمة الله تعالى، وبمجازاة المحالين الأول محمود محمد السعيد السيد جمال الدين، والثانى محمد السيد أحمد محمد نصار، والرابع أحمد عبدالكريم محمد سليمان، والسادس فايق سعيد أمين أندرواس، بغرامة تعادل خمسة أمثال الأجر الأساسى الذي كان يتقاضاه كل منهم في الشهر عند انتهاء خدمته.

وبمجازاة المحالين الثالث مختار أحمد طه على سرية، والسابع مجدى حافظ على حسن بخفض وظيفة كل منهما إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية.

وصدر الحكم برئاسة المستشار فوزي شلبي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين عبد الحميد جمال ومحمد حسنين وأحمد عرب ووائل عبد الواحد والدكتور منير الصغير نواب رئيس المجلس، وحضور المستشار سامح الطيب رئيس النيابة الإدارية، وأمانة سر عبد الوهاب أحمد القاضي.
الجريدة الرسمية