صالح زيدان.. ثعلب الصحراء «بروفايل»
توفى صالح زيدان أشهر دليل وقصاص أثر في الصحراء الغربية عن عمر يناهز 92 عاما ليدفن بمقابر أهله وأسرته بقرية الدهوس بواحة الداخلة بمحافظة الوادى الجديد.
يعتبر زيدان العالم السرى للصحراء الغربية من قرية الدهوس بالداخلة، عمل كدليل في هيئة المساحة المصرية وعين بها عام 1959 في يوم 21 ديسمبر، وهو رفيق العالم المصري الأمريكى فاروق الباز في رحلاته وأبحاثه العلمية في الصحراء الغربية، حتى أن الباز كان يخاطبه قبل كل زيارة إلى الصحراء الغربية، وهو أقدم دليل صحراء في الواحات، يطلق عليه السائحون "ثعلب الصحراء، لكثرة الرحلات التي قادها في طرق ودروب خطرة، عمل دليلا منذ خمسينيات القرن الماضى حتى أصبح مرجعا للجهات الأمنية التي تسترشد به في مشكلات عديدة كان أبرزها مشكلة اختطاف السياح في منطقة كركوك بالجلف الكبير عام 2008، كما عمل في البعثة الجيولوجية المصرية حتى بلوغه سن المعاش فازداد خبرة ومعرفة أكثر بالصحراء.
وأكد حفيده "حسين" والذي يعمل في مجال تنظيم رحلات السفارى، أن جده ليس دليل أو قصاص أثر عادى فشهرته تخطت الحدود حيث ساهم في قيادة البعثات الأجنبية والعربية والمصرية لاكتشاف أسرار الصحراء الغربية العظيمة وكنوزها، حتى أنه مطلوبا بالاسم ومعروفا لدى كل البعثات الوافدة على الواحات.
وآخر ماقاله "زيدان" لوسائل الإعلام كان العام الماضى حين تم استهداف كمين الكيلو 100 بمدينة الفرافرة، حيث أشار إلى أنه لا يخشى الصحراء بل أنه يستأنس بها لأنه تربى منذ صغره داخل الدروب والكهوف الصحراوية، وتعرف على الطرق والممرات داخل الصحراء بحكم عمله في البعثة الجيولوجية وعن طريق سفره بالجمال داخل تلك الصحارى.
وأكد أن جميع الطرق عبارة عن مدقات ومن الممكن أن تأتى الرياح وتغطى جميع المعالم الطبيعية التي يسلك منها، إلا أنه يحظى بحدس القلب وفراسة شديدة للتغلب على عوامل التعرية من أجل سلك الطريق الصحيح كما أعطى عدة نظريات حول استهداف الأكمنة وكيف يتسلل إليها الإرهابيون وأهم المدقات التي يسلكونها.
«محمد على يمانى» أحد المؤرخين بواحدة الداخلة، أكد أن الحاج صالح زيدان لم يكن رجلا عاديا فكان أشهر علماء الفضاء بجامعة بوسطن الأمريكية يصطحبونه معهم في رحلاتهم داخل الصحراء الغربية، فضلا على أن قوات الأمن والجيش كانت تستعين به كثيرا في حالة وجود أي مشكلات أو فقدان تائه في الصحراء مشيرا إلى أن حياته سطرت كثيرا من الإنجازات بين احضان الجبال والدروب كما كانت مليئة بالأسرار عن دروب وخفايا الصحراء، من أجل اقتصاص الأثر ومعرفة الطرق عن طريق النجوم وظل الشمس.
وأضاف "يماني"، أن زيدان كان قيمة تاريخية كبيرة ومرجعا عملاق، فهناك عدة مواقع زارها زيدان قبل أن تخطو إليها رجل البشر، وذُكر اسمه في عدة أبحاث وكتب أجنبية عالمية كواحد من الذين ساهموا في الاكتشافات، مشيرا إلى أن لقب "ثعلب الصحراء" ناله من خلال رحلاته داخل الدروب الصحراوية الخطيرة والمدقات خصوصا بمناطق الجلف الكبير والصحراء البيضاء وأبو بلاص.
وأوضح أن الراحل حتى بعد بلوغه سن التسعين لم يكل أو يتعب، وكان يرافق الوفود السياحية في رحلاتها داخل الصحراء بشكل دائم مؤكدا أن الواحات فقدت قيمة علمية وتاريخية كبيرة.