رئيس التحرير
عصام كامل

الصحافة وحرية العمالة والجهالة!


ربنا لا تؤاخذنا بما فعل صحفيون سفهاء جهلاء منا.. ويا دولتنا لا تؤاخذينا بما فعل داعش فينا!

وقف قطاع عريض من الصحافة المصرية الإلكترونية والورقية، موقفا ناهض المشاعر الوطنية لدرجة التناقض، في وقت لا يجوز فيه النشاز، ولا يجوز فيه الخلاف، فما بالك حين تصير هذه النوعية الصحفية والإعلامية بوقا غبيا وبغبغانًا خبيثا، يردد في سماجة وفجر، بيانات العدو ضد جيش مصر، في عز المعركة!


قبيل حرب أكتوبر ٧٣، كتب محمد حسنين هيكل سلسلة مقالات بعنوان "تحية للرجال"، تناول فيها الأهوال التي ستواجه الجندي المصري إذا عبر قناة السويس، من نابالم، وساتر ترابي، وخط بارليف الحصين، ومدافع حصد الأرواح، وتركت هذه المقالات الغبية أثرا معنويا سيئا جدا في نفوس القادة والضباط والجنود وعموم الشعب؛ لأنها خدمت العدو وعظمت آلته الحربية وأحبطت قواتنا.. عزل السادات الكاتب معدوم الحس!

ولقد وقع شيء من تلك البلادة والفجاجة وضمور الإدراك المهني في جماعة الترويج لبلاغات داعش، عن هزيمة الجيش في معركة الشيخ زويد، وهو ما أحبط المشاعر الوطنية.

استقى أغبياء المهنة وجهلتها، معلوماتهم من صفحات العدو الإرهابي الإخواني، ومن قناة الجزيرة العميلة للشر، ومن وكالات أنباء أجنبية، ليس لها مراسل واحد في مسرح العمليات.. على الفور تناقلوا اختطاف "داعش بيت المقدس" جنودا مصريين، وعلى الفور تسابقوا في خطف الثواني؛ ليسجلوا أنهم أول من بث مقتل ٦٤ جنديا، صاروا بعد قليل ٧٤، ونقلوا صورا لعلم داعش على الشيخ زويد.

لم ينتظروا البيان العسكري الوطني، رغم أن المعركة دائرة، سلموا أنفسهم ومهنتهم وأقلامهم وخيالهم ورغباتهم للعدو.. حين يعمل الإعلام في خدمة العدو، يصير عدوا هو الآخر!.. وحين ينكشف كذبه وجهالته، ينكسر رأسه وكرامته وهيبته أمام الناس، ويفقد عموده الفقري ورأس المهنة الصلب، ألا وهي المصداقية.

يصير عندئذ إعلاما خائنا أو خائبا أو غبيا كاذبا.. ففيم إذن ثورة العائلة الصحفية، ولن أردد تعبيرا مقيتا اسمه الجماعة الصحفية؟!

أنثور على المادة ٣٣ في قانون مكافحة الإرهاب، المقيدة لحرية بث الجهل والكذب والغباء والرعونة؟!

العائلة الصحفية لا تثور ضد حماية الوطن، ولا ترغب في صحافة جاهلة رعناء، بل تخشى تماما، التوسع في الفهم والتنفيذ!

لا يوجد صحفي حقيقي، وطني، مهني، يطلب أو يرغب في التقييد على المهنة.. إذ لا كتابة أصلا والقلب يرتجف، والقلم يتسكع، حائرا خائفا من السجن والحبس والمرمطة.. بالضبط كالطبيب الذي لن يفتح قلبا ليعالجه ويشفيه وهو مهدد بالسجن إن مات المريض!

بالطبع، لا تتسبب الصحافة في مقتل مريض، بل تتسبب الصحافة الغبية والعميلة والخائبة الجاهلة في مقتل وهزيمة أمة بأكملها.. ليس مطلوبا أيضًا الطنطنة والمناصرة وتمجيد الحاكم وتقديس أعماله، وغض النظر عن أخطاء وخطايا الحكومة ومؤسساتها؛ لأن هزيمة يونيو ٦٧ كانت نتيجة لقمع حرية التعبير.. أيضًا، حرية العمالة قادت إلى ما نحن فيه بعد ٢٠١١!

أي مادة مقيدة لحرية التعبير سوف تصطدم بالدستور وتسقط فورًا، وأيضًا أي خادم صحفي لغير مصلحة بلاده سوف يرتطم بقاع صندوق القمامة على قارعة الطريق المصري.. فلنحافظ على حريتنا بنزاهتنا، لا بجهالة وعمالة بعض الأقلام.

مع حرية الصحافة المسئولة، لا عن صحافة العمالة، أدافع، وأواصل الدفاع.
الجريدة الرسمية