مواقف سعود الفيصل تجاه مصر من السادات إلى السيسي.. رفض عزل القاهرة في قمة بغداد عام 1975.. ساند المجلس العسكري عقب تنحي مبارك.. حذر من حكم الإخوان.. وقاد الدبلوماسية العربية لدعم ثورة 30 يونيو
سعود الفيصل السياسي السعودي المخضرم أقدم وزير للخارجية في العالم، حيث تولى حقيبة الخارجية السعودية منذ عام 1975، وقادها منذ ذلك الوقت حتى الأربعاء 29 أبريل الماضي، أي أنه قاد السياسة الخارجية السعودية منذ 40 عامًا، ويعتبر وزير خارجية لمصر، فقد تبنى مواقف عديدة لدعم مصر منذ تولي حقيبة الخارجية السعودية وحتى إعفائه من منصبه.
1- السادات والفيصل.. قمة بغداد
كانت أولى الأزمات التي واجهها الأمير سعود الفيصل، في 1975، مع الرئيس محمد أنور السادات، عقب اتخاذه خطوات للسلام مع دولة الاحتلال، ثم إعلانه زيارته إلى إسرائيل، مما أدى إلى حملة مقاطعة من قبل الدول العربية، ونقل مقر الجامعة العربية من مصر في قمة بغداد 1979.
وقال سعود الفيصل: «نحن نحتجُّ على الرئيس أنور السادات ولا نقاطع مصر؛ فمنها يأتي المعلمون والأطباء والمهندسون والعمّال ليشاركونا في عملية البناء والإنماء».
ومن أقوال سعود الفيصل عن مصر: "العالم العربي بلا مصر يعنى سفينة بدون قبطان، ومصر هي التي تقود السفينة العربية".
دفاع مبارك عن الكويت
كانت هناك علاقة قوية تجمع بين الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وسعود الفيصل، وهو ما كان واضحا في لقاءاتهم المستمرة وتبادل الآراء حول أهم القضايا والأزمات في المنطقة، خاصة أزمة غزو العراق للكويت، وعقب ثورة 25 يناير كان سعود الفيصل دائما مهتما بمصير الرئيس الأسبق حسني مبارك.
فقد كان المجلس العسكري إبان ثورة 25 يناير أحد أهم محاور البرقيات والوثائق التي تداولتها السفارات السعودية في الخارج مع وزارة الخارجية السعودية، حيث أشارت إحدى البرقيات إلى أن مسئولًا سعوديًا أكد أن «المجلس العسكري يقدم الرعاية الكاملة للرئيس السابق حسنى مبارك في المستشفى، وأن ذلك يثير سخط الرأى العام المحلى ويسبب توجيه انتقادات إلى المجلس العسكري والمشير حسين طنطاوى».
في حديثه عن العلاقة المميزة بين مصر والملكة العربية السعودية، وصف أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري الأسبق الأمير سعود الفيصل بأنه أحد أذكى الوزراء الذين عمل معهم، وأكثرهم خبرة.
مساندة المجلس العسكري
وعقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك وتولي المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي، إدارة البلاد في مصر عقب ثورة 25 يناير، كانت العلاقة تشهد صعودا وهبوطا بين السعودية ومصر.
ولكن أساء النشطاء إلى العلاقات المصرية السعودية، ففي أبريل 2012 قام عدد من النشطاء بمظاهرات أمام السفارة السعودية احتجاجا على إلقاء الأمن السعودي القبض على المحامي أحمد الجيزاوي واتهامه بحيازة عقاقير مخدرة، وقررت الرياض غلق سفارتها بالقاهرة وقنصلياتها بالإسكندرية والسويس واستدعاء سفيرها أحمد عبد العزيز قطان للتشاور، على خلفية المظاهرات.
حكم الإخوان
كشفت وثيقة «منسوبة» للدبلوماسية السعودية نشرها موقع «ويكيليكس» أن وزير الخارجية السعودي السابق، «سعود الفيصل»، حذر من تبعات فوز «محمد مرسي» برئاسة مصر على استقرار الأردن، حث العاهل السعودي الراحل، «الملك عبد الله بن عبد العزيز» على التدخل.
وثيقة، التي اطلع عليها «الخليج الجديد» على موقع «ويكيليكس»، كانت موجهة من «الفيصل» إلى العاهل السعودي الراحل ينقل له فيها مضمون تقرير أعده السفير الأردني في القاهرة بشأن الموقف في مصر بعد انتهاء الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية، التي أقيمت يومي 23 و24 مايو 2012، وأسفرت عن جولة إعادة بين «محمد مرسي» و«أحمد شفيق».
وتضمن التقرير التوقع فوز «مرسي» بالرئاسة، وتولى «خيرت الشاطر»، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، منصب رئاسة الحكومة؛ ما يؤدي «لتقوية موقف الإخوان بالمطالبة بالتعديلات الدستورية التي تحد من صلاحيات رئيس الجمهورية»، بحسب الوثيقة.
ورأى التقرير أن وصول الإخوان للحكم سيؤدي للعب مصر دورا أكثر حزما ضد النظام السوري، كما سيجعل العلاقة تضطرب مع الأردن، وقد تؤثر على اتفاقية الغاز الموقعة بين مصر والأردن، بالإضافة للاستفادة المعنوية للإخوان المسلمين في الأردن من فوز أقرانهم في مصر.
دعم ثورة 30 يونيو
وكان سعود الفيصل الداعم بشكل قوي لثورة 30 يوينو خاصة لدى دوائر صنع القرار في الدول الغربية وذات الثقل السياسي، فجال سعود الفيصل في عواصم العالم، لتوضيح حقيقة الوضع في القاهرة ودعم إرادة المصريين، أتت أقوى صورة له حينما وقف في 19 أغسطس 2013 أمام قصر الإليزيه وبجواره رئيس فرنسا فرانسو هولاند ليعلن أنه تم الاتفاق مع باريس على دعم خارطة المستقبل في مصر، وقال: "اتفقنا مع فرنسا على إعطاء خارطة الطريق في مصر فرصة لتحقيق الأمن والانتخابات المبكرة"، مضيفا أن "ما تشهده جمهورية مصر العربية الشقيقة اليوم يعبر عن إرادة 30 مليون مصرى في 30 يونيو، معربين عن رغبتهم في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو الأمر الذي أدى إلى اجتماع كافة القيادات والقوى السياسية والاجتماعية للإعلان عن خارطة طريق جديدة تقود مصر لبر الأمان، بعد أن رفضت الرئاسة السابقة الاستجابة لرغبات الملايين من الشعب المصرى.
وعقب انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلن وزير الخارجية سعود الفيصل، بأن السعودية ستعوض أي مساعدة تتوقف عن مصر، في إشارة للولايات المتحدة.
مدرسة دبلوماسية
وقال عنه وزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية: "إن هذا الرجل الفاضل لو كان مثله من العرب ألف، قطعًا سنكون في وضع أفضل.. إن مدرسة الفيصل تتسم بالتعقل البالغ والآراء الرصينة القوية.. كان قويًا حين يحتاج الأمر إلى القوة وكان إنسانًا حين يحتاج الأمر لمواقف إنسانية، وكان دبلوماسيًا إذا احتاج الأمر لمواقف دبلوماسية وكان خبيرًا إذا احتاج الأمر لخبرته".