رئيس التحرير
عصام كامل

بائع الموز


هناك تجارب عديدة تؤكد أن الحديث عن عودة الاقتصاد المصرى إلى أقوى مما كان عليه أمر ليس صعب المنال بشرط الاستفادة من تلك التجارب والبدء فورًا فى عملية الإصلاح، لأن مصر لا تحتاج عبقريًّا أو ملهمًا، ويكفيها بائع الموز مهاتير محمد، الذى زرع مليونَى نخلة بعد توليه السلطة، فأصبحت ماليزيا رقم 1 فى تصدير وإنتاج زيت النخيل، أو عامل الورشة لولا دى سيلفا، الذى حوّل البرازيل من دولة مفلسة مديونة للبنك الدولى بـ20 مليارًا إلى دولة دائنة له بـ14 مليارًا، لتصبح البرازيل ثامن أكبر قوة اقتصادية، أو غاندى الرجل البسيط الذى سجّل للهند أعلى معدل نمو فى العالم فقط بالتعليم، كلهم حقّقوا المعجزة دون عبقرية.


نمور آسيا، الاقتصاد الإيرانى المحاصر، الحصان الماليزى، القطار التركى، الأسد البرازيلى، الدب الروسى.. كلها مرّت بنفس الظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى الآن، فلكل منها حكاية بدأت بأزمة طاحنة وانتهت بمسيرة اقتصادية مذهلة، لا سيما أن كل تلك الدول استطاعت أن تحقّق فى وقت قياسى معدلات نمو أذهلت العالم كله، من خلال تبنيهم عددًا من الآليات المشتركة وغير التقليدية، مستندة إلى منظومة فكرية قيّمة، تؤمن بقدسية العمل وأهمية التخطيط، مثل تعظيم الموارد البشرية والاستفادة من الثروات الطبيعية، وأعادت توزيع الثروات على الفقراء وسحق البيروقراطية ومحاربة الفساد وتحسين مناخ الاستثمار والاعتماد على النفس.

بالإضافة إلى تشجيع استقدام الاستثمارات الأجنبية، حيث قفزت معدلات تلك الدول إلى مستويات غير مسبوقة، وفى زمن قياسى، حيث استطاعت النمور الآسيوية استعادة عافيتها من جديد بعد عام من الأزمة الشهيرة التى ضربت دول شرق آسيا فى 1997، خصوصًا ماليزيا التى حقَّقت أعلى معدلات نمو فى الإقليم بعد تبنّيها قاعدة توزيع الثروة على الفقراء والعمل وفق هدفين، هما الجودة والتصدير.

كذلك الاقتصاد البرازيلى الذى وصل إلى حافة الإفلاس منذ سنوات، لكن الوضع الآن اختلف تمامًا وباتت البرزايل من أهم وأقوى دول أمريكا الجنوبية، ناهيك بالاقتصاد التركى المتوقّع له أن يكون الأقوى على مستوى النمو فى القارة العجوز أوروبا خلال العقد المقبل، والاقتصاد الروسى الذى يتعافى بسرعة الصاروخ، حتى سنغافورة الصغيرة التى تتربع الآن على عرش مؤشرات الحرية الاقتصادية، أصبحت من أهم مناطق نقل البضائع والخدمات فى العالم، من هنا يمكن القول إن مصر لا تحتاج إلى طائر نهضة.. هى فقط بحاجة إلى مَن يكتشفها.

Makled10@yahoo.com

الجريدة الرسمية