سياسيون من كوكب آخر
صدمتني تصريحات حمدين صباحي الأخيرة، التي هاجم فيها أحكام الإعدام التي صدرت ضد قادة الجماعة الإرهابية، وظهر لي أن حمدين كأنه يعيش في كوكب آخر غير كوكب الأرض الذي نعيش فيه، وحين ينفصل السياسي عن واقعه يقع، وحين يغيب عن الحادث في مجتمعه ينتهي، وقد ضربت كفًا بكف من حمدين وزمرة تشايعه وتتبنى أفكاره، وتأكد لي أنه بالرغم من الشر الكامن في نفوس الإخوان، الذي ظهر علنا بجرائمهم الإرهابية إلا أن البعض ما زال يحسن الظن بهم، إما جهلا أو غفلة.
ومن تصاريف القدر، أن معظم من يحسنون الظن بالإخوان جهلا وغفلة هم من أصحاب الشهادات العليا وخاصة التخصصات العلمية، وبعضهم كان يُعد في يوم من الأيام سياسيا كبيرا ومعارضا فذا، وهو أمر يثير العجب، فلرب جاهل يجهل لأنه حُرم من العلم، ولرب غافل يغفل لأن المعرفة حجبت عنه، أما وأن يكون الجاهل الغافل قد تيسرت له وسائل العلم وطرق المعرفة ومع ذلك لم يسلكها وظل على جهله وغفلته، فذلك لا يكون إلا من تلبيس إبليس.
نعم فإبليس يدخل للإنسان من باب النوايا الطيبة، فيهيئ لهذا الإنسان أنه يسير في طريق الخير، وهو في الحقيقة يصنع للشر طريقا، وحده المصري البسيط الأصيل أدرك أن جماعة الإخوان جماعة شيطانية بعد مرور ساعات من حكمهم لمصر، لكن من استمرأ الغفلة من السياسيين والمعارضين عاشوا مع أهل الإسلام المزيف، غاب عنه أن الإخوان هم أهل الإسلام المزيف الذين لا يعرفون طريقا للإسلام الحقيقي، بل يعتبرون أن أهل مصر كلهم هم من أهل الجاهلية.
فجماعة الإخوان صاحبة الإسلام المزيف ترى - وفقا لمناهجهم - أن الوطن المصري هو وطن جاهلي لا يعرف الإسلام بل يعاديه، فعلى رسائل البنا وكتب سيد قطب نشأ الإخوان وتربوا، حسن البنا وضع البذرة الأولى للإرهاب حين جعل السيفين شعارا له، السيف الأول وضعه لكي يتم توجيهه داخل البلاد ضد الذين يقفون في موقف المعارضة أو الخصومة مع الإخوان، والسيف الثاني من أجل أن يحقق فكرته القائمة على غزو العالم، ثم كان أن استخدم كلمة "وأعدوا" من الآية القرآنية "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"، لم يستخدم كلمة مشتقة من الحكمة أو الدعوة أو الرحمة، ورغم أن ما سلف أصبح معروفا للكافة معرفة اليقين، إلا أن بعضنا لا يدرك أننا في معركة، فإذا به يقف مع العدو الذي يستهدف البلاد.