رئيس التحرير
عصام كامل

دولة ضاعت يا أولاد الحلال!


فى ظروف غير غامضة، اختفت الدولة تماما.. نبحث عنها ولا نجدها!
مدينة بورسعيد يفترسها الغضب الشديد منذ شهور ولا مسئول واحد تحرك أو فتح الله عليه بكلمة واحدة لترضية أهل بورسعيد واحتواء غضبهم.. بل ظل يسقط من هؤلاء الضحايا يوما بعد الآخر.


والمظاهرات والاحتجاجات تعم مدنا عديدة مثل المنصورة والمحلة وطنطا والجيزة والقاهرة، على مدار أسابيع ولا أحد يتحرك لمعرفة ماذا يريده هؤلاء المحتجون.. بل على العكس يلقى على المحتجين بالاتهامات بأنهم بلطجية أو فى أحسن الأحوال تم التغرير بهم وشراؤهم ببضعة مئات من الجنيهات.

والحرائق تشتعل فى مواقع عديدة داخل العاصمة وخارجها، ومواقع ومراكز تتعرض للحصار ويتوقف العمل فيها، وطرق تقطع يوميا بشكل مستمر ولا أحد يفعل شيئا وكأن ذلك يحدث فى بلد غير مصر أو كأن ذلك صار قدرا لا فكاك منه.

والاقتصاد المصرى يختنق ويتعرض لمأساة والأزمات الخانقة تطحن المواطنين الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة ولا أحد يفعل شيئا لإنقاذهم من أزمات طاحنة يتعرضون لها.

وجزء عزيز من أرض الوطن هو سيناء، يتعرض للضياع ولخطر الإرهاب الذى استوطنها متخفيا تحت اسم الجهاد ومستخدما أنفاقا لا توجد إرادة سياسية لإغلاقها ومع ذلك لا نسمع سوى مجرد كلمات جوفاء لا جدوى منها تتحدث عن ضرورة حمايتها ولا تقترن بأفعال حقيقية.. فحتى الآن لا نعرف من قتل جنودنا فيها خلال شهر رمضان.

والعصيان يصيب جهاز الشرطة، وتتوقف أقسام ومراكز ومعسكرات للأمن المركزى ويخرج ضباط وأفراد الشرطة فى مظاهرات واعتصامات يطالبون بإقالة وزير الداخلية ولا مسـئول واحد من الله عليه بتصريح واحد يوضح فيه ماذا ستفعل الدولة تجاه هذا العصيان.. أما الوزير الذى لم يعد مقبولا من رجاله فإنه يصر على استفزازهم بتعهداته باستمرار وزارته على سياساتها.
وهكذا.. لا وجود للدولة فى مصر الآن.. لقد اختفت بفعل فاعل وبشكل مخطط.. وهذا الفاعل ليس مجهولا بل هو معلوم لنا جميعا إنهم من يحكموننا الآن.

فهؤلاء لا يثقون فى الدولة المصرية، ويرون أنها خصما لهم يريدون التخلص منه حتى يفرضوا سيطرتهم الكاملة على البلاد.. إنهم الذين خرجوا علينا بالاصطلاح المستورد من تركيا وهو مفهوم الدولة العميقة والذى استخدمه الأتراك لترويض المؤسسة العسكرية لديهم بل إن هؤلاء لا يؤمنون أصلا بفكرة الدولة الوطنية المصرية ولا يخفون نواياهم بالسعى لتحقيق دولة الخلافة الإسلامية التى تذوب فيها مصر مثلها كبقية الأقطار الإسلامية التى يريدون السيطرة عليها.

لذلك.. فإن ما يحدث من تقويض وانهيار لأجهزة الدولة لا يزعج هؤلاء مثلما يزعجنا.. بل إنه يسرهم ويطمأنهم على الاقتراب من حلمهم القديم بإقامة دولة الخلافة.. وبالتالى لن ينقذ هؤلاء دولتنا الوطنية.. نحن المطالبون بذلك.
الجريدة الرسمية