رئيس التحرير
عصام كامل

«العدالة الثقافية» حلم أدباء الصعيد.. حرموا من الجوائز والنشر والشهرة.. ترضيتهم بالفعاليات الفنية.. «العبودي»: الدولة تفرض سياسة التجويع الفكري.. «عتريس»: قصور الثقافة مح

الدكتور عبد الواحد
الدكتور عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة

تنمية الصعيد لفظة تناقلها المسئولون منذ عقود طويلة مضت - لم تنتج سوي بضع مصانع صغير متناثرة- ولم يدرك المسئولون أن المأكل والمشرب والملبس ليست هي المحاور الرئيسية التي ينتظرها أبناء الجنوب، فحالة البيات الفكري التي فُرضت عليهم كانت أشد قسوة من غياب المقومات الأساسية للحياة.


أدب المدارس
فما معني أن تتلخص معرفة غالبية أبناء الصعيد بالأدب في بعض أبيات من الشعر ونصوص من روايات فرض عليهم حفظها لجمع درجات توضع في خانة اللغة العربية بشهادة نهاية العام الدراسي، حتى قصور الثقافة المنتشرة في محافظات الصعيد لا يعرف غالبية سكان هذه المنطقة عملها الحقيقي.

صيف ولادنا
مؤخرا خرج علينا الدكتور عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة، ليعلن عن مبادرة «صيف ولادنا»، تجوب محافظات الصعيد إعمالا بمبدأ العدالة الثقافية، وكأن العدالة سوف تتحقق من خلال مجموعة من العروض الفنية التي تقدمها الفرق المشاركة في المبادرة.

غياب العدالة
أدباء الصعيد يعانون من غياب العدالة في توزيع جوائز الدولة- إلا من رحم ربي – كما أن النشر الإقليمي في أسوأ حالته لذا يهرب منه المثقفون ويلجئون إلى دور النشر الخاصة، مع غياب منافذ التوزيع الخاصة بإصدارات هيئة الكتاب وقصور الثقافة، المواطن الصعيدي يفتقد إلى أنشطة حقيقية تصل إليه أينما وجد، وإن كان يريد المشاركة عليه بالطبع الذهاب إلى العاصمة «القاهرة»، حتى أن مبدعي الصعيد يشعرون بحالة حصار، بالكاد يستطيعون الخروج من عنق الزجاجة.

بضعة مصانع
تعليقا على ذلك أكد الروائي أدهم العبودي، أن الصعيد آخر علاقته بالتنمية كانت مع إنشاء بضعة مصانع متناثرة في عهد جمال عبد الناصر، ثم لا شيء آخر، لا إعلام ولا تنمية حقيقية ولا التفاتة حتى لهذا المجتمع الذي يمثل عصب بلادنا الفعلي «مجتمع الصعيد».

التجويع الفكري
وأوضح أن الحكومة تراءى لها أن خير حل لاستقامة الأمور هو فرض التجويع الفكري والمعنوي على هؤلاء، بمعنى أن الحكومات المتواترة -ومنذ نهاية عصر عبد الناصر- قصدت تنحية الصعيد برمته جانبًا لخلق توازنا ملفقا في هيكل البلاد، وأظننا نذكر حوادث كارثية كحادثة الكِشح بسوهاج والعديسات بالأقصر وقمولا وقنا وغيرها، وكلها كوارث إن دلت فإنما تدل على أن الحكومة حتمًا راضية بل وممعنة في رضائها لدرجة الاستهتار.

الاكتفاء بالعاصمة
وتابع: أنه تم تقسيم مصر لمجتمعين متوازيين لكنهما غير متساويين، لا في القيمة، ولا في ضخ التنمية، وهما مجتمع العاصمة -بنواحيها والمدن المجاورة- ومجتمع الصعيد بدءًا من بني سويف ونهاية بحلايب وشلاتين، إذن المشكلة لم تكن يومًا آنية، المشكلة قديمة ضاربة في القِدم، والصعيد ظل يعاني أزمنة من التهميش، وغياب الإعلام، وغياب التثقيف، والاكتفاء بكل ذلك في العاصمة.

انتشار الهمجية
وتساءل ما قيمة تواجد وزارة كالسياحة والآثار، في العاصمة وكل الآثار ونسبة 90% من السياحة في جنوب مصر، هو تهميش عمدي بالأساس، أفضى بنا لحالة الفوضى غير العادية التي انتابت الصعيد واستشرت بين ربوعه حد الشغب والعشوائية والهرجلة، فاختلطت الزمام وأمست المسلمات -التي صاغها الكيان المؤسسي عن الصعيد- في غير محلها، وانتشرت الهمجية لأبعد مما يتخيل أحد، وأخذ الصعيد يلج في أزمة غير مسبوقة، وأقرت الحكومة أنها لم تعد تستطيع السيطرة على الصعيد.

فوبيا الاضطهاد
فيما قال الشاعر أشرف عتريس، إنه بعيدا عن فوبيا الاضطهاد والإحساس الدائم بالظلم للحركة الثقافية في الصعيد، لابد أن نعترف أنه على مدى مراحل زمنية مختلفة كان ولم يزل الصعيد (منسيا) في خريطة التحقق والنشر والانتشار وتسليط الأضواء على رواد الإبداع في الصعيد، وهى قصدية لم يفلت منها غير أسماء بعينها تحققت بالفعل وفرضت نفسها على الساحة الأدبية في العاصمة.

مركزية العاصمة

وأوضح أن فكرة الأقاليم الثقافية في الثقافة الجماهيرية ثم النشر الإقليمى في كل محافظة ومنها 11 محافظة في الصعيد، ما هي إلا محاولات فاشلة لكسر مركزية العاصمة، ولا ننسى القنوات التليفزيونية التي لم تحقق غرضها، وتعانى أيضا النسخ والتقليد الرديء.

العنصرية واضحة
وتابع: لتجاوز وتخطى هذه (الأزمات) المزمنة يجب مراجعة فكرة التقسيم الجغرافى وتمييز بلاد الشمال في الدلتا عن الصعيد ثم العنصرية الواضحة بين العاصمة الأولى والثانية وأدباء الوطن الواحد فيكون الفيصل الوحيد والمعيار الأوحد هو الإبداع وقيمته لتتحق العدالة الثقافية إن جازت لنا التسمية.
الجريدة الرسمية