الإرهاب ومستقبل الإخوان.. تفاصيل إحباط مخطط إشعال حرب أهلية في مصر.. «عبد الغفار الدويك» يكشف: الإخوان وضعت 5 سيناريوهات لحرق البلاد برعاية أمريكية.. و«حادث رفح» بداية محاولة أخونة
«الجيش أحبط مخطط إشعال حرب أهلية في مصر، والقضاء على الإرهاب يحتاج إلى أكثر من عامين»، هذا ما أكد عليه الخبير الاستراتيجي الدكتور عبد الغفار عفيفي الدويك، خلال مقال له يحلل فيه لأوضاع السياسية في مصر تحت عنوان «الثورة والإرهاب – مستقبل الجماعة»
وقال الدويك: "انقضى عامان على ثورة 30 يونيو التي وُلِدَت من رحم 25 يناير، وخلال العامين كانت الجهود الرئيسية تركز لتحقيق هدف أكبر ألا وهو الأمن والاستقرار من خلال التصدي لللإرهاب، والمحصلة أن الهدف في سبيله للتحقيق برغم العثرات والخسائر".
ورغم أن القضاء على الإرهاب مسئولية قومية مشتركة بين الشعب والحكومة، إلا أن هناك العديد من الأوصياء، تحت بند الخبراء، يرون أن هناك تقصيرًا من جانب الحكومة، خصوصًا بعد استشهاد النائب العام، ووقوع عمليات إرهابية في سيناء، والحقيقة أن عامًا أو عامين ليسا كافيين لتقيم أداء حكومة، وقد تكون مبررات النقد أن سقف الطموحات كان أكبر من المدى الزمني وندرة التمويل المتاح.
وتابع: "على أية حال إن رصد مستقبل الثورة يمكن طرحه في ظل ثلاثة محددات، الأول أن الثورة كانت مغامرة في ظل مؤامرة دولية على مصر والمنطقة، والثاني هو صعوبة تقييم الأوضاع في فترة زمنية قصيرة، والثالث أن الدعم الدولي والإقليمي للإرهاب مستمر ويعرقل الاستثمارات الأجنبية الراغبة في العمل في مصر رغم ما صدر من قوانين محفزة قبل المؤتمر الاقتصادي الأخير".
حوار مجتمعي
وأضاف: "وهناك حقيقتان يجدر الإشارة إليهما، الأولى أن رؤية المؤسسة العسكرية، ومؤازرتها لثورة 30/6، تضمنت البدء بالحوار وعقد مؤتمر شاركت فيه غالبية القوى السياسية، فجاءت خريطة المستقبل طوق نجاة للأمة بأسرها، ورغم ذلك لم يتوقف الغرب عن الهجوم غير المبرر على القيادة المصرية، وتأجيل صفقات السلاح ورفض تمويل البنك الدولي لمشروعات مصرية، ورغم أنه في هذه الأثناء تم صياغة دستور وطني عالج الكثير من العوار الدستوري الإخواني، ونجحت الجهود العربية بقيادة السعودية في إجلاء الكثير من الأمور دفاعًا عن مصر وسياستها".وأوضح: "أما الحقيقة الثانية فهي أن استراتيجية الإخوان هدفت إلى إدخال الحكومات المتعاقبة في معارك وهمية تجبر كل الأطراف على الارتباك، وشعارهم «لا حل ولا استقرار إلا بحكم الإخوان» واستخدمت الجماعة ذراعها الإرهابية الكامنة، التي عملت على نشر الفوضى، ظنًا منهم أنهم قادرون على حرق البلاد، وهذا ما رفضته المؤسسة العسكرية وتصدت له".
اختطاف مصر
وتابع "كان هدف استراتيجية المؤامرة الدولية، تمكين الإخوان من اختطاف مصر "الثورة والسلطة" عبر خمس سيناريوهات، الأول هو وضع كل العراقيل أمام العدالة الانتقالية لتعجز الثورة عن تحقيق أول أهدافها، الثاني هو فوضى الشارع المصري وترسيخ معاناة المواطن اليومية من رغيف الخبز إلى المرور، إلى المطالب الفئوية وغيرها بحيث يكون الخيار الوحيد للمواطن هم الإخوان المستترين بعباءة الدين، الثالث وهو العنف ضد كل مَن يخالفهم وقد كان ذلك مدخرًا لمرحلة لِمَا بعد الاستيلاء على السلطة، إلا أن الجناح المتشدد تعجل بخبرته الإرهابية مرتديًا قناع الثورة وكان السيناريو الرابع بعد استيلاء الإخوان على السلطة فتوحش الإرهاب برعاية أمريكية، في معادلة إقليمية داعمة للإرهاب وتداخلت بعض من هذه السيناريوهات في العديد من بلدان الخريف العربي".وأشار إلى "في مصر كشفت التحقيقات عن أن الحرب الأهلية كانت هي السيناريو الأعظم باستشارة أمريكية أعد له الإخوان بعد الإفراج عن المعتقلين من الإرهابيين في عفو أصدره مرسي بولاية مرشد الجماعة ومنح الآلاف من المرتزقة الإرهابيين جوازات سفر، وصدرت لهم الأوامر بإعادة التمركز في سيناء التي أكدت كافة التقارير الأمريكية اللاحقة أنها كانت ضمن صفقة أكبر لإقامة ولاية إسلامية تمهيدًا لبعث الخلافة الوهمية".
حادث رفح
وأوضح: "كان حادث رفح علامة استراتيجية هامة في تاريخ الإخوان الإرهابي الأسود الكاشف عن تواطئهم مع عناصر إرهابية في غزة، واستباحة دماء جنودنا الأبطال على الحدود، وتنفيذًا لمصالح أمريكية هدفت إشغال جيش مصر عن مسئولياته، وفي أوج تنفيذ السيناريو الرابع بدأ الإخوان تنفيذ السيناريو الخامس من لحظة الإعلان المبكر عن فوزهم بانتخابات الرئاسة وهو أخونة كل مرافق الدولة للسيطرة على مفاصلها وتنفيذًا للسيناريو الأمريكي الأكبر وهو خريطة جديدة للشرق الأوسط".وتساءل دويك: "السؤال يحمل في طياته إجابة ورسالة وهو ماذا لو تحققت الأهداف الإخوانية برعاية أمريكية؟ الثورة كانت الإجابة والرسالة أنه لا حوار مع إرهابيين وخونة، حيث كانت تهديدات أغلب أعضاء مجلس شورى جماعة الإرهاب تصب في خانة واحدة إما أن يكونوا أو لا تكون مصر، كانت تلك استراتيجيتهم تاريخيًا منذ حرق القاهرة 1952م وأزمتيّ 1954م، 1965م مع الدولة، وعندما جاءتهم فرصة الممارسة السياسية تحركوا بصلف وغرور شوفانية غير مسبوقة، ناهيك عن سياسة أخونة الدولة فولوا الجهلة والهراطقة والأميين سياسيًا، وبعد فض اعتصاميّ رابعة والنهضة، عادوا مجددًا إلى سيرتهم الأولى منذ تأسيس الجماعة الإرهابية برعاية السفارة البريطانية واستعانوا بالسفارة الأمريكية لتقديم النصح والمشورة".
السيسي يتحدث
وأكد: "هذا ما كشف عنه الرئيس السيسي في أحد لقاءاته مع رجال القوات المسلحة، في إجابته عن تساؤل يؤرق الغرب، لماذا حسم الجيش المصري الموقف وانتصر للشعب في صراع الإرادات مع الإخوان، فكان رده أنه إنقاذًا لمصر وإفشال سيناريو الحرب الأهلية التي أرادتها قوى أجنبية لإخراج مصر وجيشها من معادلة القوة في الشرق الأوسط".وتابع: "الحديث عن المستقبل هو بطبيعة الحال صراع بين التنوير والظلامية، فالتنوير مستمر لن يتوقف منذ أن قال أخناتون إله واحد أمين، ولكن هل يندحر الإرهاب وتخبو الإجابة تاريخيًا، ولن يتوقف إلا بعد هزيمة ساحقة يطول شرارها من دول تدعمهم إقليميًّا ستسقط قيادتها التي يحركها الغرب، ندرك أن جماعات التطرف والإرهاب بعد هزيمتها ستبدأ مرحلة جديدة من العمل تحت الأرض وهي الكمون الثالث للتنظيم بعد كمون الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي لتطل علينا بخبرات العائدين من داعش بعد أن دحرنا أفكار وأيدلوجية العائدين من أفغانستان".
وأضاف: "الكمون الثالث لجماعات الإرهاب هو الأخطر؛ لأنه سيكون مستترًا تحت عباءات متعددة الأطياف ليس الدين فقط، وقد بدأ مع هروب قيادات الإخوان إلى العديد من البلدان، حيث تقييم تجربتهم الفاشلة وتصعد قيادات جديدة شابة متطرفة إلى سُدة إدارة التنظيم وتكتب مؤلفات دينية جديدة نواتها «إدارة التوحش»".
رعاية أوباما
وأضاف: "سوف تكون رؤية مستحدثة لإرهاب «طالبان، والقاعدة، وحزب الله، وداعش» بآليات وتقنية شبكات الإعلام الجديد، ولما كانت هذه المرحلة سرية للغاية وروافدها في الخارج مع التنظيم الدولي للإرهاب ولن تغيب عنها الرعاية الأمريكية، لكنه ليس من الصعب تتبعها واختراقها، بالإضافة إلى أنه في كل مرحلة من التجارب السابقة التي مر بها الإخوان كانت هناك خلايا نائمة يتم إيقاظها في لحظة تاريخية ضد الدولة لإثبات الوجود وكان أغلبهم من أساتذة الجامعات الذين يجندون شباب الجامعة خصوصًا القادمين من القرى والنجوع، كما وأنه لن تكف جهودهم ومحاولاتهم لاختراق الأجهزة الأمنية التي كانت يقظتها ووطنيتها سببًا في فشل مشروعهم، ولمَّا كان لا نهاية لتاريخ التطرف والإرهاب".وأكد: أن "قيادتنا الأمنية واعية وهم مستعدون لإدارة مستقبل التطرف والإرهاب القادم خلال عقود ومن جديد ولمَّا كان الأمن الوطني له مهام الأشد خطورة وأكثر صعوبة، والمواجهة الأمنية جزء من الاستراتيجية فلا ينبغي أن ندع مواجهة التطرف، تشغله عن مهامه الرئيسية في تأمين البلاد والعباد، خصوصًا وأن المعركة مع التطرف والإرهاب ستطول وأدواتها ستتغير، فالأمر جلل وخطير ويتطلب إنشاء هيئة وطنية لمكافحة التطرف والإرهاب، من خلال استراتيجية مستدامة ترصد التطرف الديني ونماذجه المستحدثة، المطلوب إلى جانب استراتيجية التنمية، والاستعداد لإخوان جدد قد يطلون علينا قبل عام 2040م".
وتابع: "يبقى الأمل في شباب مصر وقيادته المنتخبة التي ستصعد بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة عندما تتحول الطموحات إلى سياسات تنطلق منها استراتيجية تليق بمصر وتضحيات شعبها".
غدًا: تحليل خاص عن السيناريو الأمريكي الأسود.