نجيب محفوظ يكتب: الصبر سمة الشخصية المصرية
فى عدد خاص من مجلة "الهلال" عام 1960 عن سمات الشخصية المصرية كتب الأديب نجيب محفوظ مقالا قال فيه:
إن أكثر مايميز الشخصية المصرية هو قدرة المصرى على الصبر على المصائب أيا كان نوعها اجتماعية أو سياسية، وهو يتفوق فى ذلك على شعوب أخرى كثيرة، فهو يعتبر أن المحن التى تمر به هى "مكتوب" عليه. لكن مع ذلك فإن التاريخ المصرى لا يخلو من ثورات وتمردات لاتعد ولا تحصى".
وتابع:" وهذا فى رأيى يرجع إلى طبيعة هذه المنطقة من العالم ولجغرافية المكان والتاريخ أيضا .. فنحن نسكن واديا منبسطا ليس فيه جبال مثلا، وتاريخ المصرى مرتبط بالزراعة التى اكتشفها قبل غيره، والزراعة هى أم الصبر وهى تختلف تماما عن المجتمع الصناعى الذى يعود جزء من نجاح أى عمل فيه إلى اختصار فترة الإنتاج بحيث يأتى الربح بأسرع ما يمكن، أما فى الزراعة فكل شيء بأوان".
وأضاف "محفوظ" في مقاله:" والمصرى أيضا متدين جدا، وربما كان ذلك لأنه فى فترات انتظاره الطويلة والتى فرضت عليه ألوانا من الصبر ووجد أن عليه أن يفكر فى الكون وفى الخليقة وفيما بعد الموت.. وهذا هو باعث التدين، لأنه وجد فى الدين الإجابة على جميع أسئلته.. لماذا أحب ؟ولماذا أموت ؟ وإلى أين أنا ذاهب ؟ كما أن المصرى إنسان وفى إلى أبعد درجة، وتاريخه مليء بما يشهد على ذلك".
وواصل:"إنى أجد أن روح الفكاهة من الخصائص الأساسية للشخصية المصرية، فلا شك أن الإنسان الذى لديه صبر الانتظار فإن روحه تكون سمحة تميل إلى الدعابة، وقد وجد الكاريكاتير على جدران بعض المقابر القديمة ليؤكد لنا أن روح الدعابة التى يتمتع بها المصرى الآن تعود إلى أجداده القدامى، واستعان المصرى فى عصور القهر بالنكتة السياسية كوسيلة سلمية لمقاومة ظلم الحاكم ،كما أن الفكاهة تساعد المصرى على تحمل بعض متاعبه الشخصية مثل محدودية الرزق وباقى مشاق الحياة اليومية".